يتواجد منتخب مصر فى كأس العالم المقبلة بروسيا بأهداف خاصة جدا، رغم الغياب 28 عاما، حيث ينتظر نجومه أرقامًا قياسية على غرار تلك التى يحققها نجم الفريق المحترف بصفوف ليفربول الإنجليزى محمد صلاح، وأبرز هؤلاء على الأطلاق الحارس الدولى الأسطورى عصام الحضرى المحترف بصفوف التعاون السعودى، وهو فى سن ال45 عاما الذى بات من معمرى المونديال فور إدراج اسمه ضمن القائمة الرسمية للفراعنة المنتظر إرسالها فى 4 يونيو المقبل أى قبل المونديال المقرر انطلاقه فى 14 من ذات الشهر، خصوصا أنه يضمن مقعده، وربما يفاجئ الجميع كعادته بالظهور كحارس أساسى، عندما يخوض الفريق الوطنى منافسات المجموعة الأولى أمام أوروجواى وروسيا والسعودية. الحضرى كان الحارس الثالث فى بطولة الأمم الأفريقية الأخيرة بالجابون، ورغم ذلك كان فى الموعد وقت استدعائه كأساسى خلف المصابان شريف إكرامى وأحمد الشناوى فى المباراة الافتتاحية، ولعب دور فاصل فى وصول الفراعنة لنهائى البطولة قبل الخسارة أمام الكاميرون، فالتجارب كثيرة ومتعددة ويكفى أنه حقق شهرة عالمية قبل التأهل إلى كأس العالم بروسيا من خلال صولاته وجولاته فى ثلاثية الأمم الأفريقية الشهيرة 2006 و2008 و2010 مع المدرب الأسبق حسن شحاتة، وكذلك المشاركة المتميزة فى كأس العالم للقارات بجنوب أفريقيا 2009، ليفتح الحضرى باب المخضرمين فى المونديال للحديث عنهم، لما يضمه تاريخهم المشرف من انجازات وأرقام قياسية جديرة بالاهتمام والرصد قبل انطلاق نسخة موسكو. الحضرى ظل رجل واحد يقف فى قلب الميدان مرتديًا قفازيه الشهيرين، وعلى أهبة الاستعداد لخوض أى تحدى فى أى وقت؛ كانت أول مباراة دولية له عام 1996، فى وقت لم يكن فيه بعض زملائه الحاليين فى المنتخب قد ولدوا بعد، وكان مشاركاً فى الفترة التى هيمنت بلاده خلالها على القارة الأفريقية فى العقد الأول من القرن ال21، وكذلك عندما تراجعت قدرتها على بناء فريق ناجح بعد سنوات قليلة لاحقة. يتجاوز إجمالى مشاركات الحضرى فى المباريات الدولية 160، كما فاز ببطولة كأس الأمم الأفريقية 4 مرات، ووقع عليه الاختيار أحسن حارس مرمى بالبطولة أعوام 2006 و2008 و2010، ومع أنه لم يعد هناك وقت طويل متبق أمام الحضرى داخل الملاعب، فإنه يعى جيداً ما يرغب فى تحقيقه خلال الفترة القصيرة المتبقية، فالحضرى كان يتولى حراسة المرمى عندما سجل صلاح هدف الفوز أمام الكونغو على استاد برج العرب، ومن ثم التأهل مباشرة نحو مونديال روسيا. وإذا ما نجح الحضرى فى تجنب الإصابة واحتفظ بمكانه داخل المنتخب، فإنه سيصبح بذلك أكبر لاعب سناً يشارك فى بطولة كأس العالم على امتداد تاريخها، ليحطم الرقم القياسى المسجل فى الوقت الحالى باسم حارس المرمى الكولومبى فارياد موندراغون عام 2014، ويبدو الحضرى عاقداً العزم على تحطيم هذا الرقم القياسي، فالحضرى لم يعد مجرد أيقونة من الماضى يجرى الاستعانة بها لاعتبارات عاطفية، أو