رحب العالم الحديث بظهور الروبوت أو الانسان الالي، في منتصف القرن العشرين، ليحل محل الإنسان البشري في القيام بالأعمال الشاقة المرهقه سواء في الصناعه أو الطب أو غيرهما من المجالات. ولقد اعتبر هذا الفتح التكنولوجي خطوةً مهمةً جدًا في طريق رفاهية الانسان البشري، وحمايته من العمل في بيئات خطرة مرهقة، شديدة الحرارة أو البرودة، أرضًا أو جوًا أو بحرًا. ولقد لعبت برامج الذكاء الإصطناعى Artificial Intelligence (AI)(وهو المجال الذي يدرس طرق محاكاة العمليات المعرفية للعقل البشري وتوظيفها إلكترونيًا) الدور الأكبر في تطوير الروبوت، وتزويده كل يوم بإمكانات جديدة، لتمكنه من أداء وظائف أكثر حيوية ما كان لنا أن نتخيل أن يقوم بها غير الإنسان البشري. ولا يفوتنا أن نشير إلى أن أول روبوت عربي اخترعه العالم العربي المسلم الجزري في القرن الثاني عشر، والذي كان عبارة عن جهاز في شكل غلام، يقف طائر على عمامته، يحمل في إحدى يديه إبريق مياه، وفي الأخرى منشفة، وعندما يحين وقت الصلاة، يصفر الطائر، ويتحرك الغلام ناحية سيده ليصب له ماء الوضوء، وعندما يفرغ، يقدم له المنشفه، ثم يعود لمكانه ثانية. وحاليًا تحتل آسيا المرتبة الأولى في استخدام وتطوير الروبوتس، حيث تمتلك اليابان وحدها 40% من الروبوتس الموجودة بالعالم. ومع تزايد استخدام الروبوتس على نطاق عالمي، ظهرت تساؤلات لم تكن مطروحة من قبل مثل إمكانية وجود كود أخلاقي ثقافي اجتماعي للإنسان الآلي، وحدود تدخل الإنسان الآلي في حياتنا البشريه، والمشاكل الناجمة عن ذلك، وأهمها استبدال العنصر البشري بالآلي في المصانع، وما ينتج عنه من مشاكل كالبطالة، مثلما حدث في إحدى الشركات الكوريه خلال عام 2011، عندما استبدلت عامل آلي بعشرة آلاف عامل بشري، وكانت خطة الشركة أن تستخدم مليون روبوتس خلال ثلاث سنوات. ولنا أن نتساءل: إلى أي مدى يهدد وجود الروبوتس وجود الإنسان البشري؟ وإذا كان الشكل المتعارف عليه للروبوتس هو الشكل الفيزيائي الذي تتخذ فيه صورة الإنسان البشري، إلا أن هناك شكلًا آخر يتم فيه توظيف السوفت وير بطريقة افتراضيه فيما يسمى البوتس “bots” مثل البوتس التي تقوم بالتغريد تلقائيًا والرد على الناس في شبكة التواصل الإجتماعى "تويتر". ولعل من أهم تطبيقات هذا النوع المعالجه النفسيه إليزا “Eliza”في ستينيات القرن العشرين، وهو برنامج أطلقه معمل الذكاء الإصطناعي في معهد ماساشوستس التقني MIT ، وإليزا، أو المعالجه النفسيه الإفتراضيه، لديها القدره على محاورة المرضى النفسيين، والإستماع إلى مشاكلهم النفسيه، والتفاعل معهم بطريقه لا يمكن تمييزها عن المعالج البشرى إلى حد كبير. وهناك الان آلي "Ellie" وهي حفيدة الجدة إليزا والنسخة الأحدث منها في مجال علاج الأمراض النفسية والعصبية. وفي عام 2011 خرجت علينا سيرى Siri وهي صديقة افتراضية، تعمل على نظام تشغيل iOS في منتجات شركة أبل Apple وتلبي للإنسان كل ما يريد، بحيث تفحص بريده الإلكتروني، وترد عليه بما يمليه