التجول بين الزراعات في توشكي أمر ممتع لي أولاً لأنني أكاد أكون الصحفي الوحيد المواظب علي زيارة المشروع الأمر الذي أتاح لي التدقيق في كل أنواع الزراعات أيضا فرز ما نجح من الزراعات وما لم ينجح بالإضافة إلي إمكانية معرفة من هي الشركات سواء الري أو الاستصلاح ذات الانجاز خاصة في ظل وجود قناعة لدي بأن الأعمال هي عنوان لدولاب العمل بمعني أن الأعمال المنفذة بشأن البنية الأساسية المطلوبة للزراعة سواء كانت استصلاحاً أو تسوية أو محطات رفع بكل بنودها توضح حالة كل شركة من الشركات المشاركة بالعمل في المشروع لذا وجدت نفسي أتنقل بين محطات الرفع علي الترع وهي لأعمال الشركات العامة للاستصلاح ومساهمة البحيرة وكوم أمبو وغيرها في توشكي مشروع قومي بكل المعاني وقصص نجاح وحالة من الرضا بين المشاركين في نجاح المشروع. في توشكي الزراعة استثمار بطيء الأمر الذي لا يجعله مادة جاذبة للإعلام وأيضا لرجال الأعمال أو الشركات ذات التوجه للربح السريع ولأن الأرض صحراوية وتحتاج لمصاريف متنوعة لا يتحملها أي رجل أعمال بسهولة لكي تصبح أرضا زراعية ونظراً لصعوبة المناخ برغم توافر المياه لدرجة أن الترع موجودة داخل الزراعات نفسها والكهرباء وهي تيرة غير متوافرة في مصر كلها خاصة أن هناك مشاكل بالنسبة للأرض الزراعية الجديدة بشأن المياه والكمية المطلوبة للزراعة. في توشكي أيضا مدينة سكنية متكاملة للعمال والمهندسين وناد للترفية ومركز للشباب علي مساحة عشرة فدادين ومركزاً صحي وفرن بلدي وغيرها من متطلبات الإقامة والاستقرار. مشروع توشكي هو أحد المشروعات الناجحة لكن هناك مشكلة حقيقية يجب حلها فوراً والتصدي لها بشجاعة فقد لاحظت أن وزراء حكومة د.أحمد نظيف أو عدداً منهم غير متحمس والدليل أن توشكي هو أحد أهم مشروعات تنمية جنوبالوادي وهو مشروع دخل حيز العمل والإنتاج حتي لو لم يتم بنسبة 100٪ لكن المشروع موجود وأصبح منتجا علي الأقل في المساحة التي تخص د.محمود محيي الدين وزير الاستثمار عن طريق شركة جنوبالوادي للتنمية الزراعية وهي إحدي شركات القومية للتشييد إحدي شركات وزارة الاستثمار.. الاستثمارات هناك تحتاج لفلوس ومجهود والأهم الإيمان بأن النتائج تحتاج صبراً ووقتاً لكن الملاحظ أن الحكومة نفسها التي نجحت عن طريق د.محمود محيي الدين وزير الاستثمار في الزراعة والإنتاج والبناء والتنمية هي في نفس الوقت التي أصابت الضرر بالمشروع بعد أن انقسمت حول جدواه والأهم أن الوزراء المفروض أنهم قادة حملة الاستثمارات والزراعة والحركة الاقتصادية تراجعوا في الدفاع عن المشروع أو علي الأقل تسويقة بين رجال الأعمال والناس والدليل أن رجل الأعمال الوليد بن طلال عندما حصل علي 100 ألف فدان وهو العقد الثاني في بيع الأراضي بعد عقد جنوبالوادي للتنمية الزراعية "توشكي" فضحنا الأمير وهاجمناه علي بطء استصلاح أرضه وكان من الضروري أن نجتمع مع الرجل ونسمع وجهة نظره خاصة أنه نجح في زراعة العنب وتصديره لكن بعض الوزراء في بلدي نكاية في زملائهم يحاولون تغذية تيار الهجوم