فى محاولة لتقييم المنجز الثقافى واستشراف مساراته المستقبلية على ضفاف طريق الحرير الجديد، أرسلت الصين وفدًا ثقافيًا إلى مصر يترأسه السيد «تشين فونج» نائب رئيس الأكاديمية المركزية الصينية للإدارة الثقافية التى مقرها بالعاصمة الصينيةبكين، حيث نظمت السفارة الصينية بالمركز الثقافى الصينى بالجيزة «ملتقى ثقافي» الخميس الماضى فى الخامسة مساء. ووجه الجانب الصينى الدعوة لعدد 15 مبعوثا مصريا مختارا فقط، من بين المئات الذين زاروا الأكاديمية الصينية طوال سبع سنوات كاملة فى الفترة من 2012 وحتى 2019، وكانت أجندة الملتقى تتعلق بتطوير البرامج الثقافية التى تطرحها الصين من خلال الأكاديمية للتعاون مع الدول المشاركة فى طريق الحرير الجديد، والحوار حول مستقبل البعد الثقافى للطريق وتطوير آلياته حيث طرح المشاركون من الجانب المصرى وجهات نظرهم وتصوراتهم المستقبلية حول الأفق الثقافى المصرى الصينى المشترك. وكان من ضمن المشاركين والمدعوين من الجانب المصرى لحضور الملتقى د.حاتم الجوهرى عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، الذى طرح مبادرة مكتوبة بعنوان: مبادرة تبادل المزيج الثقافى بطريق الحرير، وكان د.حاتم الجوهرى كان قد زار الصين ومثل مصر فى «منتدى حماية التراث الثقافى اللامادي» هناك فى عام 2017. وقد أشار «الجوهرى»: يأتى دخول مشروع طريق الحرير الجديد للنور باعتباره «تبادل المزيج الثقافى» المتفرد لكل دولة وفق «مستودع هويتها» الخاص، حيث لكل دولة مزيجها وظروفها الخاصة التى تمنحها هويتها الثقافية المتفردة. ومجالات هذا التبادل الثقافى تعمل فى نطاق المقابلة والبحث عن مسار «العناصر الثقافية» المتمايز والمتباين نوعا فيما بين دول المبادرة وكل دول العالم أيضًا، ثم البحث فى وسائل دمجه والمزاوجة بين الطريق الخاص بكل دولة والتجاور بين تلك العناصر الثقافية المتقابلة والتأكيد على المزاوجة والدمج. مثلا يمكن القول أن عنصر «الورق وصناعته» يصلح كأساس فى «دبلوماسية تبادل المزيج الثقافي» القائمة على احترام الآخر وفهمه بين مصر والصين، فسنجد أن مصر تملك تاريخها الخاص وما يوجد حوله من عناصر التراث الثقافى اللامادى فى صناعة ورق البردي، كما تملك الصين تاريخا مماثلا فى صناعة ورق الكتابة المماثل من سيقان البامبو وبعض المواد الأخرى، هنا يمكن المقابلة بين الورق ومنتجاته تاريخيا كعنصر ثقافى تقابلى بين مصر والصين، والبحث فى فنون دمج كل منهما واستعراض تاريخ كل منهما وعمل المعارض لذلك وتحويله إلى صناعة إبداعية تحافظ على ذلك العنصر الثقافى بين البلدين.. ويمكن أن يتم ممارسة فن الخط الصينى على ورق البردى المصري، وتتم ممارسة فن الخط العربى والمصرى القديم على الورق الصينى كنوع من تبادل المحبة والمزج الثقافى. وعلى مستوى الغناء فى عناصر «الدبلوماسية الثقافية» التقابلية، يمكن عقد المهرجان لأغانى أعياد الميلاد القديمة وما يصاحبها من طقوس واحتفالات راقصة بين مجموعة الدول العالمية فى مهرجان خاص بالغناء وفنون الحركة، ويمكن تطبيق التقابل والمزج الثقافى فى العديد من العناصر الثقافية الأخرى فى فنون الأداء المهرجانى مثل: طقوس الحرب والتصالح فى المجموعات القبلية المصرية والصينية. وفى النهاية تبقى مبادرة طريق الحرير الجديد والدول المشاركة بها حلم طموح وتحد ثقافي حضاري بالأساس، وذلك لكى تنجح المبادرة فى تجاوز مفاهيم الصراع الحضارى التى سبق وقدمها النموذج الغربى فى القرن العشرين تجاه الآخر، وتبقى مصر والصين شريكين فاعلين أساسيين فى المبادرة، لمنحها روحها الحضارية والثقافية المستمدة من ثقلهما التاريخى وتجربتهما الإنسانية الطويلة، نحو عالم أكثر عدلًا ومحبة وتسامحا وتعاونا تجاه الآخر».