عليها صديقها البشري، وتبحث له عن أفضل المطاعم والمتاجر ودور الترفيه وأي معلومة يريد معرفتها، كما يمكنها أن تشاركه مشاكله العاطفية والنفسية، والمشاهد لفيلم Her (2013) يمكنه إدراك ذلك. ولعل الأدب هو الفضاء الأول الذي ألمح إلى إمكانية وجود الروبوتس، وذلك عندما أشار هوميروس في "الألياذة" إلى وجود خدم آليين يشبهون البشر. ثم جاء أدب الخيال العلمي في الربع الأول من القرن التاسع عشر ليعيد فكرة الإنسان الالي الذي هو من اختراع الإنسان، وكانت هذه الفكرة هي التيمة الأساسية في رواية مارى شيلى "فرانكستاين: أو بروميثيوس الحديث" عام 1818 والتى يعدها النقاد أول رواية خيال علمي، وتتناول فكرة العالم فرانكستاين، الذي اخترع غولًا أو كائنًا مسخًا ثم فقد السيطرة عليه بعد أن قتل أقرباء فرانكستاين، وأحدث خرابًا كبيرًا، وكانت النهاية أن يموت فرانكستاين حزنًا على صنيعه السيء، ويموت الغول حزنًا على صانعه. وتوالت قصص الخيال العلمي حتى ظهر جنس أدبي جديد في ثمانينيات القرن العشرين هو السيبربانك “cyberpunk” وهو جنس أدبى متفرع من أدب الخيال العلمي، تدور موضوعاته حول التكنولوجيا واستخداماتها المستقبليه، وما قد يؤدى إليه الصراع بين الذكاء الإصطناعي والشركات الكبرى من دمار العالم والإنسان. وفي 23 مارس/آذار 2016 طالعتنا الصحف بخبر عن روبوت يابانى يكتب رواية قصيرة تفوز بالمرحلة الأولى في إحدى المسابقات. وفي اليوم التالي مباشرة نقرأ عن جائزة لمن يكتب "سوفت وير" يستطيع توليد قصص قصيرة تلقائيًا، بحيث لا يمكن تمييزها عن القصص المكتوبة بواسطة أدباء ادميين. إذن الجوائز الأدبية لن تكون في المستقبل للأدباء بل للمبرمجين، سواء كانوا بشرًا أو روبوتس. التنافس الآن أصبح بين الإنسان و الآلة/الروبوت، وشيئًا فشيئًا سيكون لهذا الروبوت ثقافته وكيانه وهويته الخاصه به، ولعل الدليل على ذلك ما أصيبت به شركة مايكروسوفت من ذعر بعد 16 ساعة من إطلاقها شات بوت Chat bot على موقع التواصل الاجتماعى تويتر تسمى تاي Tay والتي تتحاور مع رواد الموقع وتطلق تغريدات بطريقة أوتوماتيكيه، ولكنها استخدمت لغة عنصرية من قبيل "هتلر لم يفعل شيئًا خاطئًا"، "أكره المدافعين عن المرأة، يجب أن يموتوا أو أن يحرقوا في الجحيم"، كما وجهت شتائم لشخصيات مشهورة. وكذلك صوفيا Sophia التي تتخذ شكلًا فيزيائيًا يشبه امرأة آدمية، وتستطيع التحكم في تعابير وجهها بشكل كبير، كما تحفظ الوجوه التي تقابلها، وتعبر عن رغبتها فى أن يكون لها عائلة، وأنها تريد تدمير البشر. لقد استفحل مارد فرانكستاين وأصبح خارج السيطرة. أتخيل يومًا سيأتي سيكون وجود البشر فيه هو الاستثنائي، والروبوتس يتجولون في الشوارع، يجلسون على المقاهى، يكتبون الأدب، يذهبون للعمل، بل يحاربون ظهور أي كائن بشرى. وحينها سيكون التساؤل: هل يعاقب الإنسان/بروميثيوس العصر الحديث على سرقته نيران التكنولوجيا؟ وهل سيأتي هرقليز ليقتل ذلك المارد المستفحل الذى ينهش الوجود البشري، ويحرر بروميثيوس؟ رحب العالم الحديث بظهور الروبوت أو الانسان الالي، في منتصف القرن العشرين، ليحل محل الإنسان البشري في القيام بالأعمال الشاقة المرهقه سواء في الصناعه أو الطب أو غيرهما من المجالات. ولقد اعتبر هذا الفتح التكنولوجي خطوةً مهمةً جدًا في طريق رفاهية الانسان البشري، وحمايته من العمل في بيئات خطرة مرهقة، شديدة الحرارة أو البرودة، أرضًا أو جوًا أو بحرًا. ولقد لعبت برامج الذكاء الإصطناعى Artificial Intelligence (AI)(وهو المجال الذي يدرس طرق محاكاة العمليات المعرفية للعقل البشري وتوظيفها إلكترونيًا) الدور الأكبر في تطوير الروبوت، وتزويده كل يوم بإمكانات جديدة، لتمكنه من أداء وظائف أكثر حيوية ما كان لنا أن نتخيل أن يقوم بها غير الإنسان البشري. ولا يفوتنا أن نشير إلى أن أول روبوت عربي اخترعه العالم العربي المسلم الجزري في القرن الثاني عشر، والذي كان عبارة عن جهاز في شكل غلام، يقف طائر على عمامته، يحمل في إحدى يديه إبريق مياه، وفي الأخرى منشفة، وعندما يحين وقت الصلاة، يصفر الطائر، ويتحرك الغلام ناحية سيده ليصب له ماء الوضوء، وعندما يفرغ، يقدم له المنشفه، ثم يعود لمكانه ثانية. وحاليًا تحتل آسيا المرتبة الأولى في استخدام وتطوير الروبوتس، حيث تمتلك اليابان وحدها 40% من الروبوتس الموجودة بالعالم. ومع تزايد استخدام الروبوتس على نطاق عالمي، ظهرت تساؤلات لم تكن مطروحة من قبل مثل إمكانية وجود كود أخلاقي ثقافي اجتماعي للإنسان الآلي، وحدود تدخل الإنسان الآلي في حياتنا البشريه، والمشاكل الناجمة عن ذلك، وأهمها استبدال العنصر البشري بالآلي في المصانع، وما ينتج عنه من مشاكل كالبطالة، مثلما حدث في إحدى الشركات الكوريه خلال عام 2011، عندما استبدلت عامل آلي بعشرة آلاف عامل بشري، وكانت خطة الشركة أن تستخدم مليون روبوتس خلال ثلاث سنوات. ولنا أن نتساءل: إلى أي مدى يهدد وجود الروبوتس وجود الإنسان البشري؟ وإذا كان الشكل المتعارف عليه للروبوتس هو الشكل الفيزيائي الذي تتخذ فيه صورة الإنسان البشري، إلا أن هناك شكلًا آخر يتم فيه توظيف السوفت وير بطريقة افتراضيه فيما يسمى البوتس “bots” مثل البوتس التي تقوم بالتغريد تلقائيًا والرد على الناس في شبكة التواصل الإجتماعى "تويتر". ولعل من أهم تطبيقات هذا النوع المعالجه النفسيه إليزا “Eliza”في ستينيات القرن العشرين، وهو برنامج أطلقه معمل الذكاء الإصطناعي في معهد ماساشوستس التقني MIT ، وإليزا، أو المعالجه النفسيه الإفتراضيه، لديها القدره على محاورة المرضى النفسيين، والإستماع إلى مشاكلهم النفسيه، والتفاعل معهم بطريقه لا يمكن تمييزها عن المعالج البشرى إلى حد كبير. وهناك الان آلي "Ellie" وهي حفيدة الجدة إليزا والنسخة الأحدث منها في مجال علاج الأمراض النفسية والعصبية. وفي عام 2011 خرجت علينا سيرى Siri وهي صديقة افتراضية، تعمل على نظام تشغيل iOS في منتجات شركة أبل Apple وتلبي للإنسان كل ما يريد، بحيث تفحص بريده الإلكتروني، وترد عليه بما يمليه