علق كثيرون في أنحاء متفرقة من العالم علي قرار لجنة نوبل بمنح جائزتها للسلام 2009 للرئيس الامريكي باراك أوباما بأنه غير جائز لأن الجائزة تمنح في ضوء ما حققه مستحقها من خطوات في هذا الميدان وليس بسبب ما قيل من خطاب ومبادرات.. وفي أمريكا تباينت الآراء والتوجهات بين منحاز لمنحها للرئيس الأمريكي رغم أنه لم ينجز شيئاً بعد في هذا الخصوص ، وبين متنبئ بأنها ستحفزه علي بذل أقصي ما في طاقته ليكون جديرا بها ، وبين رافض لها لأن اللجنة النرويجية خرجت عن الاطار العام لمنحها.. في إسرائيل قالوا إن أوباما لا يستحق الجائزة.. وقالوا إنها أصبحت تمثل دفعة مؤجلة لحساب فاتورة العمل من أجل السلام.. وقالوا إنها خَفضت من قيمة السلام العليا التي تبحث عنها شعوب العالم.. وقالوا إنها أضحت عنواناً علي الفشل.. واتفقوا علي أن انتفاء مشروعية استحقاقه لها يرجع أولاً وأخيرا إلي فشله علي مدار تسعة أشهر في "تحقيق السلام الذي يتوافق مع احتياجاتها".. اعتبر جدعون ليفي (هاآرتس 11 اكتوبر) أن قرار تقديم الجائزة تحت شعار الدفع المؤجل "عجيب إن لم يكن غريباً".. فأعضاء اللجنة النرويجية في نظره "باردون ومتظاهرون" خرجوا عن المتفق عليه منذ سنوات طويلة، والفائز بها "أسود طليق اللسان ساحر مثير للإطباع باذل للوعود" لكنه ليس قادراً علي صنع السلام "لأنه يتفاوض مع إيران ويتقارب مع سوريا ويتبادل التحيات مع جوشافيز وينفتح علي كوبا ويتسامح مع كوريا الشمالية ويلغي منصة صواريخ شرق أوروبا".. يقول الكاتب إن اللجنة إذا كانت تقصد منحها له باعتباره الرئيس الأمريكي الذي وعد بتغيير سياسات بلاده وبتحسين لغتها وصورتها لدي العالم "فهو مستحق لها عن جدارة" بشرط ان يغيروا مسماها إلي "جائزة النوايا الحسنة" لأن سجله طوال الاشهر الماضية يدل علي انه "لم يوفق في مهمته"!!.. وبينما يحذر الكاتب الرئيس الأمريكي من عواقب خضوعه للعبة لي الاذرع التي يمارسها بنيامين نتانياهو والتي جعلته غير "مستحق لتاج السلام الذي حصل عليه من اوسلو"، يؤكد له ان التصميم السياسي الذي يكفي لعلاج قضايا مثل افغانستان والعراق لا ينفع مع حكومته ويطالبه صراحة بممارسة الضغط عليها واستغلال عزلتها "حتي يتمكن من تحقيق سلام في الشرق الاوسط، وبذلك فقط يصبح مستحقا للجائزة التي حصل عليها".. أما يعقوب احيمئير فيقارن (إسرائيل اليوم 11 اكتوبر) بين الرئيس الأمريكي وأمريكيين آخرين حصلا علي نفس الجائزة قبله: رالف بانش الذي توصل لعقد اتفاقات هدنة بين إسرائيل وجيرانها بعد إعلان قيامها عام 1948، وجيمي كارتر الذي نجح في عقد اتفاقية سلام بينها وبين مصر، ويتساءل: ماذا قدم أوباما لإسرائيل" لا شيء".. ويري الكاتب من هذا المنطلق ان قيمة الجائزة بهذه الكيفية تدنت وتحولت إلي مُنتج ساهم عملياً في "تخفيض القيمة العليا للسلام وجعلها مرادفاً للخطابة والهزل" ويختم كلامه مستفهما" فهل هذا هو حلم مؤسس الجائزة ألفرد نوبل ؟؟ ".. "اللا شيء" الذي قدمه أوباما يفوق عند المحلل السياسي الإسرائيلي حصاد سياسات الرئيس الأمريكي رونالد ريجان (1981 - 1989) الذي قادت سياسته "الحكيمة المتشددة ضد الخصوم" إلي انهيار سور برلين وتوحيد أوروبا وقيام أوروبا الحرة، فالأول فاز بجائزة نوبل للسلام بعد تسعة أشهر من الإفلاس السياسي.. أما الثاني فلم يرشح لها برغم ما حققه من إنجازات ما زالت مستقرة حتي اليوم.. أما الصحفي اليكس فيشمان فيقول صراحة (يديعوت 11 اكتوبر) أن السلبيات التي قوبل بها الرئيس الأمريكي في العالم العربي هي التي مهدت له الطريق إلي الجائزة.. رفضت السعودية التطبيع مقابل تجميد المستوطنات.. ورفضت سوريا المقترحات الأمريكية الخاصة بالجولان.. وزاد النفوذ الايراني في لبنان وقطاع غزة.. اليكس الذي أفاض قلمه في وصف الجائزة "بأنها أضحت عنواناً علي الفشل" يتفاخر بأن حكومة بلده نجحت في تقليم أظافر جورج ميتشيل وحولته من "فارض أجوف لوجهة النظر الأمريكية" إلي "متلمس حذر للمقترحات الإسرائيلية".. وجعلت من زياراته المكوكية إلي المنطقة جولات ضبابية" تنتج ثرثرة وراء ثرثرة دون ان نري طحيناً"..