الصيام أفضل من الافطار عند السفر المستمر ورد إلي دار الإفتاء سؤال يقول: هل يرخص الفطر لمن يداوم علي السفر نظراً لطبيعة عمله؟ ويجيب الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية قائلاً: «رخص الله سبحانه وتعالي للصائم المسافر أن يفطر متي كان مسافة سفره لا تقل عن مرحلتين وتقدران بنحو ثلاثة وثمانين كيلو متراً ونصف الكيلو متر، بشرط ألا يكون سفره هذا بغرض المعصية، وأناط الشرع رخصة الفطر بتحقق علة السفر فيه دون النظر إلي ما يصاحب السفر عادة من المشقة، فصلح السفر أن يكون علة لأنه وصف ظاهر منضبط يصلح لتعليق الحكم به، والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فإذا وجد السفر وجدت الرخصة، وإذا انتفي انتفت، أما المشقة فهي حكمة غير منضبطة، لأنها مختلفة باختلاف الناس، فلا يصلح إناطة الحكم بها، لذلك لم يترتب هذا الحكم عليها ولم يرتبط به وجوداً وعدماً، قال تعالي: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَي سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيامٍ أُخَرَ يرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيسْرَ وَلا يرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (البقرة: 185). فمتي تحقق وصف السفر في الصائم ولم يكن إنشاؤه بغرض المعصية جاز له الفطر، سواء اشتمل سفره علي مشقة أم لا، وسواء تكرر سفره هذا أم لا، حتي لو كانت مهنته تقتضي سفره المستمر فإن هذا لا يرفع عنه الرخصة الشرعية، وبين الله سبحانه مع ذلك أن الصوم خير له وأفضل مع وجود المرخص في الفطر بقوله تعالي: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (البقرة : 184)، والصوم خير له من الفطر في هذه الحالة وأكثر ثواباً ما دام لا يشق عليه، لأن الصوم في غير رمضان لا يساوي الصوم في رمضان ولا يدانيه وذلك لمن قدر عليه، فإذا ظن المسافر الضرر كره له الصوم، وإن خاف الهلاك وجب الفطر. والله سبحانه وتعالي أعلم