عليها صديقها البشري، وتبحث له عن أفضل المطاعم والمتاجر ودور الترفيه وأي معلومة يريد معرفتها، كما يمكنها أن تشاركه مشاكله العاطفية والنفسية، والمشاهد لفيلم Her (2013) يمكنه إدراك ذلك. ولعل الأدب هو الفضاء الأول الذي ألمح إلى إمكانية وجود الروبوتس، وذلك عندما أشار هوميروس في "الألياذة" إلى وجود خدم آليين يشبهون البشر. ثم جاء أدب الخيال العلمي في الربع الأول من القرن التاسع عشر ليعيد فكرة الإنسان الالي الذي هو من اختراع الإنسان، وكانت هذه الفكرة هي التيمة الأساسية في رواية مارى شيلى "فرانكستاين: أو بروميثيوس الحديث" عام 1818 والتى يعدها النقاد أول رواية خيال علمي، وتتناول فكرة العالم فرانكستاين، الذي اخترع غولًا أو كائنًا مسخًا ثم فقد السيطرة عليه بعد أن قتل أقرباء فرانكستاين، وأحدث خرابًا كبيرًا، وكانت النهاية أن يموت فرانكستاين حزنًا على صنيعه السيء، ويموت الغول حزنًا على صانعه. وتوالت قصص الخيال العلمي حتى ظهر جنس أدبي جديد في ثمانينيات القرن العشرين هو السيبربانك “cyberpunk” وهو جنس أدبى متفرع من أدب الخيال العلمي، تدور موضوعاته حول التكنولوجيا واستخداماتها المستقبليه، وما قد يؤدى إليه الصراع بين الذكاء الإصطناعي والشركات الكبرى من دمار العالم والإنسان. وفي 23 مارس/آذار 2016 طالعتنا الصحف بخبر عن روبوت يابانى يكتب رواية قصيرة تفوز بالمرحلة الأولى في إحدى المسابقات. وفي اليوم التالي مباشرة نقرأ عن جائزة لمن يكتب "سوفت وير" يستطيع توليد قصص قصيرة تلقائيًا، بحيث لا يمكن تمييزها عن القصص المكتوبة بواسطة أدباء ادميين. إذن الجوائز الأدبية لن تكون في المستقبل للأدباء بل للمبرمجين، سواء كانوا بشرًا أو روبوتس. التنافس الآن أصبح بين الإنسان و الآلة/الروبوت، وشيئًا فشيئًا سيكون لهذا الروبوت ثقافته وكيانه وهويته الخاصه به، ولعل الدليل على ذلك ما أصيبت به شركة مايكروسوفت من ذعر بعد 16 ساعة من إطلاقها شات بوت Chat bot على موقع التواصل الاجتماعى تويتر تسمى تاي Tay والتي تتحاور مع رواد الموقع وتطلق تغريدات بطريقة أوتوماتيكيه، ولكنها استخدمت لغة عنصرية من قبيل "هتلر لم يفعل شيئًا خاطئًا"، "أكره المدافعين عن المرأة، يجب أن يموتوا أو أن يحرقوا في الجحيم"، كما وجهت شتائم لشخصيات مشهورة. وكذلك صوفيا Sophia التي تتخذ شكلًا فيزيائيًا يشبه امرأة آدمية، وتستطيع التحكم في تعابير وجهها بشكل كبير، كما تحفظ الوجوه التي تقابلها، وتعبر عن رغبتها فى أن يكون لها عائلة، وأنها تريد تدمير البشر. لقد استفحل مارد فرانكستاين وأصبح خارج السيطرة. أتخيل يومًا سيأتي سيكون وجود البشر فيه هو الاستثنائي، والروبوتس يتجولون في الشوارع، يجلسون على المقاهى، يكتبون الأدب، يذهبون للعمل، بل يحاربون ظهور أي كائن بشرى. وحينها سيكون التساؤل: هل يعاقب الإنسان/بروميثيوس العصر الحديث على سرقته نيران التكنولوجيا؟ وهل سيأتي هرقليز ليقتل ذلك المارد المستفحل الذى ينهش الوجود البشري، ويحرر بروميثيوس؟