في الجمعة الماضية خصصت وزارة الأوقاف خطبة الجمعة في معظم المساجد ومنها الجامع الأزهر للحديث عن الفقر في إطار الحملة العالمية للوقوف ضد الفقر التي تنظمها منظمة الأممالمتحدة من يوم 16 إلي 18 من الشهر الجاري حيث جاءت الخطبة كدعوة للمجتمع إلي التراحم فيما بين أفراده بمعاونة الفقير وتقديم يد العون له. وبالصدفة شاهدت عقب معرفتي بخبر خطب الجمعة في أحد البرامج الفضائية تقريراً ولقاءات بمنطقة العصارة بالنزهة بحي مصر الجديدة ورأيت فيها دموع الفقر وأساه يزحف علي أشخاص لا يملكون في دنياهم سوي أربعة جدران لا يغطيها سقف ولا يغلق عليها باب يعيش فيها أطفال وعجائز يتعففون من السؤال يشكون حالهم لخالقهم لا يريدون سوي أن يعيشوا مثل البشر لا الحيوانات حيث الحشرات والفئران والثعابين. وكم آلمني حديث طفلة تبتسم وهي سعيدة بكاميرا التليفزيون وتقول: الناس كلها حلوة بس نفسي أعيش أنا وبابا وماما في شقة« بينما اعتصرت نفسي عجوز جاوزت الثمانين لا تملك من الدنيا سوي ابن وحيد لا يعمل إلا في جمع الكارتون والبلاستيك من القمامة وتأكل ما يأتي به لها ولسان حالها والدموع تنذرف من عينيها الحمد لله« وكأن الفقر ألجمها والحياء يمنعها من الطلب وأحسست وقتها أن الكلام ليس هو الحل إننا بحاجة إلي أن نزرع الرحمة في قلوبنا حتي تندفع جوارحنا إلي بذل ما في وسعنا لمساعدة هؤلاء الفقراء. ليس من الإسلام أن نري من بيننا من لا يهمه سوي تحصيل المال والجاه ولا ينظر إلي هؤلاء بالمساعدة وأتساءل لماذا تصرف ملايين وآلاف في مهرجانات واحتفالات من هيئات وشركات ومؤسسات بينما لا يصرف ولو مليون واحد لانتشال 2000 فرد هم مجموع الأسر التي تعيش في مزبلة« تسمي العصارة بلا مأوي ولا مياه ولا صرف ولا كهرباء؟ وأين محافظة القاهرة من مأساة هؤلاء البشر أليسوا مصريين يستحقون العون والحياة بعيشة كريمة؟ وأين أموال الزكاة من هؤلاء لماذا لا تذهب إليهم من الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي تظل تعلن خلال شهر رمضان عن قبولها الزكاة فتجمعها ونظل نري من يستحقونها لا يأخذونها لاستعفافهم؟ إننا بحاجة إلي عمل خيري حقيقي يتقي الله في زكاة المسلمين في مصر ويبحث بجدية عمن يستحقونها ليس بصرف رواتب شهرية وإنما بمساعدة من لا يجدون من الفقراء ليعيشوا كبشر وبمساعدة من لا يجدون من يعولهم بعمل وقف لهم يساعدهم علي العيش ويفكر لهم في أعمال شريفة منها لقمة عيشهم. وختاما.. نناشد كل محافظ وبخاصة محافظ القاهرة أن يعيد النظر في حياة من يعيشون أدني من الحيوانات بلا مأوي ولا مشرب ولا حياة كريمة بدلا من أن ننتظر الأممالمتحدة لنتفق معها علي أيام لمواجهة الفقر علينا أن نسير بتعاليم ديننا لننقذ أطفالنا وشيوخنا وعجائزنا من أنياب الفقر المدقع الذي يأتي علي صاحبه بالمرض واليأس من كل شيء.