إن ما جري أمام مجلس الشعب أمس الأول أثناء جلسة استماع المجلس لبيان الحكومة ما هو إلا شيء مؤسف بكل ما تحمله الكلمة من معني.. فعندما نجد عدة مسيرات تضم الآلاف من المتظاهرين قادمين إلي مجلس الشعب من جامعة القاهرة وماسبيرو وميدان التحرير، مطالبين أعضاء البرلمان بالضغط علي المجلس العسكري - الذي يملك السلطة التنفيذية في الدولة إلي الآن - بتسليم إدارة البلاد علي الفور إلي سلطة مدنية أو إلي رئيس مجلس الشعب المنتخب مع فتح باب الترشح للرئاسة في 11 فبراير المقبل، ومطالبين بالقصاص من قتلة الشهداء الأبرار وتشكيل محاكمات ثورية لمحاكمة رموز النظام السابق. ثم فجأة نري أعضاء بجماعة الإخوان المسلمين يتصدون للمتظاهرين ويمنعونهم من الوصول إلي النواب لتقديم مطالبهم المكتوبة بحجة أنهم يشكلون دروعًا بشرية لحماية مقر مجلس، فهذا حقًا أمر مؤسف للغاية وسقطة وقع فيها شباب جماعة الإخوان، أولا لأن هذا التصرف تسبب في حدوث اشتباكات بين الطرفين ارتفعت حصيلة المصابين فيه إلي 83 مصابًا.. ثانيًا لأن حماية مؤسسات الدولة بما فيها مبني مجلس الشعب من مسئوليات القوات المسلحة والشرطة، ولا يجب أبدًا ان تكون مسؤولية فصيل سياسي أو تنظيمي بعينه وإلا ستتحول مصر إلي ميليشيات مدرعة.. ثالثا وهو الأهم أن حرية التعبير عن الرأي والتظاهر مكفولة لكل مواطن مصري ولا يجب أبدًا أن يغفل قيادات الإخوان المسلمين ذلك. نطالب بتشكيل لجنة مشكلة من أعضاء بالبرلمان للتحقيق في هذه الأحداث المؤسفة فورا، ونطالب أعضاء الكتلة البرلمانية لجماعة الإخوان المسلمين بالتعهد بعدم تكرار هذه المهزلة، ومن ناحية أخري فلم يكن الوضع داخل قاعة البرلمان أفضل حالا وعلي الرغم من التفاؤل الذي شعرنا به مع مراقبة الجلسات الأولي للبرلمان إلا أن المشهد أمس الأول كان مشهدًا يدعو للحذر والريبة علي حال الأداء البرلماني و هو أداء أقل بكثير مما كان متوقعًا. إن ما شاهدناه في اعتقادي لا علاقة له بالاستجواب ولا بالتداول.. ما رأيناه لا يوصف بأكثر من مكلمة وخناقة مع رئيس الجلسة علي طلب الكلمة ولكن عندما يعطي النائب الكلمة تجده يتحدث عن شيء فرعي وتشعر بأنه لم يبذل أي مجهود في التحضير لكلمته ثم ينهي الكلمة بدون طلب محدد يطلبه من الحكومة التي دعا البرلمان للاستماع إليها. فهناك من شكر الوزراء لمجرد الحضور وكأن هذا شيء خارق للأعراف المتبعة في برلمانات العالم و هناك من أخذ الكلمة ثم تحدث عن الشهداء وأخذ يصف مدي حبه وتقديره لهم وكأنها مباراة في المزايدة علي من من النواب يحب الشهداء أكثر. وهناك من قال لرئيس الوزراء: نحن لا ننتظر منك الكثير ولا نطلب منك شيئًا لأن حكومتك ما هي إلا حكومة مؤقتة. إذا كان هذا هو الحال فلماذا تم استدعاء الحكومة إذن؟ أتمني أن تعمل الأحزاب علي تطوير الأداء البرلماني لنوابها من تحضير للجلسات وتحضير للاستجوابات ومشاريع القوانين والمداولات حتي نرتقي بسلطتنا التشريعية والرقابية وهو الأمر المنشود والمرتقب.