طمأن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، الشعب المصرى حول إجراءات التصالح فى مخالفات البناء، وذلك فى مؤتمر صحفى عقد امس، بمقر رئاسة مجلس الوزراء، بحضور اللواء محمود شعراوي، وزير التنمية المحلية، والدكتور عاصم الجزار، وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، وأسامة هيكل، وزير الدولة للإعلام، والسيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي؛ وذلك لتوضيح أبعاد قضية البناء العشوائى المخالف فى المدن والقرى أمام المواطنين، وما يخص تطبيق قانون التصالح فى بعض مخالفات البناء. وبدأ رئيس مجلس الوزراء المؤتمر الصحفي، بالإشارة إلى أن عقد هذا المؤتمر يأتى فى إطار التحاور مع مواطنينا وأهالينا فى كافة ربوع مصر حول قضية من القضايا التى شغلت الرأى العام خلال الفترة الماضية وهى التصالح مع مخالفات البناء سواء فى المدن أو القرى، مؤكداً أن هذا التحاور يأتى فى إطار توجه الدولة والحكومة بضرورة مناقشة واستعراض القضايا التى تهم المواطنين بكل شفافية ووضوح، قائلاً: «من هذا المنطلق وتعاملاً مع ما يثار فى مختلف وسائل الإعلام، وعبر مواقع التواصل الاجتماعى حول ملف التصالح مع مخالفات البناء، وجدنا أنه من المناسب أهمية التواصل لعرض كافة أبعاد القضية، والتحديات التى تواجهها الدولة فى هذا الشأن، وأيضا توضيح الخطوات والجهود التى تقوم بها الدولة؛ سواء حالياً أو مستقبلياً للتعامل مع هذه الظاهرة». وأوضح رئيس مجلس الوزراء أنه فى ظل ما وصلنا إليه من شكل غير حضارى لكتل سكنية غير منظمة ومتناثرة، كان لابد من وقفة حاسمة من جانب الدولة، لنحافظ على المظهر الحضارى لدولة عريقة؛ فمع كل الجهود التى تُبذل فى إطار حجم الإنفاق الهائل على المشروعات التى تم تنفيذها خلال السنوات الخمس الماضية، لنبنى دولة جديدة حقيقية، كان لابد من هذه الوقفة. وأكد رئيس الوزراء أنه كان من الضرورة إيجاد حل جذرى لمواكبة ما يتم إقامته من مدن جديدة، وهو ما تم العمل عليه فى المدن والقرى القائمة، من حيث تطوير ورفع الكفاءة للخدمات المقدمة للمواطنين بها، مشيراً فى الوقت نفسه إلى حجم العمل الذى تم بالمناطق غير الآمنة والعشوائية، وما تم من تطوير لشبكات الطرق الداخلية، حيث تم إقامة العديد من الطرق والكبارى داخل المدن القائمة استنزف المزيد من الاستثمارات الموجهة لهذا الغرض، دعما لحركة المواطنين داخل هذه المدن، وحلا لمشاكل العمران القائم بها، وهو ما كلف الدولة مئات المليارات، ولا تزال الدولة توجه حجم إنفاق كبير لخدمة الكتلة السكنية الموجودة بهذه المدن التى زادت عن طاقتها الاستيعابية. وتابع «مدبولي» قائلا: «قانون التصالح ليس إجراء عقابيا، ولكن بالعكس تماما يخدم المواطنين الذين استثمروا جزءا من أموالهم وثرواتهم فى إنشاء عقارات على الأراضي، لافتا إلى أن التصالح له فوائد كثيرة مهمة للغاية تعود على المواطن، فالعقار بمجرد التصالح عليه يأخذ صفة الرسمية، وبالتالى أصبح حقا على الدولة أن تقوم بإدخال المرافق له بصورة رسمية وغير ملتوية، خاصة مع علمنا جميعا بما كان يحدث عند الرغبة فى توصيل المرافق للمبانى المخالفة فيما يتعلق بسرقات الكهرباء وتوصيل المياه بصورة غير رسمية». ولفت رئيس الوزراء إلى أنه بمجرد أن تتم عملية التصالح فإن القيمة العقارية للمبنى تتضاعف عدة مرات، والأهم أنه بمجرد الحصول على المستندات التى تثبت الوضع القانونى للعقار سيكون باستطاعة مالكه التعامل فى النور فى عمليات البيع والشراء والاستفادة من الأصل فى التعامل مع البنوك، لأن الأصل أصبحت تقره الدولة وتعترف به، وبالتالى سيتم تداوله بالقيمة الحقيقية والسوقية له ووفقا لحركة السوق. وأوضح أن الحكومة تسعى لوقف المزيد من النمو العشوائى ونغلق ملف التصالح وتقنين الأوضاع، ومن أجل ذلك نص القانون صراحة على تحديد 6 شهور من أجل إنهاء هذا الجدل، يقوم خلالها المواطنون بالإسراع فى تقديم طلبات التصالح، مجددا الطلب للمواطنين بالإسراع فى تقديم الطلبات حتى نغلق جميعا دولة ومواطنين هذا الملف الذى تعانى منه مصر من أكثر من 40 عاما. وتطرق رئيس الوزراء إلى شكاوى المواطنين التى تصل للحكومة عبر منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة، وأيضا الشكاوى