يعيش أكثر من 6 ملايين مصري بالعديد من دول العالم وعلي الرغم من هجرة هؤلاء بالخارج إلا أنهم في النهاية مصريون أي جزء لا يتجزأ من نسيج المجتمع المصري، وينبغي إيجاد آليات لتواصلهم مع وطنهم الأم. يقول هاني عزيز - مستشار وزيرة القوي العاملة لشئون المصريين في الخارج أن هناك تواصلاً قوياً بين المصريين في الخارج والوطني الأم. فالمهاجرون الذين هاجروا في السبعينيات او الثمانينيات بشكل دائم إلي أمريكا واستراليا دائمو التواصل مع الوطن أما عن الهجرة المؤقتة كهجرة العمال والمهنيين والأطباء والمهندسين هؤلاء بالطبع كان اتجاههم الأساسي إلي بلاد الخليج للعمل ويأتون إلي مصر في الإجازات أو المناسبات وهذا يعد بالتأكيد نوعاً من التواصل. لافتاً إلي أن المؤتمر الأخير الذي عقدته وزارة القوي العاملة للمصريين في الخارج في أغسطس الماضي والذي ناقش أوضاعهم قد لاقي نجاحاً كبيراً ورد فعل حيث حضره ما يقرب من 600 مهاجر وعدد كبير من الوزراء والمسئولين وهذا بالطبع يدل علي مدي التواصل والاهتمام المتبادل من الجانبين سواء من المصريين في الخارج أو من جانب الدولة. ويشير إلي أن التواصل فيما يتعلق بمجال الاستثمار من أبرز جوانب التواصل بشكل مادي وقد يتضح هذا الأمر في عدد كبير من المصانع التي تم إنشاؤها في الفترة الأخيرة في الصعيد فأصحابها مصريون كانوا مقيمين في الخارج قرروا العودة للاستثمار في بلادهم كنوع من رد الجميل للوطن ومساعدة أهلهم إلي جانب اهتمام الدولة بهذه الخطوة حيث تم توفير الدعم المناسب لهؤلاء المصريين واعطاؤهم أراضي لإقامة مشروعاتهم بتسهيلات لا مثيل لها.. كما أن هناك العديد منهم يقوم بتقديم تبرعات فهناك 14 سيارة اسعاف وجهاز أشعة مقطعية تم إهداؤها من هؤلاء المصريين كما يقوم عدد من الأطباء، المصريين المقيمين في ألمانيا وهولندا بالتواصل مع قطاع الصحة في مصر من خلال تنظيم مجموعات علاجية تأتي لعمل عمليات في المستشفيات المصرية المختلفة أو إجراء جراحات حساسة كعمليات القلب المفتوح.. ويضيف أن قطاع الهجرة بالوزارة عقد مؤتمراً للعلماء المصريين، المهاجرين بعد نجاح المؤتمر الأول للتعرف علي أوضاع المهاجرين بشكل عام في الخارج لتحقيق مزيد من التواصل. من جانبه يقول د. مجدي عبد الحميد - رئيس الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية: تواصل المصريين في الخارج ليس بالشكل المطلوب مع الوطن في حين أن تواصلهم مع أهاليهم غالباً ما يكون قوياً وهذا ناتج عن أن دافعهم الأساسي نحو السفر هو تحقيق ذاتهم من خلال عمل مناسب أو إكمال دراستهم بشكل جيد. وعندما يقرر بعض المهاجرين في الخارج العودة مرة أخري أو الاستقرار في البلد مرة أخري أو إقامة مشروع استثماري فغالباً مايصطدم بالواقع والروتين والبيروقراطية التي تعاني منها بعض الجهات الحكومية مما يجعله يصرف نظر ويقرر العودة والاكتفاء بزيارة قصيرة للأهل والأقارب.. فيما تري د. أماني عبد الرحمن - أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر أن ضعف التواصل بين المصريين في الخارج والوطن الأم يعود إلي كون العديد منهم وبالأخص المهاجرين إلي دول أوروبية وبالتحديد الجيل الثاني والثالث أي الذي ولد وتربي ببلد المهجر إلي اعتيادهم علي نمط العلاقات السائدة في المجتمع الغربي من ضعف العلاقات الاجتماعية والتي تؤدي إلي نوع من العزلة أو الانغلاق علي نفسه مع أسرته الصغيرة التي يعيش معها أما زملاء العمل والجيران فهي علاقات محدود للغاية وغالباً ما يتواصل هؤلاء المصريون مع أقاربهم من خلال شبكة الإنترنت التي أدت إلي تقريب المسافات وبالتالي لم تعد هناك مشكلة لهم فيما يتعلق بالبعد الاجتماعي كما يعتقدالبعض بأنه بتواصله مع أقاربه دوره انتهي من ناحية وطنه لأن هؤلاءالأقارب والأهل هم الوطن بالنسبة له. تقول ثناء عز الدين أستاذ علم الاجتماع بجامعة المنوفية إن أشكال التواصل تختلف من شخص لآخر حسب درجة انتمائه للبلد فهناك من اضطرته الظروف للسفر للخارج وبالتالي يكون ناقماً علي الأوضاع الموجودة بالبلد ولا يتردد في انتقاد الشأن الداخلي وآخرون سافروا لتحسين أوضاعهم أملاً، في العودة مرة أخري وعمل مشاريع متنوعة، وهذه الفئة تكون أكثر تواصلاً مع ذويهم لمعرفة الأوضاع الداخلية للبلد وخاصة فرص الاستثمار والأمن العام. لافتة إلي أن معظم المصريين في الخارج لا يرغبون في العودة مرة أخري أو المخاطرة بعمل مشاريع استثمارية خوفاً من الخسارة ويقتصر تواصلهم مع الوطن للاطمئنان علي ذويهم. ويستكمل د. حمدي عبد العظيم رئيس أكاديمية السادات سابقاً أن تواصل المصريين بالخارج محدود بسبب عدم معرفتهم بفرص الاستثمار في البلد أو الأوضاع الداخلية، ويقتصر التواصل علي تحويل الأموال والودائع إلي ذويهم من خلال البنوك، كما أصبح دور الجمعيات المختلفة لرعاية المصريين بالخارج مقصوراً علي حل مشاكلهم هناك وليس تحقيق التواصل مع وطنهم وبتحقيق التواصل يري د. حمدي: لابد علي وزارتي القوي العاملة والاستثمار الحصول علي بيانات المصريين هناك وامدادهم بالنشرات التي تهتم بأخبار مصر والاستثمار بها. وتفتح جذور التواصل معهم من خلال استقبال شكواهم والعمل علي حلها، إضإفة إلي أهمية دور الجامعات في دعوة العلماء الذين حققوا تقدماً علمياً لتدريس الطلبة ويشاركون في الندوات والمؤتمرات ونقل خبراتهم المختلفة في المجالات الجديدة مثل الاستشعار عن بعد والطاقات النووية، إضافة إلي دور الالسفارات في تجميع الجاليات المصرية وعمل مناقشات حول قضايا مثارة.. داخل مصر وعمل احتفالات في المناسبات المختلفة.