لقاؤهم كان بمثابة عودة لتجمع الأصدقاء وزملاء الحركة الواحدة بعد تفرّق لما يقرب من العشرين عاما، ففي نقابة الصحفيين مساء الاثنين الماضي، حضر معظم أعضاء جمعية الدراسات التاريخية ندوة مناقشة كتاب "الثورجية" الصادر حديثا عن دار الشروق للكاتبة الصحفية هناء زكي، وفيه تحكي المؤلفة عن تلك الجمعية التي تشكلت من مجموعة من طلاب كلية الحقوق في فترة الثمانينيات وقد تعرضت للاعتقال والتعذيب بتهمة الانضمام للتنظيم الناصري المسلح والسعي لقلب نظام الحكم في عام 1986. أعضاء الجمعية الذين حضروا بزوجاتهم وأولادهم، ومنهم المخرج خالد يوسف ممن ينتمون لجيل الثمانينيات تبادلوا حديث الذكريات والدعابة فيما بينهم، وفي بداية الندوة قالت المؤلفة التي كانت تنتمي لتلك الجمعية في تبريرها لتأليف الكتاب: شعرت بأهمية توضيح بعض الحقائق عن الحركة الطلابية في الثمانينيات، من خلال عرض تجربة جمعية الدراسات العربية التي تعرضت للاعتقال والتعذيب"، وقال المخرج خالد يوسف: تلك الجمعية شكلت وجداني وحددت طريقي ومنظومة أفكاري، لقد كنا جيلا منفتحا علي الآخر دون أن نقتلع من جذورنا، رغم أننا لسنا من جيل الانترنت والسماوات المفتوحة". وفي مقدمته للندوة قال ناصر أمين، مدير مركز استقلال القضاء وأحد أعضاء الجمعية: أرادت المؤلفة أن تحفظ جزءا من تاريخ جيل الثمانينيات الذي ظلم كثيرا ولم يأخذ حقه من التوثيق والتأريخ رغم أنه أثبت وجوده بقوة في قلب المجتمع المصري". الكاتب الصحفي محمد شعير قدم رؤية تحليلية للكتاب قال فيها: كنت معتقدا أن جيل الثمانينيات ضاع بين جيل الستينيات الذي آمن بالأحلام الكبري، وجيل التسعينيات الذي شهد نهاية تلك الأحلام، لكن الكتاب يركز علي دور جيل الثمانينيات النضالي وليثبت أن مصر لم تتوقف عن النضال". وأضاف: أهمية الكتاب أيضا في تأريخه لبداية صعود فتحي سرور رئيس مجلس الشعب المحبوس حاليا علي زمة قضايا فساد، وكذلك يحيي الجمل نائب رئيس مجلس الوزراء الحالي، ورفعت المحجوب رئيس مجلس الشعب الأسبق، كما أن أهميته تكمن في إمكانية تسجيل الأحداث وتأريخها بعيدا عن السلطة التي تدعي طوال الوقت أنها صاحبة الحق في تأريخ الأحداث، وتحتفظ بالوثائق لنفسها وهو ما تسبب في أن تاريخ مصر كله لم يكتب إلي الآن، بحروبه وانتصاراته وهزائمه". وأكد شعير أن الكتاب أثبت أن ثورة 25 يناير هي نتاج تاريخ نضالي لنشاط الطلاب منذ عام 1946، وأشار إلي أنه يفتح الباب أمام إعادة التحقيق في بعض القضايا ومنها مقتل سليمان خاطر المجند الذي قتل 7 من الإسرائيليين حينما حاولوا اختراق الحدود المصرية وسقوط طائرة أحد قيادات الجيش وغيرها. وقال أحمد رجب، مدير مؤسسة النيل للوسائط الإعلامية، وأحد أعضاء الجمعية: نشكر ثورة 25 يناير التي أفرجت عن ذلك الكتاب بعدما يظل الأمن يعطله لمدة عامين، لقد كنا نهتم كثيرا بالمسرح في نشاط الجمعية في الجامعة، وكان الفنانون خالد صالح وخالد الصاوي ومحمد هنيدي ومحمد سعد ناشطين جدا، وكانت تلك العروض المسرحية تحرك الجامعة، بينما قال محمود عبد الحميد، مدير جمعية أصدقاء أحمد بهاء الدين: الجمعية كانت تمارس أنشطة سياسية كثيرة وكانت لنا أحلام كبري تجمع الوطن العربي كله، لكننا أحبطنا كثيرا وتفرقت بنا السبل، إلي أن قام أولادنا بثورة 25 يناير، فأثبتوا أن ما أنجزناه لم يضع، وأن علينا دورًا أكبر اليوم، وقد قرأ الكتاب بعض شباب الجامعة، وأخبروني أنهم تيقنوا أنهم ليس وحدهم من قام بثورة 25 يناير".