بعد ثورة 25 يناير وسقوط نظام مبارك عبر كثير من أقباط المهجر عن رغبتهم فى العودة الى مصر من خلال إنشاء وتأسيس مشروعات استثمارية تفيد البلد وأهله، فى الوقت الذى دعا فيه رئيس الوزراء الدكتور عصام شرف المصريين فى الخارج وخاصة من رجال الأعمال الى الاستثمار فى مصر وإقامة مشروعات من شأنها تقوية وتنشيط الاقتصاد المصرى خلال المرحلة الراهنة. بعدها أعلن اتحاد المنظمات القبطية الأوروبية، أنه اجتمع مع اعضائه من أجل دعم مصر بعدة مشاريع تجارية وإنشاء عدد من المصانع بها، مشيداً فى بيان له بسقوط النظام وتنحى الرئيس مبارك عن الحكم بعد 30 عاماً من المعاناة التى سببها للشعب المصري. ولكن.. فى المقابل أعلن عدد من رجال الأعمال الأقباط فى أمريكا وسويسرا والسويد واستراليا عن تأسيس أول بنك قبطى دولي، الأمر الذى يطرح التساؤل حول هدف هذا البنك وما هى المشروعات الاستثمارية التى سيتبناها ونوعية هذه المشاريع وطريقة عمل البنك فى ظل بنوك إسلامية فى مصر. دعونا نناقش سويا حقيقة هذا البنك ومن وراءه حيث أسست مجموعة من رجال الأعمال الأقباط بالعاصمة السويدية استوكهولم شركة استثمارية لإطلاق أول بنك قبطي عالمي تحت اسم «إنترناشيونال إيجيبت وان بنك» برأسمال مبدئي يصل إلي 100 مليون يورو. ويساهم بالشركة المؤسسة للبنك رجال أعمال مصريون بالمهجر من ألمانيا والنمسا والسويد وهولندا وأمريكا بالإضافة إلي مصر، كما تشارك بالبنك مجموعة من رجال الأعمال من لبنان وسوريا. جوزيف عبود، العضو المنتدب للبنك القبطي العالمي كشف ل «روزاليوسف»: في اتصال هاتفي من السويد أن البنك عبارة عن هيئة استثمارية تم تأسيسها برأسمال 100 مليون يورو كبداية، وأضاف: سيكون للبنك العديد من الأفرع في كل دول العالم، وندرس الآن إنشاء فرع في مصر طبقا للقانونين الخاصين بإنشاء أفرع البنوك العالمية وطبقا لقوانين الاستثمار العالمي. وأشار «عبود» إلي أن البنك الجديد انضم إليه عدد من رجال الأعمال المسلمين بالمهجر، نافيا أن يكون البنك تابعا لأي جهةٍ دينية مسيحية أو كنسية، مؤكدًا أنه جهة استثمارية فقط. وبالنسبة لمجالات عمل البنك، قال «عبود»: يمول البنك مشروعات تنموية تهتم بالبيئة والتأهيل المهني للعاطلين في كل دول العالم وفي الوقت ذاته دعا البنك القبطي الدولي والذي يمتلكه عدد من رجال الأعمال المصريين بالمهجر، إلي تقديم الدعم والمساعدات المالية للأقباط المصريين في الحملات الانتخابية ودعم الديمقراطية في مصر. وأكد البنك في بيان له أنه يدرس المشاركة في المشروعات المصرية العملاقة لدعم الاقتصاد المصري خلال الفترة القادمة بسبب الظروف التي تمر بها مصر وقال البيان: «إن البنك سيقدم مشروعات تنموية في مصر، وسيفتتح عددا من الفروع طبقا لقانون الاستثمار العالمي والتي تحكمه القواعد الاقتصادية في إنشاء البنوك». وأضاف البيان أن البنك انضم إليه عدد من رجال الأعمال المسلمين بالمهجر، نافيا أن يتبع البنك أي جهة دينية مسيحية أو كنسية، مؤكدًا أن البنك جهة استثمارية وليس جهة دينية. وأشار البيان الرسمي للبنك القبطي إلي أن البنك سيدعم الحملات الانتخابية للأقباط في مصر ومساعداتهم الفنية من خلال دورات ثقافية سياسية، في مختلف محافظات مصر، كما يرحب البنك بدعم أي مواطن مصري يريد دولة مدنية وليست دينية. ومن جهته التقى الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء ووفد ممثلي أقباط المهجر في الولاياتالمتحدةالأمريكية للتعرف علي مطالبهم ومشاكلهم والعمل علي حلها حتي يتمكنوا من المشاركة الفعالة في تنمية بلدهم إلي جانب المشاركة السياسية. وعبر وفد ممثلي أقباط المهجر عن تطلعهم للمساهمة بفاعلية في جهود صياغة المرحلة الراهنة التي ستنشأ علي أساسها قواعد مرحلة الانتقال الديمقراطي بما يستلزم مشاركة كافة أطياف المجتمع بالداخل والخارج. المجتمعون أكدوا أهمية