لو أعطيت ألف عقل علي عقلي فلا يمكن أن أصدق أن ثورة أوروبا وأمريكا علي النظام الليبي وحبهم المفاجئ للشعب العربي هناك وخوفهم علي سلامته له أي علاقة بأي شيء أو سبب سوي الرغبة في السيطرة علي بترول ليبيا.. أنا متأكد كل التأكيد أن حياة أو موت مليون عربي ليبي لا يعني لحكومات العالم الغربي أي شيء وأن بترول العرب عندهم هو كل شيء.. أعلم تمام العلم المخاطرة من أن أكتب هذه السطور وأنا مصري أجنبي يعيش في بريطانيا تحت قانون الطوارئ البريطانية ضد الأجانب مثلي لكني متأكد من نزاهة الأغلبية الساحقة في بريطانيا وأنهم لن يسمحوا أن يصيبوني بأي أذي لكوني أقول بوضوح أن هناك مؤامرة حركت للاستيلاء علي بترول ليبيا كما حدث من قبل في العراق وبعد أن تتم السرقة ولا ينفع الندم سوف تقال الحكومات المعنية أو تسقط في الانتخابات لتأتي حكومات جديدة بوجوه جديدة وشعارات جديدة وأسماء جديدة لتواصل ممارسات قديمة أهمها الاستحواذ علي أكبر نصيب من الثروات المعدنية وخصوصا البترولية للدول النامية أو بدون أدني مجاملة دول العالم الثالث التي أصبحت درجة رابعة وعلي الأخص الدول العربية والأفريقية أنا بطبيعة الحال لا أعبر عن رأي أحد سوي نفسي ولا حتي رأي صحيفة «روزاليوسف» عندما أقول إن أي قرار للجامعة العربية لتقويض الحكومة الليبية أو إنشاء منطقة منع للطيران في سماء ليبيا سوف يكون قرارا قصير النظر إلي درجة العمي وسوف يكون من أكبر الأخطاء التي يمكن أن ترتكبها الجامعة العربية.. أنا لا يعنيني رئيس جمهورية ليبيا ولا نظامه من قريب أو بعيد.. أنا لا أجادل في مطالب الشعب الليبي التي تبدو منطقية لكنها كانت منطقية من خمس سنوات ومن عشر سنوات ومن عشرين سنة والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا اكتشف الغرب فجأة أن الوضع أصبح لا يحتمل بعد مرور أكثر من أربعين سنة علي هذا الوضع.. هل وجود أزمة مالية عالمية من صنع الولاياتالمتحدة تتزامن مع كل أحداث الشرق الأوسط عامة وليبيا خاصة مجرد صدفة؟ هل رغبت الدولة المنتجة للقمح والغذاء مثل الولاياتالمتحدة في رفع أسعار الغذاء إلي حد شبه غير معقول هو أيضًا صدمة؟ هل المشاكل السياسية التي تقابل معظم زعماء الغرب، خصوصا باراك أوباما في أمريكا وساركوزي في فرنسا مجرد صدفة ولا علاقة لها بالأحداث في الشرق الأوسط؟ هل التصاعد الخطير في استهلاك البترول خصوصا بعد دخول واحد ونصف بليون صيني إلي حيز مشتري السيارات الخاصة وبارتفاع مستوي الدخل المستمر في الهند وعدم وجود احتياطي كاف من البترول في العالم هو عامل لا علاقة له بالتكالب الأمريكي والأوروبي وأيضًا الإسرائيلي علي كل البلاد البترولية أو التي قد تصبح مصدرة للبترول مثل جنوب السودان؟.. أنا متأكد كما أنني متأكد من أن يدي تكتب هذه السطور أنه لولا البترول لما كانت هناك أي أزمة عالمية في دارفور ولولا البترول لما قسم السودان ولولا البترول لما اعترف الفاتيكان في الستينيات من القرن الماضي بإقليم بيافرا الذي أراد الاستقلال ببتروله عن نيجيريا.. أنا متأكد أنه لولا البترول لما كانت هناك حرب الخليج الأولي ولا الثانية ولا الثالثة.. أرجو من الله ألا تقدم الجامعة العربية علي أي خطوة تساهم في تسهيل مهمة لصوص البترول عن سوء تقدير.. مهما كان ظلم وديكتاتورية النظام في أي دولة عربية التدخل الأجنبي هو كارثة وطنية وأكرر المثل المشهور دون توضيح أكثر من اللازم «أكلت يوم أكل الثور الأبيض» أعتقد أن المقصود واضح واللبيب بالإشارة يفهم.. كفي ما حدث في العراق.. لا يمكن أن نكرر نفس الخطأ مرة أخري سواء كان القرار فرديا أو جماعيا إسقاط النظام الليبي عن طريق قوة أجنبية من الخارج سوف يكون خطأ لن نستطيع دفع ثمنه بسهولة وأرجو ألا يأتي اليوم الذي أقول أو أكتب فيه أني قلت لكم ذلك.. ألا هل بلغت اللهم فاشهد.