تنبيه عاجل لطلاب المرحلة الأولى بتنسيق الجامعات 2025    انطلاق تصويت المصريين بالخارج فى انتخابات مجلس الشيوخ.. تجهيزات ل137 لجنة في 121 دولة    وزيرة التنمية المحلية تفتتح مجزر مدينة الحمام المطور بتكلفة 35 مليون جنيه    فى الذكرى 69 لتأميمها.. الفريق أسامة ربيع: تأميم القناة استعاد السيادة الوطنية على شريانها الاقتصادي.. قناة السويس أثبتت ريادتها رغم التحديات وليس لها بديل.. ونعمل على توطين صناعة السفن والوحدات البحرية.. فيديو    الشئون النيابية والزراعة: طرح تعديلات قانون التعاونيات الزراعية لحوار مجتمعى قريبا    يشهد أيامه الأخيرة، توفيق عكاشة يكشف أمرا خطيرا لنظام الشرع في سوريا    وزير الخارجية الألمانى يتوجه إلى إسرائيل والضفة الغربية    لاعب مانشستر يونايتد السابق ينقذ رجلا من الانتحار (فيديو)    الأهلي والزمالك وبيراميدز في الصورة، من يخطف المهاجم الفلسطيني عدي الدباغ؟    زويل والطيور المهاجرة!    مصرع عنصر جنائى شديد الخطورة هارب من إعدام فى اشتباكات مع الأمن بالجيزة    10 صور ترصد عرض "استدعاء ولي أمر" بالمهرجان القومي للمسرح    رئيس وزراء السويد: الوضع في غزة مروع ويجب تجميد الشراكة التجارية مع إسرائيل    صور الأقمار الصناعية تشير إلى تكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة على مناطق متفرقة    ننشر حركة تنقلات ضباط المباحث بمراكز مديرية أمن قنا    منصة "كوين ديسك": ارتفاع قيمة العملات الرقمية المشفرة بعد خسائر أمس    محلل فلسطينى: من يشكك فى الدور المصرى فضحته مشاهد دخول شاحنات المساعدات إلى غزة    هل انقطاع الطمث يسبب الكبد الدهني؟    تقارير تكشف موقف ريال مدريد من تجديد عقد فينيسيوس جونيور    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات والتداولات تقترب من 2 مليار جنيه    يديعوت أحرونوت: نتنياهو يوجه الموساد للتفاهم مع خمس دول لاستيعاب أهالي غزة    ماذا يتضمن مشروع القانون في الكونجرس لتمويل تسليح أوكرانيا بأموال أوروبية؟    «لافروف» خلال لقائه وزير خارجية سوريا: نأمل في حضور الشرع «القمة الروسية العربية الأولى»    تفحم شقة سكنية اندلعت بها النيران في العمرانية    خلال يوم.. ضبط عصابتين و231 كيلو مخدرات و 58 قطعة سلاح ناري خلال يوم    تنسيق جامعة أسيوط الأهلية 2025 (مصروفات ورابط التسجيل)    البابا تواضروس أمام ممثلي 44 دولة: مصر الدولة الوحيدة التي لديها عِلم باسمها    فيديو.. طارق الشناوي ينعى لطفي لبيب: اقرأوا له الفاتحة وادعوا له بالجنة    محمد رياض يكشف أسباب إلغاء ندوة محيي إسماعيل ب المهرجان القومي للمسرح    عروض فنية متنوعة الليلة على المسرح الروماني بمهرجان ليالينا في العلمين    حرام أم حلال؟.. ما حكم شراء شقة ب التمويل العقاري؟    صفقة تبادلية محتملة بين الزمالك والمصري.. شوبير يكشف التفاصيل    الصحة: حملة 100 يوم صحة قدّمت 23 مليونا و504 آلاف خدمة طبية مجانية خلال 15 يوما    استحداث عيادات متخصصة للأمراض الجلدية والكبد بمستشفيات جامعة القاهرة    محافظ الدقهلية يواصل جولاته المفاجئة ويتفقد المركز التكنولوجي بحي غرب المنصورة    الشيخ أحمد خليل: من اتُّهم زورا فليبشر فالله يدافع عنه    مواعيد مباريات الخميس 31 يوليو 2025.. برشلونة ودربي لندني والسوبر البرتغالي    طريقة عمل الشاورما بالفراخ، أحلى من الجاهزة    الزمالك يواجه غزل المحلة وديًا اليوم    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الخميس بالأسواق (موقع رسمي)    خلال زيارته لواشنطن.. وزير الخارجية يشارك في فعالية رفيعة المستوى بمعهد "أمريكا أولًا للسياسات"    الصيدلة 90 ألف جنيه.. ننشر مصروفات جامعة دمنهور الأهلية والبرامج المتاحة    خالد جلال يرثي أخاه: رحل الناصح والراقي والمخلص ذو الهيبة.. والأب الذي لا يعوض    اليوم.. بدء الصمت الانتخابي بماراثون الشيوخ وغرامة 100 ألف جنيه للمخالفين    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    النتيجة ليست نهاية المطاف.. 