دعا لاعب الكرة الفرنسي »كابتن كانتونا« الملايين من أحبابه المعجبين بلعبه، أن يذهبوا في طوابير تمتد عدة كيلومترات أمام البنوك لسحب أموالهم حتي آخر »يورو« إقتناعاً من جانبه أن »إفلاس المصارف هو الحل« لإسقاط النظام المالي الفاشل في فرنسا. وحدد »الكابتن« الذي احترف التمثيل بعد اعتزال الملاعب، وانتهي الآن سياسياً وخبيراً مالياً واقتصادياً من طراز متفرد يوم الثلاثاء 7ديسمبر الحالي لسحب الأموال وإفلاس البنوك. وأكد أنه سيكون الباديء، والقدوة، ويبادر بسحب أمواله و»قفل« حسابه المصرفي نهائياً. الدعوة وجدت سخرية من جانب الاقتصاديين والسياسيين والمفكرين: من اليمينيين واليساريين والمستقلين، لكن »كابتن كانتونا« لم يعر الرفض لبدعته، والسخرية من شخصه، إلتفاتا. فلديه في المقابل عشرات الآلاف من توقيعات المؤيدين في عشرات المواقع الإلكترونية يتعهد أصحابها بتبني تنفيذ فكرته الجهنمية لإسقاط النظام المالي الذي يستمد قوته وجبروته من تكديس، وتخزين، أموال المودعين. منذ ساعات الصباح الأولي..احتشدت أجهزة الإعلام المحلية والعالمية بعدساتها وكاميراتها أمام البنك الذي أعلن »كانتونا« أنه سيسحب أمواله منه،إلي جانب العديد من البنوك الأخري المنتظر تعرضها لأضخم عملية سحب أموال في تاريخها. ومرت ساعات الصباح بطيئة، و مملة. فلا الطوابير اصطفت أمام آلات ونوافذ سحب الأموال، ولا صاحب شعار:تدمير البنوك.. هو الحل كابتن كانتونا ظهر علي ساحة المعركة.. كما وعد، وأكد، من قبل! وعندما اتصل الصحفيون تليفونيا بمنزل كانتونا للاستفسار عن سبب تأخيره، قيل لهم بلسان متحدث باسمه: [إن »الكابتن« كان عند كلمته، وذهب بالفعل إلي مصرف في منطقة نائية غير ما سبق تحديده وسحب مبلغاً رمزياً من حسابه!] وأرجع المصدر هذا التصرف غير المفهوم إلي أن »الكابتن« فضل أن يتم ذلك بعيداً عن الكاميرات! توجه الصحفيون إلي مديري البنوك الذين أجمعوا علي أن حركة السحب/ والإيداع في يوم 7ديسمبر لم تتغير عن معدلاتها في الأيام السابقة. وأن منافذ السحب لديها لم تشهد إقبالاً أكثر من المعتاد! خبراء المال شككوا منذ البداية في اقتراح الكابتن كانتونا. فمن رأيهم أن قيام ال 40 ألف شخص عدد التوقيعات علي النت بسحب مدخراتهم من البنوك، لن يشكل خطراً علي المصارف. فإذا افترضنا أن هؤلاء جميعاً من صغار السن، وطلاب الجامعات أكثر المتعاملين مع النت وبالتالي فإن حساب الواحد منهم سيكون في حدود ال 500 يورو ، ليصل إجمالي السحب نحو20مليون يورو وهو رقم لا يشكل تأثيراً علي إيداعات المصارف من حسابات جارية، و ودائع، و دفاتر توفير والتي بلغت في عام 2009 طبقاً لمصادر معنية رسمية 1085 مليار يورو، من بينها 420مليار يورو في الحسابات الجارية. في فرنسا بصفة خاصة.. ليس سهلاً علي المودع سحب أمواله كلها أو حتي معظمها من البنوك. هناك »سقف« للسحب الفوري. وإذا أراد المودع تخطي هذا السقف فعليه الانتظار عدة أيام لسحب ما يطلبه. وحتي إذا انتظر العميل إنتهاء إجراءات الموافقة علي سحب رصيده بالكامل، فإن صاحبه لن يستطيع صرفه نقداً في مشتريات، و تعاملات مالية تزيد علي 3000 يورو. القانون الفرنسي حدد هذا السقف للدفع نقداً، فإن أراد المواطن شراء سيارة مثلاً فيجب تسديد ثمنها ب »شيك«، أو »كارت اعتماد«، وفي الحالتين يحتاج إلي حساب ورصيد مصرفي. ليس معني فشل مبادرة »كابتن كانتونا« أن يحكم عليها بالسخف، وعلي صاحبها بالعبط. وإلاّ لما أدي طرحها إلي توتر الحكومة الفرنسية، ومصارفها، وسمعنا نقداً حاداً من وزير المالية طلب فيه من »الكابتن« ما معناه: »إيه فهمك في المال والاقتصاد؟ خليك عايش علي ماضيك في الملاعب، أو تفرغ للتمثيل في السينما!«. ليس هذا فقط.. بل إن مبادرة كانتونا لقيت صدي طيباً وترحيباً لدي خصوم البنوك، وأعطتهم فرصة جديدة للهجوم علي البنوك واتهام القائمين عليها بالفشل الذي أدي إلي الأزمة الاقتصادية العالمية التي لا يبدو إمكان حلها غداً أو حتي بعد غد.