زار بنيامين نتانياهو رئيس وزراء إسرائيل القاهرة أمس علنا.. وفق برنامج واضح.. وللنقاش علي أجندة تتمتع بالشفافية.. وتلك هي طبيعة الأمور.. في دولة مثل مصر.. تعمل بمنتهي الإفصاح.. ولا تخفي أسرارًا. لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي زار قبل أيام دولة عربية صغيرة سرًا.. حيث دارت أمور عديدة لم يتم الكشف عنها.. وهو ما تناقلته وكالات الأنباء.. ونشرته "روزاليوسف" في صفحة الشئون الخارجية في حينه.. وأعود إليه استنادًا إلي مصادر صحفية أخري ومصادر من نوع مختلف.. متسائلا: ما الذي جري في تلك الزيارة السرية للمسئول الإسرائيلي ولم تشأ تلك الدولة أن تكشف عنه حتي الآن؟ لقد قالت جريدة المنار المقدسية المستقلة في يوم 8 سبتمبر تقريرًا نسبته إلي مصادر عربية مطلعة بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي زار في الساعات الأخيرة السابقة علي النشر دولة عربية لا تقيم علاقات دبلوماسية مع تل أبيب.. حيث التقي زعيم تلك الدولة ومسئولين اثنين من دولتين عربيتين تواجدا في عاصمة الدولة المذكورة بهدف لقاء نتانياهو الذي رافقه خلال تلك الزيارة مستشار الأمن القومي عوزي أراد وسكرتيره العسكري مئير كليفي. وأضافت مصادر المنار أن هذه الزيارة تأتي غداة موافقة دولة عربية علي تطبيع العلاقات مع إسرائيل وأن نتانياهو كان معنيا بالقيام بتلك الزيارة قبيل بدء المبعوث الأمريكي جورج ميتشيل جولته في الشرق الأوسط اعتبارًا من يوم 10 سبتمبر والتي سوف تختتم بزيارة إسرائيل.. وقالت المصادر نفسها إن رئيس الوزراء الإسرائيلي سلم ممثلي الدولتين العربيتين في الاجتماع رسالتين إلي قيادتيهما شرح فيهما ضرورة التنسيق الأمني المشترك في مواجهة إيران. وفيما يبدو فإن نتانياهو قد زار دولة عربية مثيرة للجدل.. صغيرة الحجم سوف أرمز لها بالرقم( 11).. وقد قابل كبيرها.. ليس هذا فقط.. بل وعددًا آخر من المسئولين في الدولة.. وبالطبع في مقدمتهم وزير الخارجية.. حيث تم التطرق إلي سبل دعم العلاقات بين إسرائيل والدولة العربية التي نرمز لها بالرقم( 1 ) .. وإعادة التطبيع بينهما.. وافتتاح مكتب تمثيل تجاري في العاصمة.. ليس هذا فقط.. بل وأن تبذل هذه الدولة مساعي طيبة مع بقية دول العالم العربي عموما والخليجية خصوصًا لإقناعهم بفكرة التطبيع مع إسرائيل.. والهدف هو موازنة الدور الإيراني المتزايد في المنطقة وتعزيز تواجد إسرائيل بين دول المنطقة. ومن المثير أن تلك الدولة العربية لها علاقات جيدة جدًا مع إيران.. ولكن نتانياهو بحث فيها أيضًا أن تقوم تلك الدولة العربية بالترويج للتطبيع مع إسرائيل علي غرار ما تم سابقًا في عدد من المشاريع الزراعية والمالية في إثيوبيا وكينيا وجنوب السودان.. ترعاها وتمولها ظاهريا تلك الدولة العربية وتديرها إسرائيل فنيا علي المستوي الفعلي.. وهو ما ينطبق علي تعاون مماثل تقوم به إسرائيل مع كل من الولاياتالمتحدة والصين للعديد من دول حوض النيل وغرب أفريقيا. كبير هذه الدولة العربية لم يلبث أن قام بجهد من أجل تعضيد توجه نتانياهو.. وربما يكون قد أرسل بالفعل وزير خارجيته برسالة إلي كبير دولة مجاورة.. تدعم طرح نتانياهو الخاص بتعزيز التعاون الأمني والتطبيع والاستفادة من الخبرات والقدرات التي تملكها إسرائيل.. ومطالبة تلك الدولة بأن تبذل مساعيها لدي دولة ثالثة لإقناعها بايجابيات فكرة التطبيع مع إسرائيل. ولكن المسعي الذي بذلته الدولة المرموز لها بالرقم( 1 ) كان أن تلقي ردًا سريعًا من دولة عربية مؤثرة عبر الدولة العربية التي سعت إليها.. وهكذا كان أن قيل لقيادة الدولة التي زارها نتانياهو إن عليها أن تتوقف عن البحث عن أدوار تستهدف كسر القوي اللبنانية العربية التقليدية.. وأن عليها أن تتعلم من درس حرب غزة حين وقفت تساند إيران ضد دول المنطقة ومعتقداتها. هناك معلومات كثيرة في هذا السياق.. ولكني أتوقف عن ذكرها طالما أنني لن أذكر اسماء الدول بوضوح.. فالهدف ليس فضح الزيارات السرية وإنما معرفة أبعادها ولماذا هي سرية.. ومن ثم أعلق بما يلي من ملاحظات: 1 أليس هذا التصرف السري الغامض يناقض تحالفات تلك الدولة العربية المعلنة مع إيران.. وما هو مبرره في تلك الحالة.. هل تري تلك الدولة العربية أن الرياح سوف تنقلب علي إيران ومن ثم فهي تحدث تعديلاً في تحالفاتها.. أم إنها تريد أن تواصل دور اللعب علي التناقضات المتنوعة.. فجسورها ممتدة مع تنظيمات إرهابية في نفس الوقت الذي لها علاقة وطيدة مع الولاياتالمتحدة.. وبينما لها علاقات وثيقة مع إيران فإنها تسعي إلي تجديد علاقاتها القائمة سرًا مع إسرائيل ؟ 2 إلي متي تحاول تلك الدولة العربية أن تختلق لنفسها دورًا أكبر من حجمها.. خلال المتغيرات التي تلوح في الأفق.. عارضة أدوارها غير المؤهلة لها.. هادفة إلي مناطحة القوي العربية التقليدية.. ولماذا تبقي دومًا محاكية لنموذج حصان طروادة خارجة عن الإجماع العربي.. وقافزة عليه.. في توقيتات تخص مصلحة ما تظن أنه دورها ؟ 3 لم تعارض الدول العربية التطبيع.. ولكنها اشترطت للقيام به أن يكون ذلك في إطار المبادرة العربية للسلام.. والتي تشترط التطبيع جائزة للوصول إلي حل للقضية الفلسطينية.. فهل تريد تلك الدولة العربية أن تحدث اختراقا في مشروطية المبادرة.. أم أنها تقفز عليها برمتها.. وتقدم الجائزة لنتانياهو بلا ثمن؟ 4 ألا تعتقد تلك الدولة العربية أنها تستخدم من قبل إسرائيل في سبيل اصطناع ثغرة في الضغوط الأمريكية التي تواجهها من قبل واشنطن.. خصوصًا مع حرص نتانياهو علي أن يقوم بتلك الزيارة السرية قبل أن يصل ميتشيل إلي المنطقة ؟ 5 ألا ينبغي أن نتوقف جديا ومليا عند العبث الذي يمارس تحت لافتة تلك الدولة العربية في دول حوض النيل لصالح إسرائيل ؟.. ولن أضيف شيئًا بعد ذلك.