كان عام 2013 كبيسا على المصريين بشكل عام والكنيسة المصرية والمسيحيين بشكل خاص فالعام أبى أن ينتهى دون أن يترك ذكراه فى التاريخ وفى عقول المصريين جميعا، وإن حمل العام بعض الانجازات على المستوى الداخلى للكنيسة المصرية. كما تعرضت الكنائس والمدارس المسيحية فى محافظات مصر وتحديدا محافظة المنيا اعتداءات مكثفة عقب فض اعتصامى رابعة والنهضة فى الرابع عشر من أغسطس الماضى فى مشهد مؤلم أعاد للأذهان أحداث كنيسة القديسين والكشح وغيرها من الحوادث التى حملت الطابع الطائفى شهد هذا العام إصدار ثلاث لوائح لتنظيم العمل الكنسى داخل الكنيسة وذلك تنفيذا لكلمة البابا تواضروس وتحقيقا لوعده انه سيعمل على البناء الداخلى وجاءت اللوائح كالآتى: ■لائحة الكهنة والتى اشتملت على 12 مادة، تنظم عملية الترشح للسلك الكهنوتي، وعملية الانتخاب، ومهام رجال الكهنوت المسيحيين، والمزايا المالية التى يحصل عليها هو وأسرته، حيث حددت الحد الأدنى لراتب القس ب1500 جنيه بخلاف المكافآت والبدلات، كما نظمت طريقة مساءلته وتجريدة من الرتبة الكهنوتية حيث حددت 3 درجات لمحاكمة الكاهن، ووضعت لأول مرة فحص المرشحين للالتحاق بالسلك الكهنوتى طبيا ونفسيا، وتقديم اقرار ذمة مالية، وإلحاق الكاهن الجديد بمعهد إعداد الكهنة اجباريا خلال أول عام لسيامته، وإلزام الكاهن بتقديم تقرير دورى لقياس أدائة للإيبارشية التابع إليها. كما نصت اللائحة على أن المجلس الإكليريكى الفرعى بالإيبارشيات هو المنوط به التحقيق فى مخالفات الكهنة ويرأس هذا المجلس الأسقف ومعه وكيل المطرانية وعدد من الكهنة الذين يختارهم الأسقف كأعضاء وللمجلس سلطة اصدار القرارات فى المخالفات المنصوص عليها فى القوانين واللوائح الكنسية، ويجوز التظلم من قراراته أمام المجلس الإكليريكى العام والذى يتكون برئاسة البابا أو من ينوبه وعضوية أربعة من الأساقفة ويختصون بالتحقيق فى مخالفات الأكليروس وإصدار قرارات فى التظلمات التى ترفع إليه من قرارات المجالس الإكليريكية الفرعية بالإيبارشيات. واشترطت اللائحة فيمن يترشح لسلك الكهنوت، أن يكون على قدر من الثقافة وله روح القيادة، ويتحلى بروح الخدمة، وحسن السير فى المعاملات المالية، وأن يكون المرشح ذكرا، ويكون قد أدى الخدمة العسكرية أو أعفى منها، وألا يقل عمر المرشح للكهنوت عن 30 عاما ولا يزيد على 50 عاما وقت ترشحه ويجوز للرئاسة الدينية الاستثناء من شرط السن، وأن يكون طاهر السيرة بشهادة كهنة وخدام الكنيسة التى خدم بها، وأن يكون مضى على زواجه عام ميلادى كامل على الأقل قبل ترشحه للكهنوت، وأن يكون ناضجا نفسيا بشهادة طبيب نفسى متخصص، وأن تثبت لياقته الصحية بمعرفة اللجنة الطبية المختصة بشهادة طبيب متخصص، وألا تكون صدرت ضده أى أحكام قضائية نهائية واجبة النفاذ فى قضايا تمس الشرف أو الأمانة حتى ولو لم تدرج فى صحيفة الحالة الجنائية، وأن يكون حاصلا على مؤهل عالٍ وحاصل على شهادة إكليريكية من أحد المعاهد الكنسية ويجوز للرئاسة الدينية الاستثناء من هذا الشرط، وألا يكون محروما كنسيا بشهادة المجلس الإكليريكى العام أو الفرعي، وأن يتعهد المرشح بألا يعمل عملا آخر بخلاف