علي الوليد بن طلال وتشويه صورته أمام الناس هذا الأمر أصاب رجال الأعمال بالخوف من تكرار السيناريو معهم.. هو ما أصاب خطة الحكومة لجذب رجال الأعمال للاستثمار في توشكي بخلل. ثمة قضية مهمة اتضح أن معظم رجال الأعمال المهتمين بالزراعة ما هم إلا مجموعة سماسرة وهي تسعي للربح السريع بالحصول علي الأراضي الصحراوية بحجة الزراعة ثم بيعها كفيللات وقصور ومنتجعات جولف وغيرها.. وهذه الفئة لجأت للحوار بالرصاص والبلطجة في وادي النطرون وحول الطريق الصحراوي وفي سهل الطينة. من الملاحظ أيضًا أن رجال الأعمال المهتمين بالشأن الزراعي الحقيقي ليس لهم أي وجود إلا بنسبة 15٪ من الموجودين علي الساحة. وال85٪ هم تجار الأراضي أو بالمعني الدقيق مافيا الأراضي الذين حولوها من زراعية إلي إسكان فاخر.. هؤلاء لا يهمهم السفر إلي توشكي للاستثمار هناك، لأن توشكي مجتمع زراعي وكل عوامل التنمية هناك تعتمد علي خلق هذا المجتمع من هنا أحجمت نسبة ال85٪ من السفر إلي توشكي والاستثمار هناك فمن هو رجل الأعمال المجنون الذي يذهب إلي توشكي لشراء أرض زراعية ويقوم بتطبيق هدفه بتحويلها لقصور وفيللات لن يجد مشترياً. هذا يوضح أن الوزراء الرافضين لمشروع توشكي أو علي الأقل الصامتين في هذا الشأن تتوافق رؤيتهم مع سماسرة الأراضي ممن يرفعون شعار التنمية الزراعية وهم "المخربون" لها. ثمة أمر أيضًا يدعونا للريبة بشأن برنامج الرئيس مبارك الانتخابي.. بخصوص الصعيد هناك حركة نجح فيها سامح فهمي وزير البترول بمد خط غاز الصعيد والتكثيف في البحث والاستكشاف بشأن البترول والغاز والمعادن.. ومشروع توشكي قائم لم أر إشارة إليه علي أن الحكومة نجحت عن طريق محمود محيي الدين في زراعة توشكي وإقامة مجتمع تنموي.. هذا الصمت يوضح الضباب الموجود علي عيون الحكومة في هذا الشأن. وإذا كانت الحكومة بالفعل تحاول جاهدة الالتزام ببرنامج مبارك من باب أولي أن تلقي الضوء علي نتائج المشروع وتضعه ضمن أجندة تنفيذ برنامج مبارك هذا الخلل ما بين الاعتقاد والواقع يجعلني حائرًا علي الأقل أشكك فيما يحدث! برغم محاربة عدد من الوزراء في حكومة د.أحمد نظيف للمشروع بالتزامهم الصمت وممارستهم لتجاهل ما يحدث من تنمية حقيقية ورفض معظهم السفر إلي هناك علي الأقل لتدعيم الكوادر التي اختلط عرقها بالأرض الصحراوية هناك.. خوفًا من الحرارة والظروف المناخية وامتزاج ملابسهم الفخمة بالتراب.. لكن اطمئنهم أن هناك استراحات وأماكن للتصوير. توشكي شأنها شأن مشروعات كثيرة انصرف عنها غير الجادين.. وسماسرة الأراضي والمهتمين بسرقة الأرض الزراعية لتقسيمها وبيعها كقصور ووزراء الشو وبائعي التصريحات علي الورق. أنا بدوري ما زلت مقتنعا بأن قيمة مشروع توشكي أنه زراعي 100٪ وأن عملية تجاهله مؤقتة.. وسوف يخدم بالفعل جنوبالوادي وهو أفضل ألف مرة من مشروعات أبلغونا بها منذ سنوات ولم تنفذ ومن باب أولي أن نسعي لمساعدة المشروع بكل الطرق كما فعل د.محمود محيي الدين وزير الاستثمار لأنه الوزير الأكثر جرأة من غيره. [email protected]