شهد الرئيس عبدالفتاح السيسى، أمس، الجلسة الثانية لفعاليات اليوم الثانى لمنتدى شباب العالم بشرم الشيخ فى نسخته الرابعة، الذى يعقد تحت شعار «العودة معًا»، وجاءت الجلسة تحت عنوان «نموذج محاكاة مجلس حقوق الإنسان الدولى بالأمم المتحدة». أكد الرئيس عبد الفتاح السيسى، أن مصر حريصة على حقوق الإنسان من منظور فكرى ومن خلال معتقدات تمارسها، مشددا على أن جهود الدولة المصرية المتعلقة بحقوق الإنسان وعدم التمييز لم تقدم عليها تحت أى نوع من أنواع الضغوط، بل فى ضوء المعتقدات والأفكار التى تؤمن بها. وقال الرئيس السيسى، فى مداخلة أمام جلسة «نموذج محاكاة مجلس حقوق الإنسان الدولى بالأمم المتحدة» :» إن التنوع والاختلاف سنة من السنن الكونية، فالتنوع والاختلاف بين الناس والدول هو الواقع، وأخشى أن يكون اللون أو المشارب السياسية الواحدة فى العالم نوعا من أنواع «الاستعلاء بالممارسة». وأضاف:» جائحة كورونا لم تعط فرصة للدول فى التعامل معها إلا من خلال فرض إجراءات وقيود، وهذه الإجراءات التى صاحبتها كانت كاشفة لقضية حقوق الإنسان، والقيود التى فرضتها الدول الغربية خلال الجائحة كان بعضها ضد مبادئ ومفاهيم «تتصور هذه الدول أنها ضمن حقوق الإنسان، مثل حرية التنقل وحرية التطعيم وغيرها». وأوضح أن المصلحة العليا للعالم اقتضت فرض هذه الإجراءات والقيود؛ لأن الهدف منها حماية العالم كله وحماية الدول، مشيرا إلى أن هذا ألقى الضوء على اقتصار حقوق الإنسان فى حرية التعبير والممارسة السياسية. وأشاد الرئيس السيسى بجهود المشاركين فى الجلسة للخروج بنموذج المحاكاة بهذه الصورة. وأكد، أن مجابهة الأوبئة والأمراض الخطيرة والزيادة السكانية والسيطرة عليها هى أمور من المهم وضعها فى بند من بنود حقوق الإنسان، مبينًا أن هذه الموضوع يمثل تحديًا كبيرًا للكثير من الدول. وأشار إلى أن النمو السكانى فى الدول الغربية متوقف وثابت على مدى 40 عامًا بما يعنى أن بنيتها الصحية ليست بحاجة إلى دعم، لكن دولة على غرار مصر بها زيادة سنوية بنحو 2.5 مليون نسمة؛ وكل عام نحتاج إلى تعزيز، ليس للبنية الصحية فقط ، وإنما للبنية التعليمية بما تتضمنه من مدارس وجامعات وهو أمر يجب أن يوضع فى الاعتبار على أنه تحد من التحديات. وشدد الرئيس، على ضرورة التناول المتكامل والشامل للأوضاع فى مصر ووضعها فى الحسبان عند تناول قضية حقوق الإنسان، مشيرًا إلى ضرورة الالتفات إلى ما تواجهه مصر من تحديات، وضرورة أن يتم وضع قضايا مثل توفير فرص العمل والرعاية الصحية والتعليم المناسب باعتبارها حقوقًا أصيلة من حقوق الإنسان وأنها تمثل تحديات للدولة المصرية. وتساءل الرئيس :» ماذا لو لم تقدم الدولة تعزيزًا للعملية الصحية يتناسب مع حق المواطن المصرى فى الصحة، فهل تكون وقتها قد قصرت فى حق مواطنيها فى توفير العلاج الصحى الجيد وأيضا الأمر نفسه على توفير التعليم الجيد؟ وهل هذا يعد تقصيرا فى حقوق الإنسان؟ وأجاب الرئيس» يجب وضع كل هذه الأمور عند تناول حالة حقوق الإنسان فى مصر باعتبارها تحديا يواجه الدولة المصرية وهو ما يتطلب أن يكون التناول متكاملا وشاملا». وتابع: «هناك زيادة سنوية فى عدد السكان فى مصر تبلغ 2.5 مليون نسمة، ألسنا مطالبين بتوفير فرص العمل اللازمة لهم؟ أليس هذا حق من حقوق الإنسان أن يعمل ويعيش؟ وكيف يتم ذلك؟ لذا أنا أدعم وأتفق وأؤكد تماما فكرة أن تلك الأمور يجب أن يتم وضعها فى الاعتبار عند تناول حالة حقوق الإنسان». وقال السيسى إن مصر رصدت 100 مليار جنيه لمواجهة جائحة كورونا رغم ظروفها الاقتصادية، مشيرا إلى أن الجائحة ضربت بشكل كامل قطاع السياحة والذى كان يدر مبلغا يتراوح ما بين 14 و15 مليار دولار، كما تأثر قطاع النقل وقناة السويس بشكل كبير مع تأثر حركة النقل فى العالم كله وهذا القطاع كان يدر أموالاً، لافتا إلى أنه رغم تلك الصعوبات لم تتقاعس الدولة المصرية فى حق شعبها دون تمييز وبمن فيهم اللاجئون الذين تستضيفهم مصر على أراضيها. وتساءل الرئيس السيسى:أليست الهجرة حقا من حقوق الإنسان؟ مشيرا إلى أن مصر تستضيف 6 ملايين لاجئ جاءوا إليها نتيجة وجود صراعات أو محدودية القدرات وحجم الفقر الموجود فى دول قريبة منا، مشددا على أن مصر لم ترفض استضافتهم لكن رفضت أن يسكنوا المخيمات على أراضيها بل تم دمجهم فى المجتمع المصرى ويحصلون على كل الحقوق من مأكل ومشرب وتعليم وصحة وغيرها، رغم أن قدراتنا ليست على قدر كبير من التقدم مثل الدول الغنية لكن رغم ذلك تمت إتاحة ما لدينا لهم دون الكثير من الكلام ولم نسمح أن نكون معبرا لهم ليلقوا مصيراً قاسياً فى البحر المتوسط أثناء هجرتهم إلى أوروبا». وتابع الرئيس: «إننا نتحدث عن رقم كبير جدا ليسوا 5 آلاف أو 10 آلاف يرفض أصدقاؤنا فى أوروبا أن يستقبلوهم.. بل نتحدث عن 6 ملايين إنسان موجودين فى مصر ليسوا بمعسكرات لاجئين، فلا يوجد فى مصر معسكرات لاجئين على الإطلاق». وأعرب عن سعادته بتناول هذا الموضوع المهم ضمن جلسات منتدى شباب العالم الرابع وربطه بجائحة كورونا وتأثيرها، لافتًا إلى أن الجائحة كانت كاشفة وأن موضوع الهجرة وتعامل الدول معها هو أيضا كاشف لفكرة ومفهوم وممارسة حقوق الإنسان، وتساءل الرئيس: هل ستستقبلون من لا يملك فرصة أم تحافظون على مجتمعاتكم ومكتسباتكم وقدراتكم الاقتصادية ولستم مستعدين لأن تقدموا شيئاً لأحد؟ وقال الرئيس، إن مصر نجت من الخراب والدمار الذى استهدف المنطقة العربية ، لافتا إلى ما تعرضت له ليبيا وسوريا واليمن والعراق والصومال، مشيرا إلى معسكرات اللاجئين التى يتواجد بها ملايين البشر منذ 10 سنوات. وحذر الرئيس من مخاطر استمرار ملايين الأطفال داخل معسكرات اللاجئين، متسائلا ما هو نتاج استمرارهم فى تلك المعسكرات لمدة عشر سنوات، فالطفل الذى كان عمره 7 سنوات أصبح 17 سنة، وهم بالملايين وليسوا بالآلاف؟، مشيرا إلى وجود دول بها ما يقرب من 3 ملايين لاجئ،علاوة على النازحين المتواجدين داخل معسكرات فى هذه الدول. وأضاف «من قام بالعمل على هدم هذه الدول لم يلتفت إلى أن عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول هو حق من حقوق الانسان، حتى لا نخربها ولا نترك مواطنيها يعانون مثل ما يحدث فى كل ليبيا وسوريا واليمن والصومال والعراق». وأكد السيسى ضرورة أن ينتبه الشباب فى أى دولة بالعالم وأن يكون لديهم العقلية النقدية لما يتم طرحه، بحيث يستمعون ويرون ثم يقررون بعقولهم، مشيرا إلى الدول التى تعرضت إلى الضرر والخراب وتم انتهاك حقوق الإنسان بها. وأعرب الرئيس عن خشيته من أن يؤثر التنافس السياسى والمصالح على الإجراءات التى تتم وفى النهاية تكون ضحيتها دول تضيع شعوبها وتُخرّب ولا يكون لها مستقبل لمدة 50 أو100 سنة قادمة.