بمبادرة من الدكتور زاهي حواس - منذ عدة أعوام - أصدر المجلس الأعلي للآثار مجلة للآثار الإسلامية في مصر، يتولي تحريرها الدكتور خالد عزب، الباحث المرموق في مجال الآثار، تحمل اسم مشكاة هذا في الوقت الذي فشلت فيه كلية الآثار بجامعة القاهرة أن تكون لديها مطبوعة دورية محكمة في هذا المجال، هذه المجلة، أعني مشكاة هي مطبوعة محكمة علمية، لها امتداد دولي، تضم هيئتها الاستشارية خبراء أجانب مرموقين من بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وعدد من البلاد العربية، وينشر بها باحثون عرب وأجانب بحوثًا ودراسات، وتصل إلي جميع أنحاء العالم، وتقوم الجامعة الأمريكية بتوزيعها. وبرغم ذلك لا تري لجنة الترقية العلمية بكلية الآثار أن الأبحاث المنشورة بهذه الدورية العلمية تصلح أساسا للترقية، لأنها لا ترقي إلي مستوي المجلات العلمية كما فهمت من أحد المتهمين بمسألة البحث العلمي في مجال الآثار. بالطبع هذه مفاجأة، ولكن قد يذهب البعض إلي القول بأن هذا شأن لجنة الترقية، وهذا تقييمها العلمي الذي لا منازع فيه، ولكن المفاجأة تتحول إلي علامة استفهام كبري في نهاية سؤال لا نود أن نطرحه، ونتركه لفطنة القارئ، عندما نعلم أن هناك مطبوعات أخري تصدر في السعودية مثل العصور، وأدوماتو تعتمد اللجنة العلمية للترقية الأبحاث المنشورة بهما كيف؟ المطبوعة الأولي، أي العصور تصدر عن شركة نشر خاصة هي دار المريخ للنشر، والثانية أدوماتو تصدر عن مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية، أي أن كلتا المطبوعتين لا تصدران عن هيئة علمية. بعض الآراء التي سمعتها تشير إلي أن بعض أساتذة كلية الآثار ينشرون أبحاثهم في المجلتين السعوديتين، ولذلك فهما قريبتان إلي قلبهم، والبعض الآخر أشار إلي وجود مصالح، لا داعي للخوض فيها لأننا لا نملك دليلا عليها، ولكن الموقف ذاته، إن صح، فهو يطرح العديد من علامات الاستفهام، الغريب أن هناك باحثين سعوديين ويمنيين ينشرون أبحاثهم ودراساتهم بانتظام في مشكاة وهناك من ذكر لي أن مشكاة تحتضن مقالات ودراسات عن الآثار القبطية، التي هي في النهاية جزء حيوي من الآثار المصرية علي اتساع عصورها، في حين أن المجلتين السعودتين بالطبع لا تنشران مقالات أو دراسات عن الآثار القبطية. بالطبع أنا لست باحثًا في الآثار، ولست معنيا بتقديم أبحاث إلي لجنة الترقية العلمية بكلية الآثار، لكني أطرح تساؤلات سمعتها من معنيين بالشأن، وفي قلوبهم حسرة، وتساؤلات غاضبة، أنقلها بدوري إلي المسئولين في كلية الآثار جامعة القاهرة علنا نسمع رأيا منهم حول هذا الموضوع، وقد يكون ذلك فاتحا لحوار ممتد حول حال المجلات المحكمة علميا في هذا المجال. مرة أخري أؤكد أنا لست باحثا في مجال الآثار، وليس في مقدوري الحكم علي رصانة المادة العلمية المنشورة في أي دورية تتناول الشأن الأثري، سواء كانت صادرة في مصر أو في السعودية أو في أي دولة أخري من العالم، لكن ملابسات الموضوع كما تعرفت عليه تثير تساؤلات، التي إن لم تصادف إجابات، فقد تتحول إلي اتهامات. أتمني أن يكون ما سمعته من أثريين محض افتراء، وأن يكون موقف اللجنة العلمية للترقية في كلية الآثار سليمًا، يستند إلي أسس علمية، ومنطق يمكن مناقشته، أما إذا كان الموضوع، كما ذكر لي البعض، مجرد مصالح، فإن الأمر قد يستدعي مناقشة جادة، وقد لا يكون رئيس جامعة القاهرة، أو المجلس الأعلي للجامعات بعيدا عنها. في انتظار رد كلية الآثار علي هذا التساؤل - ولا أقول اتهامًا- لأن من أسس الاتهام أن يكون بمقدور الطرفين التعبير عن وجهة نظر كل منهما بحياد وموضوعية، ونظرا لأنني استمعت إلي وجهة نظر طرف واحد فإنني أحتفظ لكلية الآثار، وللجنة العلمية للترقية بها بحق الرد، الذي أتمني أن يعيد لنا الثقة في الترقية العلمية بالكلية، والأهم في البحث العلمي ذاته.