المتابع لسياسات الدولة سواء قبل ثورة 25 يناير، أو تلك الحكومات المسماة "بالانتقالية" في اتجاه تجويد إدارة أصولها المملوكة لها، كل حسب حقبته الزمنية السياسية سواء في ظل اقتصاد موجه، وصفقات متكافئة مع دول اشتراكية حليفة (الكتلة الشرقية سابقاًَ) وتوجه بإنتاج خدمات وتعليم وصحة للشعب شبه مجانية، وتعيين كل الخريجين في وظائف بجميع أجهزة الدولة، قطاعها الإنتاجي والخدمي، دون مراعاة للاحتياجات الفعلية أو لنوعية الخريجين، وذلك من خلال مكاتب القوي العاملة. أصبحت أصول الدولة المملوكة لها، عصراً من عصور المماليك فعلاً ولا يمكن الالتفات إليها بحزن أو بعدم الرضا أثناء التطوير أو التغيير أو التخلص من بعضها سواء بأسلوب علمي أو بأسلوب غير شفاف وغير ضامن للعائد الاقتصادي والتشغيلي المرتقب. ومن هذه الإجراءات والإصلاحات التي اتخذتها بعض الحكومات ما قبل ثورة 25 يناير . (حيث هذه الحكومة الحالية لا تعمل ولا تهتم أصلاً)! حيث من المعروف أن الهيئات الاقتصادية هي كيانات كان يجب أن تستقل بالكامل عن الموازنة العامة للدولة وتعمل وفق أسس اقتصادية طبقاً للقانون رقم (11) لسنة 1979 والذي عدل بقانون رقم (53) لسنة 1991 والخاص بالموازنة العامة للدولة، وتم فصل موازنات هذه الهيئات عن الدولة، وبالتالي نعتمد ميزانياتها من مجلس الشعب، وأصبحت هذه الهيئات وحدات اقتصادية مستقلة ذات شخصية اعتبارية لها استقلال مادي وإداري وكان من المفترض أن تحقق هذه الهيئات فوائض مالية، أو علي الأقل تسهم في تمويل نفسها ذاتياً، وهذا ما لم يحدث في الغالب الأعم، وبنظرة سريعة علي عدد الوحدات الاقتصادية منذ نشأتها كانت (42) هيئة في عام 1979، ثم وصلت عام 2000 إلي (61) هيئة ثم أصبحت (59) هيئة في عام 2003 بعد تحويل هيئة الكهرباء وهيئة المصل واللقاح، وميناء القاهرة الجوي إلي شركات قابضة، ولا نستطيع أن ننكر أو ننسي دور هذه الهيئات الاقتصادية، فقد أدت دوراً بارزاً في الحياة الاقتصادية للوطن ومثلت إحدي الدعامات الأساسية للاقتصاد القومي، وخاصة في تلبية احتياجات المواطن، ولقد تقدمت وزارة المالية في عصر الدكاترة (مدحت حسنين، ويوسف بطرس) وكذلك الجهاز المركزي للمحاسبات، مع بعض الجهات البحثية، بدراسات جادة لكل هيئة علي حدة، وحددت تلك الدراسات أسباب العجز والخسارة، ووضعت حلولاً مناسبة لاستعادة التوازن ورغم أن هذه الدراسات قد تم عرضها علي لجان متخصصة في البرلمان، ورغم أن بعض هذه الهيئات قد أخذت بنتائج هذه الدراسات مما أسهم في تحسين صحة بعضها، وانخفاض حجم مساهمة الموازنة العامة للدولة لبعض هذه الهيئات، ولكن ليس بالصورة المرضية، وربما بعد قيام ثورة 2 يناير وتوقف كل هذه الهيئات عن الاستمرار في تحسين أحوالها، وإعادة الهيكلة لأجور العاملين بها، حيث التفاوت رهيب بين الرأس والقاعدة. ولعل المتابع للهم العام في شأن الهيئات الاقتصادية، من داخل المطبخ السياسي وليس من شرفة دار الأوبرا أو من استاد القاهرة، حيث الحكومة الحالية تأخذ موقعها لمشاهدة مثل تلك المشاكل المهمة لجسم الأمة الاقتصادي فنحن في أشد الإحتياج لعمل جاد ومباشر ودون خجل أو خوف من إنهاء قضية الهيئات الاقتصادية التي تعيش علي "قفا الموازنة العامة" وتستنزف كمًا هائلاً من أموال دافعي الضرائب دون وجه حق، هذه رسالة للصديق المسئول نائب رئيس الوزراء، (د.حازم الببلاوي) حامل ملف الاقتصاد والمالية والموازنة العامة للدولة، أعانك الله! .