د. إيريني ثابت كنت بالأمس قد استعرضت بعض الأسباب التي تجعل الأزواج يتركون زوجاتهم من وجهة نظر أحد الرجال.. واليوم أستكمل استعراض بقية الأسباب التي يسوقها والتي نتفق معه في بعضها ونختلف في غيرها.. ويقول الكاتب إن أكثر الأسباب سطحية هو ما يقوله بعض الأزواج من أنهم تركوا زوجاتهم (مثل أصدقائهم)! أي أن الزوج يترك زوجته لأن صديقه طلق زوجته.. وهو موقف - في رأيي - نادر الحدوث ولا ينبغي مناقشته علي أنه قاعدة عامة.. ولكن (اختلاف نوعية الحياة) لأحد الزوجين عن الآخر هو سبب جدير بالمناقشة.. إذ يقول الكاتب إن تغيير نوعية الحياة ومكانها لأحد الزوجين قد يؤدي إلي مشاكل في العلاقة بين الزوجين.. وهذا صحيح إلي حد بعيد، فالزوج الذي يسافر بعيدا عن زوجته للعمل في بلد آخر تتحول علاقته بزوجته وأبنائه إلي علاقة الغريب الضيف الذي لا يعيش معهم.. وغالبا ما تتأثر العلاقة بين مثل هذين الزوجين حتي علي مستوي التفاهم واتخاذ القرارات.. إذ إن الطرف الغائب غالبا ما يستبعد رأيه، ويعتاد الطرف المستقر مع الأبناء علي اتخاذ القرارات الأسرية وحده مما يؤثر علي شخصية الطرفين وعلي التفاهم بينهما.. وعلي نحو آخر قد تختلف نوعية الحياة لطرف من الطرفين دون سفر ولا غياب عن الأسرة.. فقد يترقي في وظيفته أو ينتقل إلي عمل آخر يرفع مستواه الاجتماعي ويعرفه علي أصدقاء مختلفين اجتماعيا وأسريا عما اعتاده وعما تعود عليه شريكه في الحياة.. والمسألة هنا لا ترتبط بالرجال وحدهم، بل قد تتغير حياة الزوجة عمليا واجتماعيا ولا يسايرها زوجها، أو تتغير حياته هو ولا تسايره زوجته المنشغلة بالأسرة والأبناء مثلا.. وتغير أو تطور حياة طرف دون الآخر تؤدي إلي انعدام التفاهم، كما قد يسود جو من التعالي بسبب هذا التغيير وبالتالي تصعب الحياة بينهما.. ولا يقل سبب (الأنانية) خطورة عن غيره من الأسباب التي تؤدي لا إلي فشل العلاقة الزوجية فحسب، بل إلي فشل أي علاقة إنسانية لمثل هذا الشخص الأناني.. وفي الزواج تظهر الأنانية في اهتمام أحد الطرفين بعمله ومتطلبات هذا العمل ومواعيده وكل ما يجب ولا يجب بذله من أجل العمل حتي يترقي أو يأخذ فيه مكانة أكبر دون النظر إلي الطرف الآخر ومتطلباته ومصلحته وعمله، ودون مراعاة لمسئوليات الأسرة.. وتجد هذا واضحا عندما تُسَخّر الأسرة بكاملها لمصلحة الأب أو الأم.. وتؤدي هذه الأنانية غالبا إلي نفور الطرف الآخر وإنهاء الحياة الزوجية بينهما.. ومن الأسباب الخطيرة لفشل العلاقة حتي بين خطيبين، وقبل أن يصلا إلي الزواج (عدم قراءة الشخصية) بطريقة صحيحة.. إذ يعتمد البعض علي موقف واحد إيجابي للطرف الآخر فتعمي عيونهم عن بقية مواقفه وتصرفاته ويتحمسون له بصورة فيها الكثير من المبالغة، ثم تأتي مواقف حياتية أخري تظهر فيها السلوكيات الحقيقية فيستنير الطرف الآخر ويبتعد وينهي العلاقة.. وما زالت هناك أسباب أخري..