5 نصائح للطلاب من وزارة الأوقاف    رئيس قطاع المبيعات ب SN Automotive: نخطط لإنشاء 25 نقطة بيع ومراكز خدمة ما بعد البيع    ذبحه وحزن عليه.. وفاة قاتل والده بالمنوفية بعد أيام من الجريمة    مجلس الآمناء بالجيزة: التعليم نجحت في حل مشكلة الكثافة الطلابية بالمدارس    البورصة تفتتح جلسة آخر الأسبوع على صعود جماعي لمؤشراتها    استعدادا لإطلاق «التأمين الشامل».. رئيس الرعاية الصحية يوجه باستكمال أعمال «البنية التحتية» بمطروح    أمين الفتوى يوضح آيات التحصين من السحر ويؤكد: المهم هو التحصن لا معرفة من قام به    المهرجان القومي للمسرح يكرّم الناقدين أحمد هاشم ويوسف مسلم    تويوتا توسع تعليق أعمالها ليشمل 11 مصنعا بعد التحذيرات بوقوع تسونامي    اليوم.. المصري يلاقي هلال مساكن في ختام مبارياته الودية بمعسكر تونس    الأحكام والحدود وتفاعلها سياسيًا (2)    "بعد يومين من انضمامه".. لاعب الزمالك الجديد يتعرض للإصابة خلال مران الفريق    هذه المرة عليك الاستسلام.. حظ برج الدلو اليوم 31 يوليو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكتوبر73 .. الصور الغائبة

كنت قادما من الإسكندرية لأسجل قصة قصيرة في البرنامج الثاني، الثقافي الآن في الإذاعة المصرية. كنا نتقاضي في القصة عشرة جنيهات وكانت تكفي لشراء بدلة من الصوف الهيلد الإنجليزي ويفيض. كانت الرحلة بسيطة. مبيت عند أحد الأصدقاء في اليوم السابق ثم تسجيل القصة في صباح اليوم الثاني ثم الذهاب إلي مقهي ريش للجلوس بين من يتواجد من الكتاب المشاهير من جيل الستينيات ثم العودة إلي الإسكندرية.
في الليلة السابقة كنت ضيفًا علي صديق لي من الإسكندرية أصلا لكنه يعمل ويعيش في حلوان، ولا تسألني كيف كانت حلوان وقتها. تسألني؟. إذن خذ الإجابة، كانت جنة الله علي الأرض. وكعادتي حتي الآن لا أنام إلا متأخرا ظللت يقظًا أقرأ في كتاب معي.
أتذكر أنه كان كتابًا عن الأدب الأمريكي لا أذكر للأسف عنوانه.
وفي منتصف الليل خرجت إلي البلكونة استنشق هواء حلوان، لم يكن بردا بالنسبة لي أنا السكندري.
وفجأة سمعت ضجيجًا تحتي في الشارع ونظرت فوجدت عربات عسكرية فوقها جنود وعربات تحمل مدافع صغيرة فاندهشت ثم مرت بعض الدبابات فاندهشت أكثر وظللت علي دهشتي حتي اختفي المشهد أو انتهي وابتعد الصوت فوجدت نفسي أقول هل هي الحرب؟ وفكرت أوقظ صديقي أسأله لكني أشفقت عليه ونمت لأستيقظ حوالي العاشرة فلا أجده هو الذي يذهب إلي عمله مبكرًا كعادة كل العاملين في المصانع والشركات.
تركت البيت لأستقل المترو إلي باب اللوق ومن هناك إلي مبني الاذاعة والتليفزيون.
في إذاعة البرنامج الثاني سجلت قصتي وجلست قليلاً مع الكاتب والمترجم كمال ممدوح حمدي وفجأة حدث هرج كبير في الطرقات. ناس تجري وتهتف الله أكبر الله أكبر الجيش يعبر قناة السويس، الحرب قامت. لا أذكر ما جري بعد ذلك إذ بدا الجميع مشغولين فتركت المكان إلي مقهي ريش وهناك وجدت المرحوم نجيب سرور وسليمان فياض أمد الله في عمره وبعد قليل انضم أمل دنقل رحمه الله، ياإلهي أين ذهب الأحبة؟ وكان الحديث كله فرحًا وسعادة وأتذكر حتي الآن وأتخيل سليمان فياض وهو يحلل الشخصية الإسرائيلية وكيف سينتصر الجيش المصري أما نجيب سرور فحدث ولا حرج عن الألفاظ الجنسية التي وصف بها إسرائيل وما سيفعله الجيش المصري فيهم.
