قبل أن ينفد رصيدنا.. نقطة مياه تساوي حياة.. حقيقة نعلمها جيدًا، وندركها أحيانًا.. ولكن لا نؤمن بها، ولا نعمل لها! في ظل انتشار ظاهرة هدر وتبديد الماء المستمر، خاصة في فصل الصيف.. لغة الأرقام تؤكد أن 30٪ من المياه المنتجة يوميا يتم هدرها وتبديدها.. وأن نصيب المواطن المصري انخفض إلي 675 مترًا مكعبًا سنويا.. ومن المفترض أن يكون الرقم ألف متر مكعب من الماء سنويا. فلمن لا يعرف فإن إجمالي حصة مصر من المياه يبلغ 60 مليون متر مكعب سنويا هي عبارة عن 55.5 مليار متر مكعب من مياه النيل وذلك بموجب اتفاقية دول حوض النيل عام 1959، بالإضافة إلي 4.5 مليار متر مكعب سنويا عبارة عن مياه جوفية عميقة. كما أن الدولة تتحمل 50٪ من قيمة استثمارات المياه في مصر بما يعادل 66 مليار جنيه تحملتها الدولة في السنوات الثلاث الماضية.. والمؤسف أننا نجد الأفراد المتعلمين أكثر إسرافًا من غيرهم في إهدار المياه، ولنا أن نعرف أن نسبة الفاقد من المياه والذي يضيع في رش الشوارع والإهمال وغسيل السيارات يصل إلي 8 ملايين متر مكعب بما يعادل 30٪ يوميا من إجمالي إنتاج المحطات الذي يصل إلي 27 مليون متر مكعب يوميا، وهذا الفاقد من المياه يكلف الدولة أكثر من 80 مليار جنيه تكلفة إنتاج محطات مياه صالحة للشرب. وإذا نظرنا إلي غيرنا فإننا نجد علي سبيل المثال الفرد في ألمانيا يستهلك 90 لتر مياه في اليوم بينما يستهلك الفرد في مصر 450 لترًا يوميا مما يشكل عبئًا ماليا علي الدولة ويزيد من معوقات الوصول إلي المثالية في إنتاج مياه الشرب. إن الأمر ببساطة ووضوح ينذر بالخطر.. فقد أصبحت مصر تحت خط الفقر المائي! وهذا معناه أننا مقبلون علي سنوات صعبة تستدعي تكثيف الجهود لإعادة النظر في تعاملنا مع المياه وكذلك تكثيف الجهود لنشر ثقافة الحفاظ علي الثروة المائية.. بدلاً من تبديدها وإهدارها بألف صورة. الأمر يتطلب تضافر جميع الجهود من أجهزة حكومية ومواطنين للحفاظ عليها ومما لا شك فيه أن اتباع الإجراءات الترشيدية المناسبة يساهم في تقليل الهدر وسوء الاستخدام مما يعني تخفيف الأعباء المادية علي المواطن علي الدولة في آن واحد، وتوفير كميات من مياه الشرب يمكن أن تلبي طلبات مستهلكين آخرين في الحاضر والمستقبل، فالترشيد في استهلاك المياه يصب في مصلحة الفرد والمجتمع علي حد سواء ويكفل المحافظة علي تأمين الحصص المائية للأجيال القادمة.