الثقة المفقودة بين الشعوب وحكوماتها, هي سمة عالمية حتي في المجتمعات التي تمارس الديمقراطية بحق في اختيار حكامها، وهم بالمناسبة ليسوا بحكام حيث يطلق عليهم الجهاز المدني للخدمة العامة أي أن المسئول المقبل تولي حقيبة وزارية هو قادم بانتخابات فاز بها الحزب التابع له وبالتالي انتقل من (كراسي الظل) إلي الضوء. ككل مسئول قادم للمسئولية، فهو عالم بنشاط مسئوليته قبل أن يتولي الإدارة أي أن هناك نظاماً يعمل علي الخدمة المدنية العامة في الظل وكذلك في موقع المسئولية الدستورية ومع ذلك فهناك عدم رضا كامل من الشعب أداء هؤلاء المسئولين القادمين بانتخابات نزيهة وهذا أيضاً من جانب أن الانتخابات عادة ما تفرز نتائجها بحصول حزب الاغلبية علي الخمسين في المائة زائد واحد في كثير من الأنظمة، ولا يستطيع أي حزب سياسي الحصول علي أغلبية مطلقة ورأينا ذلك في دولة هي أم الديمقراطيات (إنجلترا) بالتالي حدث تآلف لأول مرة بين حزبين كبيرين في تشكيل الحكومة (عمال ومحافظين)!! وبالتالي فإن نصف الشعب أو أقل بقليل لم يكن راضياً عن تشكيل الحكومة أو الجهاز الذي تولي الإدارة ومن هنا تأتي عدم الثقة فيما يتخذ من إجراءات أو قرارات حكومية ولكن عدم الثقة بين الشعب والحكومة له درجات ومعايير فالحكومة التي تعمل بشفافية والتي تُعْلِمْ الشعب بصورة مباشرة وسريعة عن الأحداث وعن مجريات الأمور سوف تزداد الثقة فيها نسبياً بين الناخبين!! ولعل الثقة أيضاً تأتي من إعلام حر، يعلم أدواته ونزيه وبعيد عن الانحيازات سواء العقائدية أو الطائفية أو حتي الانحياز للحكومة نفسها!! فغير مقبول أن تكون أبواق الإعلام كلها في أوركسترا واحدة وإن كان ذلك مقبولا في الدول الاشتراكية والشيوعية ولكن في العالم الحر هناك أدوات مهنية تقيد الإعلام وتضبط إيقاعه وتعلن عن مصداقيته، أو تعلن خروجه عن أصول المهنة والأخلاق أيضاً!! ومع ذلك فإن الأداة الأولي للحكومة هي الإعلام فهو حلقة الربط بين الحكومة والشعب (الناخبين) ولعل عدم الثقة، التي ابتلينا بها في مجتمعنا (مصر)، بين الحكومة والشعب قد تراكمت لعدة أحداث وظروف وحقبات زمنية مختلفة، جعلتها وكأنها (عاهة مستديمة) فعدم الثقة من الناس فيما تعلنه أو تتخذه الحكومة مما جعل علي سبيل المثال أحد الوزراء المهمين في الحكومة يصرح بأن الشباب له أن يصدق الحكومة أو (يحس) بما تقوم به للصالح العام، وفي حالة عدم إحساسه (عنه ما حس)!! شيء من الخيال اللاسياسي علي الإطلاق ولكن لأن الوزير صرح بذلك اعتماداً علي قوة حزبه وتفرده في الساحة السياسية وهذا من باب (الوهم الكبير) الذي يصيب بعض المسئولين في الحكومة المصرية وهنا يجب إعادة الثقة بين الشعب والحكومة في ظل مناخ سياسي (فاسد) ووزراء ( كي-جي-وان)!!