الكهنوت بعد سيامته. ■ لائحة الرهبنة وكانت اللائحة الثانية خاصة بالرهبنة والتى اشتملت على تعهد للرهبان أثناء رسامتهم، ووثيقة للمبادئ الرهبانية تشبه ميثاق الشرف الرهبانى، ولائحة التدبير الرهبانى، والتى اشتملت على إقامة مدارس للرهبان وتنشيط الدور البحثى والعلمى للأديرة، ولائحة الانضباط الرهبانى التى تشتمل على 3 طرق لمحاسبة الرهبان. كما تشتمل اللائحة على ثلاث مراحل لاختيار الراهب لائحة الكنائس وهذه اللائحة تضمنت «تعريفات، وتكوين مجلس الكنيسة، وعضوية المجلس وتشكيل المجلس ومدته وانقضاءه، ومهام واختصاصات المجلس، ولجان المجلس وانعقاد المجلس وقراراته، والمتابعة والتقييم والمساءلة، وأحكاما عامة وأحكاما ختامية. والتى نصت لأول مرة على إشراك المرأة والشباب فى عضوية مجالس الكنائس الأرثوذكسية فى مصر وخارجها، وتلزم بانتخاب 70% من أعضاء تلك المجالس من قبل شعب الكنيسة، وتحدد مدة كل مجلس ب4 سنوات، كما وضعت 5 حالات لإسقاط عضوية المجلس عن أعضائه، واشترطت صدور قرارات المجلس بأغلبية التصويت، كما منحت اللائحة الرئاسة الكنسية من تشكيل لجنة استشارية لمراقبة اعمال مجالس الكنائس.
■ نهاية أزمة أبومقار وشهد هذا العام ايضا نهاية لازمة دير أبومقار بوادى النطرون والتى استمرت قرابة 40 عاما وذلك عندما قام البابا برسامة الراهب القس إبيفانيوس المقارى أسقفا عليه فى شهر مارس الماضى وبذلك يكون ارضى الدير برهبانه الذين ظلوا لفترة تحت سيطرة الانبا ارميا الاسقف العام. وجاء هذا القرار بعد فرز أصوات الاباء الرهبان التى أدلوا بها فى الدير يوم الأحد 3 فبراير 2013 لانتخاب رئيس للدير من بينهم، وكان ذلك فى حضور سكرتير قداسة البابا تواضروس الثانى القمص أنجيلوس. وجاءت نتيجة الفرز اختيار الرهبان للأب الراهب القس إبيفانيوس المقارى بأغلبية الأصوات وقد أيد هذا الاختيار أبونا صاحب النيافة الأنبا ميخائيل مطران أسيوط ورئيس الدير منذ نحو 65 عاماً وذلك بتزكية مكتوبة استلمها باليد من نيافته، مع الدعاء له بالبركة وبالصلوات من أجله، وكان نيافة المطران الأنبا ميخائيل قد أبدى للبابا تواضروس بعد تنصيبه بطريركاً رغبة نيافته فى الإعفاء من رئاسة الدير ورسامة قداسة البابا أحد رهبان الدير أسقفاً على الدير، وذلك نظراً لتقدُّمه فى السن وبسبب صحته (93 عاماً وإلى مائة عام بمشيئة الله)، وقد سلَّم الراهب إبيفانيوس هذه التزكية لقداسة البابا بيده. ■ لقاء السلام شهد شهر مايو الماضى نقلة كبيرة فى العلاقات الارثوذكسية الكاثوليكية حيث قام البابا تواضروس الثانى ومعه وفد رفيع المستوى على رأسهم الانبا باخوميوس القائمقام ومطران الخمس مدن الغربية والبحيرة والانبا رافائيل سكرتير المجمع المقدس بزيارة الفاتيكان بعد انقطاع دام لاكثر من 40 عاما. واستمرت الزيارة قرابة الاسبوع قام البابا فيها بزيارة الجالية القبطية فى روما وميلانو وتورنتو وتناقش مع البابا فرانسيس فى العديد من القضايا الكنسية الخاصة بالكنيستين والاوضاع فى الشرق الاوسط مع وعد برد الزيارة عند هدوء الاوضاع فى مصر. ■ الكنيسة والسياسة علاقات فاترة لا تخفيها الزيارات البروتوكولية" هكذا عبر الرئيس