بدأت ملامح الصراع المحموم تتكشف للعلن بين الولاياتالمتحدة والهند وأستراليا من جانب، وروسياوالصين من جانب آخر، على وقع الاتفاقيات الأمنية بين عدد منهم وبين دولتى بابوا غينيا وجزر سليمان فى المحيط الهادئ اللتين تعدا موقعا أماميا لاستعراض القوة العسكرية فى آسيا. هذا التنافس أكدته الخارجية الروسية، أمس الأول الاثنين، محذرة على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماريا زاخاروفا، من أن واشنطن تسعى لاتخاذ الجزر نقطة انطلاق «لشن حرب». جاء ذلك بعد توقيع دولة بابوا غينيا الجديدة، التى حصلت على استقلالها من أستراليا عام 1975، والواقعة على خط «حزام النار» الزلزالى اتفاقا مع واشنطن يتيح للقوات الأمريكية الوصول إلى موانئها ومطاراتها. بكين رفضت دعوة واشنطن كما كشفه أيضا إعلان وزارة الدفاع الأمريكية، أن بكين رفضت دعوة وجّهتها لعقد لقاء فى سنغافورة بين وزيرى دفاع البلدين لويد أوستن ولى شانج فو. وجاء فى بيان للمتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية الجنرال بات رايدر، أن الصين أبلغت الولاياتالمتحدة برفضها دعوة «وجهناها فى مطلع مايو الجارى، لعقد لقاء هذا الأسبوع فى سنغافورة بين الوزير أوستن ووزير الدفاع الوطنى الصينى لى شانج فو». واعتبر رايدر أن رفض الصين «الانخراط فى محادثات عسكرية هادفة أمر مقلق، لكنه لن يضعف التزام وزارة الدفاع السعى لفتح خطوط التواصل مع جيش التحرير الشعبى». ووصف مسئول رفيع فى وزارة الدفاع الرفض ب»الأحدث فى سلسلة من الأعذار»، وقال إن «الصين اعتباراً من 2021، إما رفضت أو لم ترد على أكثر من 12 طلباً لوزارة الدفاع للتواصل بين القيادتين، وعلى طلبات عدة لحوارات دائمة، وعلى نحو 10 طلبات تواصل على مستوى فرق العمل». روسيا وقلق «شن الحرب» من جهتها، قيَّمت الخارجية الروسية الاتفاق فى بيان: أن الاتفاقية خطوة لعسكرة منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وجذب بابوا غينيا للألعاب الجيوسياسية لواشنطن ضد روسياوالصين, وسيسمح للجيش الأمريكى بالتحرك بحرية على الأرض وفى المياه الإقليمية لبابوا غينيا. رغم تأكيد السلطات عدم استخدام أراضى غينيا الجديدة كنقطة انطلاق ل»شن حرب»، فإن محتوى الاتفاق يشير لعكس ذلك. تفاصيل الاتفاقية وكان وزير الدفاع فى باباوا غينيا الجديدة وين باكرى داكي، قد وقع الاتفاق مع نظيره الأمريكى أنتونى بلينكن فى العاصمة بور موريسبي، 22 مايو الماضي. ووفق رئيس وزراء بابوا غينيا جيمس مارابى فإن الاتفاق يتضمن: اتفاقا للتعاون الدفاعى، وستتمكن كل دولة من الصعود على سفن الأخرى, الإضافة لمشاركة الخبرات التقنية. كذلك, تسمح لخفر السواحل الأمريكى بدوريات بالمنطقة الاقتصادية لبابوا غينيا، واستخدام أنظمة أمن الأقمار الصناعية الأمريكية لمراقبة المياه الإقليمية لهذا البلد. ازدياد المنافسة وفى مؤشر على ازدياد المنافسة للهيمنة على جنوب الهادئ، زار رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى بور موريسبي، مشددا على دور بلاده كلاعب إقليمى بارز. وتعدّ نيودلهى المنطقة باحتها الخلفية، وأثار التقدم الصينى هناك قلقها، وفق «فرانس برس». أما أستراليا فأكد رئيس وزرائها، سكوت موريسون، الرفض التام لخطط الصين لإنشاء قاعدة عسكرية فى جزر سليمان، واصفا ذلك بأنه «خط أحمر». ما أهمية المنطقة كنقطة للصراع؟ إضافة لموقعها فى جنوب المحيط، تمتلك بابوا غينيا ثروات من الذهب والنحاس والفضة والغاز والأخشاب والنفط والثروة السمكية، بحسب «ذا ورد فاكت بوك» الذى تصدره الاستخبارات الأمريكية. ويرى المراقبون أن واشنطن تسعى بالاتفاق لإبعاد بابوا غينيا عن هيمنة الصين عبر: تقديم المساعدات لتعزيز الحوكمة والشفافية ومكافحة الاتجار بالبشر، وبين البلدين تعاون أمنى وتدريبات عسكرية. كما سيمكن الاتفاق واشنطن من التحرّك فى مياه البلاد ويعزز إمكانياتها العسكرية للانتشار، مقابل الوصول للأقمار الاصطناعية الأمريكية لمراقبة الأنشطة غير القانونية بالبحر. وتتعاون أسترالياوالولاياتالمتحدة مع الأرخبيل لإعادة تطوير قاعدة بحرية فى مانوس كقوة موازية للقوة الصينية. اتفاقية الصين وجزر سليمان سبق أن أبرمت الصين اتفاقا مع جزر سليمان، العام الماضى، لم تُكشف تفاصيله، وإن أشارت تقارير لأنه يسمح بنشر قوات لها هناك. وردت الخارجية الصينية فى بيان سابق حول انتقادات أستراليا ونيوزيلندا والولاياتالمتحدة، للاتفاق بأنه أخذ فى الاعتبار قواعد القانون الدولى، ولا ينص على بناء قاعدة عسكرية صينية.