خسر منتخب مصر الأول لكرة القدم مبارياته الثلاث فى مونديال روسيا بواقع ستة أشواط، وهى الخسارة التى يتحملها مجلس ادارة اتحاد الكرة برئاسة هانى أبوريدة الذى رد بشوط واحد فقط مدته 45 دقيقة كانت المدة الزمنية لمؤتمره الصحفى الذى عقده أول أمس الأربعاء جمل فيه الصورة، وقدم مبررات وانجازات رأى أنه ومجلسه يستحق عليها البقاء، والاستمرار مبديا اندهاشه ممن يطالبه بالرحيل لينقذ بنسبة كبيرة نفسه من مقصلة الحساب، وليراهن على مرور الزمن ونسيان الجماهير ما حدث ملوحا فى الوقت ذاته باللجوء إلى الاتحاد الدولى (الفيفا) حال تهديده بالإقالة كما فعل منذ أشهر عندما هدد وزير الشباب والرياضة السابق خالد عبدالعزيز لمطالبته له بإجراء انتخابات تتماشى مع لوائح النظام الأساسى الجديد مثل باقى الاتحادات الرياضية، إلا أن أبوريدة استقوى بالفيفا ونفذ كلامه وأرادته على الدولة وقتها. المؤتمر الصحفى الأخير اعتمد فيه أبوريدة على خطة تشبه خطط العصابات التى تحوم حول جريمتها بحرص شديد بهدف تفادى الاشتباه، ومن ثم الوضع تحت مقصلة المساءلة، وجاء الاعتماد كل الاعتماد على رئيس المنظومة نفسها الذى تصدر المشهد عبر منصة المؤتمر، محاولا التماسك قدر المستطاع خصوصا مع اللحظات الأولى لبدء المؤتمر مقدما سيل من الاعتذارات عن كل المشاكل والنتائج التى حدثت فى المونديال بهدف امتصاص موجه الغضب الأولى، ثم تلقى موجه الغضب الثانية بذكاء شديد من خلال قبول أسئلة الصحفيين والإعلاميين الهجومية بصدر رحب – على غير طبيعته بالمرة – وأخذ يهدئ من روع المتواجدين الذين بدا عليهم التعصب الشديد إلى أن جاءت المرحلة الأهم فى المشهد والمتمثلة فى سيناريو الوسط الذى تصدره بقوة فجأة ودون مقدمات عضو المجلس مجدى عبدالغنى والذى كان متواجد وفقا للاتفاق المعد سلفا مع باقى زملائه الأعضاء فى الصفوف الأولى أمام منصة أبوريدة حتى اخترق حديث رئيسه، وأخذ يوجه كلامه بانفعال شديد للمتواجدين بصوت عال كى يكتمل السيناريو الموضوع الذى اعتمد على الهدوء تارة ثم الصوت العالى تارة أخرى من جانب المعتدين ثم انفعالات بعض الصحفيين تارة ثالثة لتمر دقائق المؤتمر كما خطط وأراد أبوريدة ورجاله. المثير أن أبوريدة نجح بذكاء شديد فى تمرير أزمة استقالته أو إقالته وأخذ من المؤتمر الصحفى شرعية جديدة كما لو كان يعقد مؤتمرا صحفيا طبيعيا لمنتخب خرج من المونديال بشكل طبيعى، وأخذ يتناقش مع الحضور خطط المستقبل وكيفية تفادى السلبيات فى المستقبل القريب متجاوزا عن عمد ملفات ساخنة وفضائح فنية وادارية وأخلاقية حدثت خلال 16 يوما فقط قضاها الفراعنة فى روسيا محققا نتائج واخفاقات مدوية بالخسارة فى اللقاءات الثلاث تخللها أزمات مع نجم الفريق المحترف بصفوف ليفربول الإنجليزى محمد صلاح وما تعرض له من خداع فى زيارة وتكريم