يسيل بجوار النيل فى بر مصر نهر آخر من الإبداع.. يشق مجراه بالكلمات عبر السنين.. تنتقل فنونه عبر الأجيال والأنجال.. فى سلسلة لم تنقطع.. وكأن كل جيل يودع سره فى الآخر.. ناشرا السحر الحلال.. والحكمة فى أجمل أثوابها.. فى هذه الصفحة نجمع شذرات من هذا السحر.. من الشعر.. سيد فنون القول.. ومن القصص القصيرة.. بعوالمها وطلاسمها.. تجرى الكلمات على ألسنة شابة موهوبة.. تتلمس طريقها بين الحارات والأزقة.. تطرق أبواب العشاق والمريدين. إن كنت تمتلك موهبة الكتابة والإبداع.. شارك مع فريق «روزاليوسف» فى تحرير هذه الصفحة بإرسال مشاركتك من قصائد أو قصص قصيرة «على ألا تتعدى 055 كلمة» على الإيميل التالى: [email protected]
خيال عن وطن مغاير قصة قصيرة كتبتها – هدى توفيق تثاءب يوسف ممددًا على سريره بثنايا النوم الذى ما زال عالقًا بجفنيه، وأنا أناديه مرارًا: - انهض يا يوسف من فضلك، تأخرنا عن موعدنا للذهاب إلى النادى، يا كسول.. انهض.. انهض. استند إلى السرير وما زال يغالب النعاس فى عينيه وقال بحماسة مفاجئة: - ماما، أين هو القمر؟ قلت: نعم؟! القمر فى السماء يا حبيبي.. لما. - كنت هناك مع كائنات غريبة الشكل. - هذا حلم يا يوسف. - وإن كان حلمًا يا أمي.. أريد أن أعيش هناك. - هيا أخبرني.. عن الحلم. - يقظتى المفاجئة أنستنى ملامح المكان.. لكنى أتذكر تلك الكائنات. - ولا يهمك يا حبيبي، أخبرك أولاً ما القمر.. القمر قرص مستدير يشع نورًا فى الليل وسط ظلمات السماء.. كأننا فى استاد رياضى كبير واسع جدًّا وفى أعلاه يقف القمر منيرًا وضاحًا كالبدر الجميل. وأكمل يوسف وقد استعاد وعيه وتشغيل الحواس الخمس من جديد: - ونحن نلف حول مَن؟ القمر أم الشمس؟ - نحن نسكن على كوكب الأرض، ومثل كل الكواكب الأخرى نلف حول نجمتنا الأم الشمس. - وكيف يحدث هذا يا أمي؟ صمت فجأة وانتابنى جهل جغرافي، وإن كان فى الحقيقة موجودًا منذ بداية الحوار بيننا، إلا أن يوسف ضحك عاليًا وقفز من سريره بهمة ونشاط وسحبنى من يديَّ وأوقفنى فى وسط الحجرة ولف حولى عدة لفات، هكذا صح يا أمي، نحن كوكب الأرض نلف حول الشمس، فأنت مثل الشمس عندي، وسألف حولك. وقهقهت بعدة ضحكات، واحتضنته وقبلته بقوة، ونهرته بلطف قائلة: - امشى يا شقى واستعد.. تأخرت عن ميعاد التدريب فى النادى يا ولد. وغادرته والابتسامة لا تفارقني، وهززت رأسى تعجبًا من خيال طفلى الذى لا يتجاوز العاشرة، وخاطبت نفسى بصوت واضح أنظر بإعجاب فى أمنية طفلي: والله فكرة رائعة أن نصعد معًا إلى القمر يا يوسف ونسكن هناك بعيدًا عن تلك الأرض المعذبة بناسها البؤساء.. وعدت أبتسم مرة أخرى.