لن أنسي ما جري ظهر يوم الجمعة 18 فبراير 2011 في ميدان التحرير.. في هذا اليوم جاء الدكتور يوسف القرضاوي من العاصمة القطرية الدوحة ليخطب في المتظاهرين الذين تجمعوا في الميدان للاحتفال بمرور أسبوع علي سقوط الحكم الفرعوني وإجبار الرئيس مبارك علي التنحي عن الحكم.. في هذا اليوم ظهر الإخوان والسلفيون وأصحاب اللحي وتولوا إدارة وتأمين منصة الاحتفال التي صعد إليها الدكتور القرضاوي ليخطب في جماهير المحتفلين وتحديد من يصعد إليها ومن لا يصعد.. وعندما حضر الناشط السياسي المهندس وائل غنيم مؤسس موقع «كلنا خالد سعيد» الذي كان أحد القوي المحركة لثورة 25 يناير منعه القائمون عن إدارة المنصة من الصعود والوقوف إلي جانب الدكتور يوسف القرضاوي أو مخاطبة جماهير المحتفلين في ميدان التحرير.. بعد أقل من أسبوع علي سقوط الفرعون الأخير حسني مبارك كانت عملية السطو علي الثورة واختطافها من صناعها الحقيقيين قد بدأت علي أيدي الإخوان والسلفيين.. ولنتذكر أنه قبل يوم الثلاثاء 25 يناير كان المتحمسون للمشاركة في المظاهرات هم شباب حركة «كلنا خالد سعيد» وحركة كفاية و6 أبريل وشباب الغد وشباب جماعة الإخوان المسلمين الذين رفضوا إطاعة أوامر مرشد الجماعة الدكتور محمد بديع في عدم المشاركة في المظاهرات.. بينما كان موقف السلفيين هو رفض المشاركة في المظاهرات ورفض الخروج علي طاعة الحاكم وأولي الأمر.. ولكن بعد انهيار جهاز الشرطة يوم الجمعة 28 يناير أمام إرادة الشعب المصري تخلي الإخوان عن حذرهم وتغير موقف السلفيين مائة وثمانين درجة وانضموا إلي جماهير الشعب الغاضبة والساعية للتغيير والحرية والعدالة الاجتماعية.. وبعد نجاح حلم التغيير والإطاحة بالفرعون الأخير حسني مبارك يوم 11 فبراير واتساع مجال الحرية ليشمل كل القوي التي كانت محرومة وممنوعة من حق التنظيم والعمل السياسي ومنها الإخوان والسلفيون بدأت تلك القوي تتحدث عن دولة تشكل هي وحدها ملامحها ودستورها وفق أهوائها ورؤيتها في إطار اعتقاد عند البعض منها بأنهم أصحاب التوكيل الحصري للإسلام في مصر وأنهم خلفاء الله علي الأرض.. وكانت المظاهرات والمليونيات التي نظمتها وآخرها تلك التي جرت يوم الجمعة الماضي محاولة منها لخطف الثورة والسطو عليها والسعي لتشكيل حاضر مصر ومستقبلها وفق رؤاها متناسية أن صياغة مستقبل مصر ودستورها هو عمل توافقي لكل المصريين وليس للإخوان والسلفيين وحدهم.