تبدو حياة جديدة ليلة من ألف ليلة التى كتبها فنان الشعب بيرم التونسى رغم مرور السنين، فى فهم واضح لطبيعة الأوبرا الكوميدية الفرنسية وتجليها المصرى العربى فى فن الاوبريت حيث يستلهمها من بناء الحكاية الإطارية لحكايات ألف ليلة وليلة حيث يوجد إطار درامى عام عن شحاذ وابنته الجميلة نجف التى يحبها الخليفة البغدادى ويتزوجها بعد عدد من المغامرات وداخل تلك الحكاية الإطار تتولد حكايات أخرى صغيرة متعددة هى أحداث تبدأ وتنتهى فى بناء غرائبى مبالغ فيه يقوم على الخيال الشعبى المؤمن فى عمقه بالقضاء والقدر خفيف الروح والظل الممتع بصياغة بيرم التونسى المستندة إلى قاموس لغوى عامى شعرى متفرد وأصيل. وهكذا يعود المخرج الكبير محسن حلمى من صمته المسرحى البليغ لسنوات مضت بهذا الأوبريت القادم من رصيد مصر المسرحى بألحان الملحن العبقرى أحمد صدقى الذى لم يتم الالتفات لدوره المهم فى تطوير الغناء الجماعى المصرى بعد سيد درويش، حيث الصياغة اللحنية المتكاملة القائمة على التنوع والبساطة والتى تبدأ من الحوار المغنى (الريساتيف) لتتصاعد للغناء الفردى ثم الجماعى القائم على صياغات موسيقية متعددة متناغمة (هارمونية) تتجاوز فكرة اللحن الواحد فى الغناء الشرقى التقليدي. ثم يأتى الكبير يحيى الفخرانى ليقوم بدور شحاته بطل الأوبريت فى مقدرة على المزج بين الغناء والتمثيل والمرح المسرحى المستند لحضوره الفنى المسرحى وجاذبيته الإنسانية الواضحة وليصبح أيضا قادرا على تقديم الوجهين الجديدين محسن فاروق وهبة مجدى كبطلين للمسرح الغنائى ولتتوهج معه موهبة ضياء عبد الخالق فى دور الوزير وليتأكد رسوخ وحضور لطفى لبيب المسرحى المختلف، كما أن تجليات الاحتراف الأخرى تظهر فى تنفيذ الموسيقى شديد الدقة للموسيقار يحى الموجى وهو يصل لدرجة التوزيع الموسيقى دون أن يذكرها خجلا أمام اسم الموسيقى الكبير أحمد صدقي، ولأن دور النجم المسرحى يبدو أنه قد تجاوز مجرد الحضور الفنى إلى دعم إرادة المخرج وفريق العمل فى حدوث الانضباط المسرحى والعمل المسرحى القائم على التقاليد التى غابت عن المسرح المصرى لسنوات طويلة وتعود هذه المرة مع النجم يحيى الفخرانى وإدارة المسرح القومى الجديدة ممثله فى المحترفين جمال حجاج ويوسف إسماعيل، ونتيجة وجود المنتج الفنى المحترم ومبنى المسرح القومى الجديد الذى هو متعة معمارية للناظرين، حدث أن حققت المسرحية الثقة مع الجمهور العام وأعادت للمشاهدة المسرحية احترامها وحققت المليون جنيها الأول فى الشهر الأول، علها تستمر كى يستمر النجاح.