دور التعليم والاعلام في صياغة ثقافة المحبة والاخاء للآخر والترويج لمبادئ التعايش والمواطنة والمساواة بين ابناء المجتمع الواحد الذين يشكلون نسيج هذا الوطن. كما عبروا عن تطلعهم لرعاية الحكومة في مرحلة التحول المهم لمطالب الاقباط واتاحة حرية العبادة والمساواة في فرص تولي المناصب وحرية بناء دور العبادة واتساع مساحة التعبير في الاعلام والمناهج التعليمية وزيادة فرص تولي الأقباط للمواقع القيادية في مؤسسات الدولة بما يؤكد مشاعر الوحدة الوطنية وحق المواطنة ويرسل رسالة للعالم الخارجي وللجاليات القبطية في الخارج. وقالوا إن العلاقة القائمة علي الثقة والتواصل ستسهم في توثيق الروابط بين الاقباط في المهجر والمصريين بالخارج عموما وتشجع المساهمة في بناء الوطن والشروع في تنفيذ العديد من المشروعات الاستثمارية في ظل الاحساس بالانتماء والمواطنة. من جانبه اكد د.شرف أن هدفنا في المرحلة القادمة هو حماية وحدة الوطن ونسيج المجتمع المصري من خلال التواصل مع جميع أطيافه مؤكدا ان الاقباط في المهجر والمصريين في الخارج مدعوون للمساهمة بفكرهم وآرائهم لدعم مرحلة التحول نحو نظام ديمقراطي قائم علي أسس ثابتة تعتمد مباديء العدالة والمساواة والمحبة والاخاء بين أبناء الوطن ومعالجة المشكلات التي تراكمت نتيجة سياسات ومعالجات العهد السابق التي افسدت ما كان سائدا من قبل ولتحقيق الترابط الاجتماعي والثقافي المنشود. وأكد ان تأسيس «لجنة العدالة الوطنية» من خبراء مسلمين واقباط لصياغة أسس التحرك لدعم الوحدة الوطنية ومواجهة أي مشكلات طائفية والانذار المبكر بها ومعالجتها واننا سنعمل علي تفعيل دور هذه اللجنة في هذا الصدد وذلك علاوة علي اعداد قانون لتجريم التمييز وصدور قرارات لفتح الكنائس واستمرار النقاش المجتمعي والمشاركة من أجل صدور قانون دور العبادة. وعبر رئيس الوزراء عن تطلعه لتلقي مقترحات ممثلي أقباط المهجر لتضمينها في مسارات النقاش الجاري حاليا بحيث يكون لهم إسهام عملي وتأثير ايجابي علي المشاركة في اعداد القوانين الجديدة. قدم الوفد شكره وتقديره للدكتور عصام شرف بينما عبر سيادته عن فخره لما حققه أبناء مصر في الخارج من نجاحات تضاف لرصيد هذا الوطن وستكون ركيزة من ركائز نهضة مصر في المرحلة القادمة ضم الوفد كلا من د.طارق شكري مدير مكتب محاماة ود.جورج جوهري شريك بمصنع ادوية ود.عاطف لبيب صاحب مستشفي جراحات قلب مفتوح ود.خيري مالك بادارة الاغذية والادوية الأمريكية «ا.ف.دي.ايه» وا/سام شاكر صاحب مكتب محاسبة «سي بي ايه» ود.صبري جوهرة شريك بمستشفي ود.سمير رزق دكتوراه في أمراض الدم ود.نفرتيتي لبيب دكتورة نفسية ود.ممدوح القمص نائب عميد جامعة هندسة ستوني وأ.حلمي نوس رجل أعمال. في أحد تصريحاته الصحفية أكد الدكتور مكاري أرمانيوس سرور إن أموال العشور التي يدفعها أقباط المهجر تقدر بحوالي 60 مليون دولار سنويا، ويقوم هؤلاء بدفع جزء من عشورهم إلي الكنيسة القبطية في مصر بالعملة الصعبة وذلك كنوع من المساهمة منهم في تعمير الكنائس والأديرة ومساعدة المصريين والمحتاجين من فقراء الأقباط في مصر. كما أن بعض الأقباط في الخارج يشترون بجزء من عشورهم بعض الأجهزة الصناعية البسيطة مثل ماكينات الحياكة وبعض أجهزة الكمبيوتر، ويرسلونها إلي الكنيسة القبطية لتوزيعها بمعرفتها علي المحتاجين والفقراء لتكون مصدر رزق لهم عند تشغيلها. هنا نتساءل.. هل أقباط المهجر يريدون الاستثمار في مصر بمشروعات ضخمة تزيد من العمالة المصرية وتنشط الاقتصاد المصري ام ان هناك بعض الذين يريدون تأسيس مشروعات من شأنها طائفية؟ علي أية حال.. دعونا نؤكد ان لأقباط المهجر دور هام وفعال في التأثير علي السياسة الخارجية المصرية والتي لم يكن معلن عنها أيام النظام السابق ولكن هل أصبح الدور بنفس الأهمية بعد ثورة 25 يناير؟ هذا ما سنكتشفه في الحلقة المقبلة.