التى نلمسها من واقع الجولات التى نقوم بها، ومن اجتماعاتنا مع المحافظين، والتى تتمثل فى شكاوى بعض المواطنين من تعدد المستندات المطلوبة وعدم قدرتهم على استيفائها جميعا، مع رفض الجهات التنفيذية هذه المستندات فى حالة عدم اكتمالها. الشكوى الثانية التى أشار إليها «مدبولي»، هى ارتفاع القيمة المقررة كرسم للتصالح على المتر فى عدد من المناطق، إذ يرى أصحاب هذه الشكاوى أن تلك الأسعار مبالغ فيها، مطالين الدولة بالتدخل لإيجاد حل لمسألة ارتفاع قيم التصالح. وفى هذا الصدد، أوضح رئيس الوزراء أن المحافظات لم تحدد الأسعار بطريقة جزافية، لكنه طبقا للقانون يوجد لجنة مُشكلة، يشارك فيها العديد من الجهات فى الدولة وتضم أيضا خبراء تقييم تضع هذه الأسعار، ورغم ذلك، وفى ضوء تكرار هذه الشكاوى تم توجيه المحافظين بمراعاة البعد الاجتماعى وأن نراجع بأنفسنا تقديرات الأسعار الأولية التى تخرج عن هذه اللجان، مشيرا إلى أنه من الوارد وجود مناطق شديدة التميز من الناحية الجغرافية ولكن أوضاع أهالينا من القاطنين بها هى أوضاع بسيطة وربما لن يستطيعوا دفع القيم الأولية للتصالح، ومن أجل ذلك «أكرر مرة ثانية كان التوجيه للسادة المحافظين بمراعاة البعد الاجتماعي»، ونتيجة لذلك، حدث تخفيض للقيم فى العديد من المحافظات بنسب تتراوح من 10-55% من القيم التى كانت اللجان حددتها فى السابق. وتناول رئيس الوزراء خلال المؤتمر الجدل الذى أثير حول من هو المسئول عن تسديد قيم التصالح، هل هو صاحب العقار (من أنشأه) أم شاغل هذا العقار، قائلا: لكى نضع الموضوع فى إطار واضح، نعلم جميعا أنه فى الريف من يبنى العقار هو من يشغله أو أولاده، وفى هذه الحالة، يعتبر هو المالك والشاغل وبالتالى هو من يتقدم بطلب التصالح، وكذلك الحال فى المدن الجديدة يكون المالك هو الشاغل، حتى فى حالة بيعه لعدد من الوحدات داخل العقار الذى يملكه فإنه يكون معروفا، وهذا الكلام أيضا ينطبق على ملاك العقارات فى المدن القائمة، وهم معلومون أيضا، مؤكدا أن القانون يلزم صاحب الرخصة بسداد رسوم التصالح. ولفت رئيس الوزراء إلى أن الحكومة تعمل على وضع منظومة، فى إطار التحول الرقمى وميكنة كل الإجراءات، معلنا أنه سيصدر لكل وحدة سكنية شهادة برقم قومى ولن يتاح مستقبلا بمجرد الانتهاء من هذه المنظومة تداول أى وحدة سكنية أو عقار إلا إذا كان قدر صدرت له هذه الشهادة. وأضاف «مدبولي» أنه فى إطار السعى نحو تطبيق القانون ووقف نزيف مخالفات البناء العشوائى تم توجيه كل الإدارات المحلية وأجهزة المدن الجديدة باستلام كافة الطلبات التى يتقدم بها المواطن بغض النظر عما إذا كانت المستندات مكتملة أم لا، فبمجرد تقديم الطلب سيتسلم المواطن «نموذج 3» والذى يرجع أهميته إلى أنه بمجرد حصول المواطن عليه، سيتم وقف جميع الإجراءات التى يمكن اتخاذها ضد المخالفة من إجراءات هدم، وحتى الأحكام سيتم تجميدها لحين إجراءات التصالح، مع إعطاء المواطن فترة بعدها لمدة شهرين لاستكمال أوراقه. كما تم التشديد على كل المحافظين بمراجعة كافة قيم التصالح فى بعض المناطق التى وردت منها شكاوى كثيرة فى بعض الارتفاعات الكبيرة فى قيم التصالح، وفى هذا الصدد قام عدد من المحافظين باتخاذ هذا الإجراء خلال الفترة الأخيرة. وأشار رئيس الوزراء إلى أنه تم التشديد على جميع الإدارات المحلية على أنه بمجرد استلام المواطن نموذج رقم «3»، يتم إعلام كل الجهات التنفيذية بضرورة عدم التدخل والتعامل مع العقار الذى صدر فى شأنه هذا النموذج، وكذا إيقاف وتجميد الأحكام الخاصة به، لحين البت فى التصالح وإجراءات عملية التقنين، وذلك تأمينا للمواطنين. وشدد رئيس الوزراء على أن الدولة لا تهدم المبانى والمنشآت المشغولة بالمواطنين، وأن ما تم هدمه هى مبان خالية، وتعديات كانت صارخة خارج نطاق أماكن التصالح، لوقف تفاقم هذه الظاهرة التى عانت منها مصر طويلا، وستظل تعانى بهذا الوضع، مشدداً على أنه حان الوقت لوقف هذا النزيف، وأن يكون النمو على مستوى الجمهورية نموا مخططا، بما يضمن شكلا حضاريا للمدن والعمران يضاهى ما نراه فى مدن العالم المتقدم، مؤكداً أن الدولة ستواجه بكل حسم وحزم أية محاولات جديدة لبناء عشوائى وغير قانونى أو غير رسمى على أراض زراعية أو أملاك دولة.