تلقيت أمس الأول دعوة كريمة من الصديق الفنان مجدى أحمد على المخرج السينمائى الكبير.. اعتقدت فى البداية أنه سيدعونى لمشاهدة العرض الأول لفيلم جديد.. ولكنه دعانى لحضور حفل افتتاح «مركز ثقافي» جديد.. أطلق عليه اسم «شبابيك».. الاسم معبر عن مجمل النشاط والفعاليات الفنية والثقافية التى سيقدمها المركز.. فما أحوجنا بالفعل خلال المرحلة المقبلة إلى «الشبابيك».. فبعد قليل سيتولى «أمرنا» التشريعى الإسلاميون وربما سيكون الوزراء القادمون من الإخوان المسلمين والسلفيين.. وربما سنغلق كثيراً من النوافذ علينا.. وربما ستظلم مناطق كثيرة من عقولنا.. وفى تلك اللحظة ستكون «شبابيك» مجدى أحمد على إحدى النوافذ المضيئة فى حياتنا. ونظرًا لضيق ذات يد المثقفين المصريين المستنيرين الذين لم يتلقوا مساعدات مالية من البلاد العربية.. أو الأوروبية أو المؤسسات الأمريكية أو الألمانية.. فقد رحبت بالدعوة.. وذهبت وأنا أعتقد أننى سأجد هذه ال«شبابيك».. مجرد شقة صغيرة متواضعة.. ولكن كم كانت فرحتى كبيرة عندما وجدت صرحًا ثقافيًا ضخمًا مكوناً من ثلاثة أدوار وحديقة خلفية كبيرة.. أما الحضور فهم نخبة رائعة من المثقفين والأدباء.. والفنانين والكتاب والصحفيين ونجوم المجتمع من النخب المصرية.. وفى حضور هذا الجمع الكبير افتتح د.شاكر عبدالحميد وزير الثقافة مركز «شبابيك» الثقافى.. وبصحبته مرشح الرئاسة السيد عمرو موسي.. وكانت أولى فعاليات المركز معرض «الحرية والحياة» للفنان التشكيلى الكبير «محمد حجى» الذى قدم من خلاله مجموعة كبيرة من اللوحات تمثل رؤية تشكيلية متفردة لثورة 25 يناير.. من خلال لوحات تعبيرية سجل من خلالها الفنان محمد حجى لحظات تاريخية فى حياة المصريين بعين الفنان التشكيلى البصير بمواطن الجمال فى هذه الثورة.. أعاد خلالها الفنان حجى إنتاج مشاهد لا تنسى من ثورة يناير ولكن بريشته الحساسة المؤثرة والمعبرة.. وسجلت ريشته أهم شعارات الثورة وهتافاتها من خلال لوحات خطية ذات تأثيرات فنية ساخنة لعب فيها اللون الأحمر القانى دورًا تعبيريًا أضفى حالة من الوهج الثورى على كل الأعمال. كانت ليلة أمس شديدة البرودة.. وكانت مدينة المقطم العالية حيث أقيم المركز أشد برودة.. ولكن هذا الجمع الغفير من المثقفين والفنانين بعث فينا دفئاً حميمًا.. ففى ظل هذا التشرذم والانقسام الذى يسود المشهد السياسى.. كان هذا الحشد ضروريًا.. ليبعث فينا الأمل من جديد.. ويؤكد أننا مازلنا قادرين على إثارة الدهشة.. فالمرحلة المقبلة تحتاج لجهود مؤثرة وفاعلة.. وعلى المثقفين المصريين أن يقدموا مبادرات جديدة.. تخرج بهم إلى الشارع بعيدًا عن مقاعد «التنظير والتأمل».. ليلتقوا بالناس.. ويقتربوا من مشاكل البسطاء.. ويشتبكوا مع الواقع ليكونوا أكثر فعالية وحميمية.. وهذا ما صرح به المخرج مجدى أحمد على الرئيس الشرفى لهذا المركز الثقافى فى حفل الافتتاح حيث قال: إن المركز سيقدم ورش عمل فى الإخراج السينمائى والفنون التشكيلية.. وفنون الشعر والغناء والحركة وكتابة السيناريو والحوار.. ويقدم دورات تدريبية فى مختلف المهارات الفنية والإبداعية.. وسيشرف عليها كبار المتخصصين والمبدعين.. وستقام أمسيات شعرية وندوات.. وحفلات غنائية سيحييها شباب ثورة 25 يناير الذين كونوا فرقًا موسيقية وغنائية خلال ثورة يناير.. والمركز يضم مكتبة ضخمة للاطلاع وبيع الكتب بأسعار مخفضة.. لا شك أن «شبابيك» مجدى أحمد على جاءت فى توقيت عبقري.. وعلينا جميعًا أن نفكر فى «نوافذ» جديدة للعمل الأهلى العام.. لنخلق حواراً فاعلاً وعملياً.. ونقدم للمجتمع خدمات حقيقية بعيداً عن أوهام التنظير السياسى والثقافى الممل.. لقد تعبنا من الحديث فى السياسة.. وتعبنا من الجلوس على المقاهي.. وعلينا جميعاً أن نفتح «شبابيك» جديدة لنطل منها على الحياة.. ونقترب من خلالها من الإنسان المصري.. ولتكن «شبابيك» مجدى أحمد على هى البداية.. وبعدها ستتفتح آلاف الشبابيك.. لنقترب كثيراً من شعبنا المصرى العظيم.