لم تكن هناك أي اخبار بعد عن اتمام العبور ولا عن الأسري الذين امتلأت بصورهم الصحف في اليوم التالي لكن السعادة كانت فوق الجميع هؤلاء الذين كانوا من أكبر معارضي السادات لتأخر الحرب.
كنا في رمضان وشارع طلعت حرب أمامنا والقهوة مفتوحة ليست مسيجة بالجدران كما هي الآن ونجيب سرور لم يفته ابدأ أن يعلق علي جمال النساء والفتيات العابرات امامنا، هذه التعليقات التي لم يكف عنها أبدًا بعد ذلك، بعد ان استقر بي الحال في القاهرة في العام التالي ورافقته كثيرا حتي مات يرحمه الله ولم تكن التعليقات علي النساء أبدًا نابية، كانت ما بين فرسة ومهرة وغزالة وليس أكثر.
عرفنا إنه في المساء سيجتمع المرحوم يوسف السباعي بالأدباء في دار الأدباء بقصر العيني ومن ثم وجدت إنه من الأفضل أن أظل في مقهي ريش حتي السابعة موعد الاجتماع. في المقهي اعرف أخبار الحرب.
في اجتماع الأدباء مع يوسف السباعي حدثت مناقشات حامية لأن عددًا من الأدباء كانوا علي خلاف معه ولا أذكر تفاصيل الكلام الآن لكن الخلاف كان علي صيغة بيان التأييد الذي يريده السباعي للسادات. كان هناك من يرفض ذلك أصلاً.
الاجتماع انتهي بالموافقة علي ارسال بيان التأييد للرئيس السادات ولا أذكر تفاصيله الآن. وفي هذا الاجتماع قابلت كمال ممدوح حمدي مرة أخري فأصر علي اصطحابي معه إلي البيت وكثيرا ما فعل ذلك من قبل وفي بيته في حجرة مكتبه فعل شيئا غريبا لم أره من قبل ولا من بعد.
كان هناك جهاز تسجيل كبير فيه راديو فأخذ يحرك مفاتيح الجهاز حتي صرنا نسمع الجبهة وما يدور فيها من قتال، أي والله، طبعا الأمر لم يكن واضحا كل الوقت لكن هذا ما حدث. بل استمعنا إلي بعض أصوات الجنود أو الضباط.
متأكد إنه لن يصدقني أحد لكن الذين يعرفون كمال ممدوح حمدي يعرفون مهاراته العجيبة في الكهربا والميكانيكا هو المتخصص في الأدب اليوناني. تركني كمال عند الفجر لأنام. في صباح اليوم التالي أخذت طريقي إلي الإسكندرية. كنت لا زلت أعمل في الترسانة البحرية وكان لي نشاط سياسي لابد أن يظهر الآن في شكل جماعات الدفاع المدني علي الأقل. والي شباب هذه الأيام فان السعادة التي كانت تمشي معنا بالليل والنهار كانت ملء السماء والأرض وصور الأسري الإسرائيليين كانت فرحة مصر كلها وأخبار الطائرات الإسرائيلية التي تقع ومشاهد استسلام الحنود الإسرائيليين.
انه المجد الحقيقي حين يتجسد علي الأرض حتي حين بدأت الثغرة وخطب السادات قائلا إنها عملية سينمائية مثل عملية خليج الأردين في الحرب بين ألمانيا وفرنسا أثناء الحرب العالمية الثانية صدقناه وبالليل أذاع التليفزيون المصري فيلمًا عن هذه المعركة ولم يكن الفيلم يشير إلي انها عملية سينمائية. كانت حربًا حقيقية بين الجيش الألماني والفرنسي لكننا صدقنا السادات.
أسوأ ماجري بعد ذلك هو أن السياسة أخذتنا بعيدا عن أمجاد هذه الحرب وها هو أخيرا مؤرخ إسرائيلي يقول إننا فعلا هزمنا إسرائيل وأن الثغرة كانت تمثيلية بالضبط كما قال السادات وفي كل عام للأسف الشديد يدور كلام كثير عن عظمة الحرب لكن لا تنشر أبدًا صور المعركة التي حررت كل المصريين من اليأس ولا أعرف لماذا لا يوجد حتي الآن أكثر من كتاب يوثق المعارك العظيمة بالصور.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.