المعزول محمد مرسى عن العلاقة بينة وبين رأس الكنيسة الارثوذكسية البابا تواضروس الثانى فى أحد خطاباته التى سبقت عزله ولم تكن هذه العلاقات الفاترة الا نتيجة لتعامل الدولة مع المسيحيين وعدم تنفيذه لوعده بأن يكون رئيسا لكل المصريين. ففى ابريل من العام 2013 شهدت مصر "فتنة الخصوص" بسبب وجود رسم "جرافيتى" يشبه علامة النازية على أحد الجوامع بالمنطقة والتى أودت بحياة 5 مسيحيين ومعها فشلت الحكومة فى تطبيق القانون ولجأت للجلسات العرفية لوأد الازمة. ولم تنته " فتنة الخصوص " عند هذا الامر وانما تتطور عقب الانتهاء من تشييع جثامين الضحايا بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية حيث اعترض البعض على قطع اهالى الضحايا للطريق امام الكاتدرائية وتتطور الأمر الى اشتباكات قام خلالها الامن بإلقاء الغاز المسيل للدموع داخل الكاتدرائية والرصاص الحى فى سابقة هى الاولى من نوعها فى تاريخ مصر وهو ما أدى الى قتل أحد المتواجدين بالكاتدرائية بطلقة فى الرأس اودت بحياته فى الحال. وفى نفس الشهر من العام 2013 شهدت محافظة بنى سويف اعتداء على إحدى كنائس مدينة الوسطى. وفى اوائل شهر يوليو الماضى لقى القس مينا عبود حتفه عقب قيام ملثمين بإطلاق النيران عليه أثناء خروجه من كنيسة مارمينا بالمساعيد بمدينة رفح. وفى 30 يونيو خرجت المظاهرات المنددة بحكم الاخوان وبعدها فى 4 يوليو أعلن الفريق أول عبدالفتاح السيسى خارطة الطريق بحضور البابا تواضروس الثانى وشيخ الازهر وعدد من القوى السياسية ومنذ هذا التاريخ انطلقت المظاهرات والمسيرات كل جمعة من كل أسبوع لانصار الرئيس المعزول مرسى وقاموا بالكتابة على جدران الكنائس والمدارس المسيحية وتوجيه السباب والشتائم والوعيد للبابا تواضروس بشكل خاص وللمسيحيين بشكل عام. وطوال 40 يوميا مدة اعتصامى رابع والنهضة والذى بدأ فى 28 يونيو حتى ال14 اغسطس وجهت من المنصة الرئيسة الاتهامات الى الكنيسة والبابا بالانقلاب على حكم "الرئيس المعزول مرسى" والذى وصفه أنصاره بالحكم "الشرعى" كما وجه كوادر الإخوان سيلا من التهديدات للبابا بالاغتيال. وكان يوم 14 أغسطس فاصلا فى تاريخ الكنيسة المصرية والمسيحيين حيث شهدت الكنائس المصرية فى كل المحافظات بشكل عام وفى محافظة المنيا بشكل خاص اعتداء ممنهجا على الكنائس والاقباط والممتلكات. وفي شهر أكتوبر شهدت كنيسة الوراق حادث إرهابي راح ضحيته طفلتين والعديد من الأقباط حيث تم إطلاق النار عليهم أثناء خروجهم من حفل زفاف.
■ المركز الإعلامى وشهد شهر نوفمبر الماضى خطوة جريئة جديدة تضاف لرصيد البابا تواضروس حيث قام بافتتاح مركز اعلامى للكنيسة الارثوذكسية وهو ما لم يتواجد اثناء حبرية البابا شنودة الراحل وتم تعيين القس بولس حليم متحدثا رسميا باسم الكنيسة وبذلك يغلق على كل من تسول له نفسه للتحدث باسم الكنيسة الابواب الامر الذى كان يحدث لغطا واسعا وجدلا كبيرا فى العديد من القضايا. وعلى الرغم أن المركز مازال فى مرحلة البناء الا أنه خطوة رائعة تؤكد عزم الكنيسة على الانفتاح على العالم الخارجى والتأقلم ومواكبة مجريات الأمور الا أننا فى انتظار المزيد من البابا تواضروس.