رئيس الشيشان رمضان قديروف الذى اعتاد على مقابلة كبار نجوم كرة القدم فى العالم ابرزهم الأرجنتينى دييجو مارادونا والبرازيلى رونالدينيو، إلا أن زيارة منتخب مصر وتكريم صلاح من قديروف هذه المرة جاء فى توقيت غير مثالى عكس جهل رجال الجبلاية بالسياسة والأجواء المحيطة بالعالم وإلا ما استثمرتها مواقع عالمية وروجت إلى الزيارة بأنها نوع من أنواع غسيل السمعة للرئيس الشيشانى، كما وصفت هيئة الاذاعة البريطانية والتى اتهمت قديروف باستغلال اللاعب المصرى محمد صلاح لتحقيق مكاسب سياسية عبر التقاط الصور معه، واستقباله فى ملعب تدريب الفراعنة بعدما اختار المنتخب المصرى العاصمة الشيشانية جروزنى لتكون مقرا له خلال مشواره فى نهائيات كأس العالم. ويعانى قديروف من تقارير دولية تتحدث عن تورطه فى عمليات قتل خارج نطاق القانون للمعارضين والنشطاء والحقوقيين فى بلاده، هذا بخلاف تصاعد أزمة الجاسوس الروسى سيرغى سكريبال قبل المونديال بأيام، والذى فجر الخلافات بين الشرق والغرب لدرجة هددت معها بريطانيا بمقاطعة المونديال فى روسيا وساندها فى ذلك منتخبات كبيرة بحجم إسبانيا وفرنسا واستراليا وبولندا واليابان كل هذا ولم يلتفت مسئولو الجبلاية إلى وضع محمد صلاح الحساس كونه محترفا فى بلاد الإنجليز، وبات نجما غير عادى هناك بعد أن حصد ألقاب أفضل لاعب وهداف وأرقام كثيرة غير مسبوقة لنجم مصر وعربى وأفريقى ليتم توريطه دون ذنب أو وجه حق، بسبب أطماع مسئولو الجبلاية الذين اختاروا معسكر جروزنى البعيد عن الملاعب بسبب الاقامة والتذاكر المجانية المهداة من الرئيس الشيشانى الذى كان يبدو يخطط لأفعاله بهذا الشكل والدقة من البداية إلا أن بحث أبوريدة عن التذاكر والإقامة المجانية أغرته، لتتسبب فى احراج صلاح أمام محبيه وجماهيره فى انجلترا. الأزمة لم تتوقف مع صلاح عند الجهل السياسى بل سبقه جهل اقتصادى وقانونى آخر فى أزمة الطائرة الشهيرة كى تتوالى الفضائح الأخلاقية والإدارية فى المونديال ذاته بتحويل غرف اللاعبين لاستديوهات تصوير حلقات لإحدى القنوات العربية مقابل 3 آلاف دولار، فضلا عن الضجة التى صاحبت ظهور الفنانين وزوجات اللاعبين داخل الفندق لينفرط عقد الفريق وتتسبب أفكار الأرجنتينى هيكتور كوبر فى مزيد من الأوجاع، ليخرج «الفراعنة» بشكل مخزٍ ومؤلم لجماهيره دون أن يحرك رئيس الاتحاد ساكنا، والذى أخذ يعنف العضوين حازم إمام وسيف زاهر لإعلان ترحيبهما بعرض استقالتهما ارضاء للجماهير الغاضبة إلا أنه رفض بشدة ووبخهما وطالبهما بمزيد من التماسك خصوصا أنه يتحمل المحاكمة الشعبية وحده أما كوبر فاكتفى بتقديم الشكر له وعدم تمديد عقده على غير رغبة أبوريدة حتى يكون كبش فدا للهزيمة والانكسار، بعد أن كان يتمسك ببقائه إلا أن الغضب الشعبى حتم على أبوريدة ضرورة التضحية به.