ربما كانت الحالة التي عاشتها جماهير الكرة المصرية يوم الخميس الماضي حالة جديدة وفريدة علي الدوري العام، لأن الجميع غرق في حالة الجدال التي أثيرت حول مباراة في المسابقة المحلية أصبحت لها ظلال وصدي عربي ودولي، لأن الطرف الآخر في المواجهة كان مجرد فريق مجتهد فأصبح في عدة شهور يشع اشعاعات مختلفة الاتجاهات ويثير الكثير من الاهتمام الذي يأتي مع التقلبات السريعة والتصريحات والقرارات العاجلة التي تضيع بها ملايين الدولارات من تعاقدات وإقالات وأختيار أجهزة جديدة وإقالة حسام حسن والتعاقد مع دياز يؤكد انه ليس لديه عُزاز. كانت مباراة الزمالك مع فريق بيراميدز »الأسيوطي سابقاً»ليست بين طرفين: الفريق صاحب الشعبية والجماهيرية التاريخية الذي تأسس عام 1911، وفريق آخر تم تغيير مساره ومالكه وتوجهاته قبل بداية الموسم الجاري، ولكن كان الأهلي شريكاً اساسياً في هذه المباراة وجماهيره مهتمة جداً بها ربما أكثر من أهتمامها بمباراة فريقها التي سبقت هذا اللقاء بثلاث ساعات فقط وانتهت قبل 60 دقيقة من المواجهة التي جرت علي ستاد بتروسبورت. حلاوة العرض لم تقلل حلاوة العرض الأهلاوي امام المقاصة والفوز بثلاثية من الأهمية الكبري للمباراة ثلاثية الأبعاد لأن لكل بعد منها آثاره الكبيرة علي مسار الدوري وعلاقات الناديين الكبيرين وربما لها ظلال علي علاقات مع اندية أخري مصرية وعربية وتفتح علي الشاشات جبهات وعلي المواقع الإلكترونية والصحف وكل وسائل الإعلام ابوابا للجدل وتسيل خبراً كثيراً في الكلام عن جوانب هذه المباراة التي كان مستواها الفني مرتفعا والأداء الكروي راقيا وأعلي من معظم مباريات الدوري ولكنها في النهاية جرت وسط تمويل وتهليل له أهداف كثيرة معظمها لم يتحقق بالتعادل. البعد الأول الطبيعي أن النظرة الأولي لأهمية أي لقاء بين طرفيه اللذين سيلعبان معاً، وكانت لها ظلال أكثر من مجرد الهدف الأساسي وهو الفوز بثلاث نقاط. ولأن العلاقات بين الزمالك وبيراميدز متشابكة وعلي درجة عالية من الحميمية تكاد تكون إدارة الناديين اشبه بالتوأم السيامي الذي لم يعد ينفصل بل بينهما تنسيق علي مستوي عال حتي إن رئيس بيراميدز يمول عدداً غير قليل من صفقات الفريق الأبيض وحتي مديره الفني. ظلت المناوشات في التصريحات علي طريقة مشاكسات بين الأحباء، مجرد تسخين للاجواء و»تحفيل» بلغة هذا الجيل، المسئولون في بيراميدز يتصورون أن الفوز سيكون حليفهم أو انهم الذين سيتحكمون في شكل الدوري وقمته ، كما قال تركي آل الشيخ رئيس نادي بيراميدز.. وذهب إلي حالة تحدٍ عبر التدونيات التي يطلقها بأنه طلب من فريقه الا تقل النتيجة عن ثلاثية نظيفة. ولأن العلاقة ودية جداً فقد مرت تدوينته بأن الزمالك سيكون »بوابة» بيراميدز للفوز باللقب مرور الكرام ولم تأخذ حظها من التسخين عبر مواقع التواصل الاجتماعي. البعد التاني كان بين الزمالك والأهلي خطوط تماس مع نتيجة وأحداث هذه المباراة، فالزمالك يعتبر أن عبور بيراميدز يعني اتساع الفارق بينه وبين الأهلي بزيادة يصعب تجاوزها من الفريق الأحمر الذي كان هو الآخر يترقب تعثر الأبيض ليمنحه الأمل في استمرار المنافسة بإعتبار ان بيراميدز أصعب عقبات الفريق الأبيض. وكان تحدي الزمالك أن الأهلي لن يلحق به، وتصور البعض أن التنسيق بينهما قد يصل إلي حد توجيه النتيجة، للمصلحة التي تبعد الأهلي عن المنافسة بينهما ولكن هذه بالطبع كانت تكهنات وتخيلات مبنية علي العلاقات والصفقات المشتركة بين الناديين ولكنها في النهاية وأصبحت علي أرض الواقع وبعد أن أطلق الحكم الإيطالي صافرة المباراة. البعد الثالث لم يخرج الأهلي من دائرة المباراة كضلع من الأضلاع الثلاثية لأن يبقي هدف الفريقين الآخرين غير الحصول علي اللقب إبعاد الأهلي خاصة لنادي بيراميدز الذي خرج رئيسه بتصريح مستفز جداً قبل مواجهة الزمالك تحدث فيه عن مجلس إدارة الأهلي وتمني رحيله وهو ما أثار الأهلاوية ثورة عارمة علي مواقع التواصل وجعل هناك حالة استنفار لان صاحب التصريح لايعرف ان أغلب أبناء القلعة الحمراء يختلفون ولكن لايقبلون أن يأتي أحد من الخارج ويطلب تغيير مجلس الادارة. وتواصلت الاحتكاكات بين بيراميدز والأهلي بتصريح أطلقه ابن القلعة الحمراء السابق حسام البدري يطالب جماهير ناديه السابق تشجيع ناديه الجديد الذي أصبح رئيسه وظلا ظليلا لمالكه وقد أثار إدخال الجماهير الأهلاوية في لعبة العلاقات مع الزمالك رغم انه يعلم مدي مايتعرض له الأهلي ومجلس إدارته من بيراميدز ورئيسه والمفروض أن البدري يعرف ان جماهير الأهلي ليست هي التي يتم توجيهها لتكون اداة في يد أحد. انتهت المباراة بالتعادل 3/3 ولكن بقيت الأبعاد الثلاثة أكثر اشتعالاً في حالة جديدة علي الدوري المصري لأن الأمور خرجت من إطار المنافسة الكروية والجماهيرية والإدارية الطبيعية بين الأندية إلي ابعاد أخري لها علاقات بتوجهات الكيد والتشويه والاستهداف وتحالفات بين جهات داخل الأندية الثلاثة وخارجها.