منازل محاطة بالمياه.. مواطنون لا حول لهم ولا قوة، يقلبون أبصارهم ذات اليمين وذات اليسار وأخيرًا يتخذون قرارهم بالقفز من فوق حجارة وضعوها ليتجاوزوا مياه الصرف الصحي والبرك التي طفت عليها الطحالب وتطير فوقها الحشرات وتحيط بها أكوام من الزبالة والقاذورات التي تهدد حياة سكان الحي كله بالأمراض الخطيرة. كان ما سبق جزءًا بسيطًا من المشاهد التي سوف تعتاد رؤيتها يوميا في قري بشتيل وطناش وجزيرة محمد التابعة لمركز أوسيم بمحافظة 6 أكتوبر، هذا فضلاً عن انقطاع مياه الشرب باستمرار بسبب تهالك المواسير وانفجارها واختلاطها بطفح مياه المجاري، أعداد هائلة من المواطنين قد تصل إلي مئات الألوف يقطنون القري الثلاث لكنهم سقطوا من حسابات المسئولين والأجهزة المحلية.. وبينما تقف لتتابع الصورة بمزيج من العجب والاشمئزاز بأحد شوارع قرية بشتيل.. تفاجئك سيدة عجوز تكافح لعبور البرك والمستنقعات.. كادت تتعثر وتسقط لكنها استطاعت الحفاظ علي توازنها، رغم ما تحمله علي رأسها من خبز وما في يديها من شنط مليئة بالخضروات وما إن لاحظت كاميرات التصوير الخاصة بنا وهي تتابعها حتي صرخت تستنجد وتشكو إلي الله ثم إلينا حالها! تقول أم هشام والدموع تذرف من عينيها: أنقذونا من جراثيم وأمراض البرك التي أصابتنا وأولادنا.. لافتة إلي أن معظم سكان الشارع هجروا شققهم، أما أصحاب المحلات فقد أغلقوها وضحوا بأكل عيشهم وانصرفوا، ولكن أنا وأولادي ليس لنا مأوي أو اختيار آخر سوي البقاء وسط تلك المستنقعات حتي يخلصنا الله منها. محمد عطية من سكان القرية يقول: المنازل كادت تتهدم علينا لأن مياه الصرف الصحي تأكل في جدرانها ونستنشق روائح كريهة ومعظم المواطنين أصيبوا بفيروسات وأمراض خطيرة بسبب تراكم مياه الصرف وانفجار مواسير مياه الشرب، فضلاً عن أن القرية تفتقد معظم المرافق والخدمات ونستخدم مواصلات بدائية.. سيارات نقل تفتقد كل وسائل الأمان فهي متهالكة يقودها إما أطفال أو بلطجية أو متعاطون للمخدرات. وترجع جذور المشكلة وفقاً لكلام عماد عبدالمعز -من أهالي المنطقة- بعد أن تم افتتاح مشروع الصرف الصحي من قبل المحافظ منذ أربعة أعوام ماضية وأعلن فتحي سعد وقتها أنه تم الانتهاء من حوالي 90% من أعمال الصرف الصحي بالمنطقة ولم يتبق فقط سوي 10% من أعمال الصرف الصحي بالمنطقة وهي تركيبات الوصلات المنزلية. ولكن الواقع يقول إن أكثر من 50% من شوارع القرية لم يتم حتي الحفر بها لمد مواسير الصرف الصحي نحن نغرق في مياه الصرف ونعيش حياة غير آدمية. وتقدم أعضاء مجلس محلي 6 أكتوبر خلال الفترة الماضية بطلبات إحاطة عاجلة إلي المحافظ لإنقاذ القري من نقص المرافق الصحية وخروجها من خطة المحافظة لتطوير وتنمية المدن والقري التابعة لها. ويشير سمير شلبي رئيس الوحدة المحلية لقرية بشتيل إلي تلقيه مئات من شكاوي المواطنين يومياً بسبب غرق منازلهم بمياه الصرف الصحي موضحاً قيامه بالتعاون مع جهاز شبكات الصرف برفع جزء من المياه بعربات الكسح وتسليك بالوعات الصرف ولكن هذا الإجراء يتكرر يومياً دون فائدة بسبب عدم الانتهاء من اكتمال المشروع وخاصة تركيب الوصلات المنزلية. وأضاف أن عدد سكان القرية كبير للغاية ولكننا نعاني من نقص الامكانيات والخدمات التي تساعدنا علي حل مشاكل القرية. كما أن هذه المشكلة تتكرر بشارع جمال عبد الناصر ومتفرعاته والمدينة المنورة ومتفرعاته ومنطقة المسابك. وتمت مخاطبة مدير الجهاز التنفيذي لمشروع مياه الشرب والصرف الصحي أكثر من مرة بضرورة حل هذه المشكلة بخطاب رقم 38 صادر من الوحدة بتاريخ 2009/2/11 وخطاب رقم 134 بتاريخ 2009/4/23 بضرورة سرعة حل مشكلة الصرف الصحي بالقرية، حفاظاًَ علي سلامة المواطنين وإنقاذهم من التلوث البيئي وسلامة العقارات. كما تمت مخاطبة مدير الشركة المنفذة المقاولون العرب بعدة خطابات تفيد بضرورة استكمال عمل الوصلات المنزلية الخاصة بالصرف بخطاب رقم 27 بتاريخ 2009/2/5 . أما بخصوص منطقة المسابك فيوضح شلبي أنه قامت بتنفيذه شركة الأمل ولم يتم تسليم الخط حتي تاريخه بسبب سوء تخطيطه حيث لا يتجاوز عمق الخط أكثر من متر واحد مما أدي إلي طفح دائم للبالوعات أسفل الكوبري الدائري وغرق معظم الشوارع وتمت مخاطبة مدير الجهاز التنفيذي للصرف الصحي ومدير الهيئة بالعديد من الخطابات ولكننا لم نتلق أي رد حتي الآن!