من إليزا إلى كورونا

الأجيال الأولى لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات يعرفون من هى إليزا ELIZA... ولنكون أكثر دقة فإنهم يعرفون من «هو» اليزا...انه أول برنامج للحاسب الآلى يقوم بعمل محاكاة للعقل البشرى من خلال بدايات تقنيات الذكاء الاصطناعى... أنها أول محاولة للحديث بين الإنسان والآلة تم انشاؤها فى الفترة من عام 1964 حتى عام 1966 بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية وأحدث صدى كبيرا فى تلك الفترة.
المهتم باختبار تلك المحاولة الأولى لتطوير برنامج لمحاكاة العقل البشرى يستطيع أن يستعرض النسخة الأولى من خلال زيارته للموقع https://www.eclecticenergies.com/ego/eliza البرنامج ببساطة يقوم بمحاكاة الحوار من خلال التعرف على الكلمات واستخدام ما يقوله المستخدم فى توجيه اسئلة اخرى إليه مما يعطيه احساسا بأن الآلة تفهم ما يقول وانها تتفاعل معه.
إذا كتبت انك تشعر بالسعادة فإن الرد سيأتيك فى صورة سؤال...»كيف تشعر بذلك؟»....وعندما تبدأ فى شرح «شعورك بالسعادة» سيأتيك الرد فى صورة طلب بأن تشرح سبب هذا الشعور... وعندما تبدأ فى شرح السبب ستأتيك اسئلة عامة من قبل « هل لديك شيء آخر لتقوله؟»..... هذا الاسلوب منذ اكثر من 55 عاما اعطى المستخدمين احساسا بأن البرنامج يفهم ما يقولون وانه قادر على سبر أغوارهم واقتراح حلول لمشكلاتهم وهوما لم يكن حقيقيا فالأمر لا يعدومباراة كلامية يقوم فيها البرنامج بأخذ اجزاء من اجاباتك وتحويلها لشكل سؤال يوجهه إليك وهكذا تظل المحادثة مستمرة.
ومنذ تلك المحاولة الاولى لهذا التطبيق المسمى ب«إليزا» وصولا إلى درجة التقدم الحالية والاسم الجديد لهذه النوعية من البرامج Chatbots والتى تقوم حاليا ليس بالرد من خلال اجزاء من سؤال المستخدم كما كانت اليزا ولكن تعتمد على تحليل اللغة وايضا وجود قاعدة كبيرة من المواقف والجمل والردود التى تستخدم خوارزميات معقدة لتجعل الرد يبدو أكثر طبيعية واكثر إفادة.
أكثر تطبيقات لهذه البرامج تتم حاليا فى العديد من المجالات منها المجال السياحى لحجز الفنادق والطيران...تستخدم بواسطة إدارات الموارد البشرية لعمل مقابلة شخصية مع المتقدمين الى العمل...تستخدم ايضا فى طلبات الدليفرى للوجبات السريعة وخلافه.
الاستخدام الاشهر فى المجال الطبى حيث تستخدم كمساعد للطبيب أو المعالج النفسي... من الاستخدامات التي انتشرت خلال الايام الماضية مع انتشار وباء كورونا هو وجود ال Chatbots للرد على الاستفسارات حول المرض وانتشاره وأحدث الإحصائيات واماكن تواجد اقرب مراكز للرعاية الصحة وايضا الإجراءات الواجب اتباعها حال الإصابة أو الشك فى الاصابة.
قامت منظمة الصحة العالمية بتفعيل تلك الخدمة على رقم تليفون +41798931892 على برنامج الواتساب وقامت وزارة الصحة والسكان المصرية ايضا بتفعيل نفس الخدمة على رقم +201553105105 كما قامت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بإتاحة نفس الخدمة للصم وضعاف السمع للمرة الأولى فى الوطن العربى وإفريقيا من خلال تطبيق «واصل».
استخدامات تطبيقات الذكاء الاصطناعى اخذت دفعة كبيرة للأمام جراء وباء كورونا تماما مثلما أدى الوباء إلى الإسراع بجهود ومشروعات التحول الرقمى فى كافة دول العالم وعلى مختلف الاصعدة والمجالات.
أحد الجوانب التى تحتاج الى الحذر واعادة التفكير فيها هو كم العمالة التى سيتم الاستغناء عنها واستبدالها بتطبيق إلكترونى على جهاز الحاسب أوالتليفون المحمول وتلك قضية تحتاج إلى اهتمام عاجل.