لأنه لاعب مخضرم يقدم أداءً جيداً داخل غرفة تبديل الملابس وحول الفندق الذى يقيم فيه المنتخب، لقد شارك فى التشكيل الأساسى وارتدى شارة القائد على امتداد مباريات التأهل التى خاضتها مصر، ولم يتنح جانبا سوى خلال المباراة الأخيرة فى التصفيات أمام غانا، بعد أن ضمن المنتخب مكانه فى روسيا، ولا ينتظر الحضرى ليشارك على نحو شرفى فى بطولة كأس العالم المقبلة، ثم يعلن اعتزاله، وإنما ينوى الاستمرار فى اللعب حتى الخمسينات من عمره، هكذا يعلن دائما، وإلا ما سعى للاحتراف الخارجى وهو فى سن متقدم. يعود تاريخ نجاحات الحضرى مع المنتخب المصرى إلى عام 1998، عندما شارك فى الفريق الذى فاز ببطولة كأس الأمم، كما شارك على مقعد البدلاء عام 2000، لكنه كان على أتم الاستعداد للمشاركة داخل الملعب، خلال أول بطولة كأس للأمم الأفريقية يشارك فى التشكيل الأساسى بها عام 2002، تعرضت مصر للهزيمة بصعوبة فى دور الثمانية من جانب الكاميرون التى توجت بطلا للبطولة ومع هذا تمكن الحضرى أخيراً من حمل ميدالية الفوز عام 2006 مثلما فعل لاحقاً عامى 2008 و2010، ومع قدوم كأس العالم إلى أفريقيا للمرة الأولى عام 2010، كان ينبغى أن تكون مصر بين الفرق المنافسة، لكن بعد وصولها إلى الجولة الثالثة فى التصفيات وجدت نفسها محصورة فى مواجهة الجزائر، واضطر البلدان لخوض مواجهة حاسمة فى السودان، وخسرت بهدف، ظن بعدها الكثيرون أن الحضرى سيتجه إلى الاعتزال، لكنه فاجئ الجميع بطموح الشباب بداخله وأنه ينوى تسطير تاريخ جديد تماما. عندما أكمل الحضرى عامه ال40 عام 2013 عاش ظروفا معاكسة، وبدا أنه بدأ فى الابتعاد عن صفوف المنتخب، وعندما بدأت مباريات التأهل لكأس العالم الحالية، كان الحضرى شارك فى 5 مباريات دولية فقط على امتداد 3 سنوات، لكنه ظل يعمل ويناضل حتى وقع الاختيار عليه فى أول مباراتين تأهل خاضتهما مصر أواخر عام 2016، وفازت فى كلتا المباراتين ونجح الحضرى فى الاحتفاظ بمكانه على امتداد الجزء المتبقى من التصفيات؛ وكذلك بطولة الأمم مطلع 2017 حتى نجح فى تقديم مزيد من الأداء البطولى. كانت شباك الحضرى لم تهتز فى مباريات كأس الأمم الأفريقية منذ عام 2010، واستمرت على هذا الحال خلال دور المجموعات، وحتى دور الثمانية ونصف النهائى أمام بوركينا فاسو عندما نجح أريستيد بانسى فى هز شباكه فى الدقيقة 73، ليضع نهاية ل653 دقيقة ظلت شباك الحضرى خلالها آمنة على مدار 7 سنوات من المنافسات الأفريقية، إلا أنه لم تحن له فرصة العودة إلى إنجازه السابق، فقد وصلت المباراة إلى ركلات الترجيح، ومع اقتراب مصر من الخسارة وجد الحضرى نفسه مضطراً لفعل أى شيء لإنقاذ الموقف، وتمكن من فعل ما أوكل إليه، وتصدى لركلتين على التوالى ليضمن صعود مصر إلى النهائي، وفى النهائى هزمت مصر أمام الكاميرون بهدفين مقابل هدف، لكن حاز الحضرى على اعجاب كبار نجوم ومدربى العالم الذى انحنوا له احتراما فى البطولة.