المستعرض لحالة الفن العربى عامة والمصرى خاصة فى هذا الزمن – يحزن حزناً شديداً! والمقصود بالفن هنا من تشكيلى إلى سينما إلى طرب وموسيقى أى أن الفروع السبعة للفنون تعانى من فقر فى الإبداع، وفقر فى الثقافة، وفقر فى السياسات! وهذا يرجع إلى اضمحلال الحياة الاجتماعية – وتسلط فئات من الشعب من ذوى (الجاه)، (والأبهة)، ممن يفتقدون إلى أصول ثقافية – ولعل ما يدفع الفنون للرقى والإبداع للظهور، هم مستقبلو هذه الفنون ومشجعوها والمقتنون للأعمال الفنية من أثرياء الوطن ومثقفيه وقادته فى الفكر والأدب! افتقدنا هذه الطبقات التى يقوم الفن على وجودهم، فلدينا بالفعل أغنياء «ومليارديرات» فى الوطن العربى كله، بل الأكثر من ذلك فقد جاءت أسماء عربية نساء ورجال ضمن أغنى أغنياء العالم، ولعل غير المذكورين أكثر عدداً، ولكن لا رصد لإمكانياتهم وأموالهم خوفاً من الحسد (أدب شعبى عربي)! وهؤلاء يشبهون أغنياء الحرب، حيث الأموال وتكدسها لا تعبر أبداً عما لديهم من ثقافات، ولعل زمن الفن الجميل، زمن ارتشف فيه المصريون والعرب كل أصول الفنون الجميلة وإبداعاتها، لأن الرعاة للفنون هم أثرياء الوطن المثقفون ولكن حينما يصبح أثرياء الوطن من محبى «الفنون المتدنية» – فعلى الفور يصبح الفن فقيراً، والإبداع محصوراً فى أسماء مشبوهة بالفن أو بأى شيء آخر كما أن الإبداع يعتمد على قضايا وطنية تهم الشارع المصرى أو العربى بما يحتويه هذا الشارع من فنان ومن شاعر ومن أديب ومن مخرج ومن مصور وغيرهم – إلا أن القضايا القومية أو الوطنية أصبحت فى مجال الشك بأنها مصالح فئوية وطائفية – وليست وطنية! إن الفن يحتاج لمناخ من الحرية ومن التشجيع الاجتماعى ، وإلى رعاية من أثرياء المجتمع لا يمكن أن يكون الفن مهنة ولكنها حالة إبداعية، ومن يمتهن الفن يصبح موظفاً لدى وزارة الثقافة ، والموظف بطبيعة الحال، ضد الإبداع ،ويميل للبيروقراطية، ولدينا أمثلة فنية كثيرة على ذلك مثل (فوت علينا بكره) ومن هذا التصور الكئيب لحالة الفن العربي، يظهر هنا من ينادى بالخوف على رزق العاملين من الفنانين، ويظهر حدث آخر ينادى بأن لآلئ العالم العربى من الفنانات الشابات الجميلات، هن وقود الحركة الفنية، ولكنهم نسوا أن الوقود يحترق أسرع مما يحترق (جسم الكيان) نفسه، أسرع مما يحترق المسرح والتليفزيون والسينما، والأتيليه، فكلها أدوات وكيانات قائمة تنتظر مبدعين ورعاة لديهم بُعد ثقافى أصيل وهذا لا ننتظره فى حقباتنا الزمنية الحالية ، فنحن نعيش فى زمن (فن الفقر)! ولعل من الجدير بالاهتمام أن ما يعرض اليوم سواء على شاشات السينما أو الفضائيات من مسلسلات درامية، أو حتى كوميدية، أو الست كوم, كلها تعبر عن أذواق منتجى هذه الأعمال ومن الطبيعى أنها تمتزج مع أذواق المشاهدين أو زبائن تلك الأعمال والتى يقبلون عليها ويظهر ذلك من شباك التذاكر والحصر اليومى للحصيلة التى حصل عليها العمل السينمائي، ولعنا نستطيع أن نقول إن الهبوط ليس فقط فى ثقافة وتدنى المستوى الفنى للمنتجين، ولكن فى الأصل هو تدنى المستوى الثقافى للمتلقى الذى يذهب إلى الشباك، لكى يضيف نقطة أمام العمل. فنحن نعيش زمن (الفقر) فى الفن وغيره!