رئيس جامعة بنها يشهد ختام المهرجان الرياضي الثالث لجامعات الدلتا وإقليم القاهرة الكبرى    نقيب المحامين يترأس جلسة حلف اليمين القانونية للأعضاء الجدد    منحة يابانية لمشروع توفير سفينة دعم الغوص بقناة السويس    ڤاليو تنفذ أول عملية مرخصة للشراء الآن والدفع لاحقاً باستخدام رخصة التكنولوجيا المالية عبر منصة نون    معاش للمغتربين.. التأمينات تدعو المصريين فى الخارج للاشتراك    محافظ القليوبية: أى تقصير فى إزالة التعديات على الأرض الزراعية سيحال للنيابة    تعرف على وسام إيزابيل لاكاتوليكا الممنوح من ملك إسبانيا للرئيس السيسي    مفتى الجمهورية: ما يجرى فى غزة جريمة حرب ووصمة عار على جبين العالم    أسطول الصمود المغاربي: 12 سفينة انطلقت من تونس إلى غزة من أصل 23    المستشار الألماني يطالب مواطنيه بالصبر على الإصلاحات وتحملها    الملك تشارلز يصطحب ترامب فى جولة فى قصر وندسور بعربة ملكية.. صور    الريال ضد أولمبيك مارسيليا.. الملكي يحقق 200 فوز في دوري أبطال أوروبا    «الشباب والرياضة» تطلق حملة ترويجية للشمول المالي في الفيوم وبني سويف    كين ضد بالمر.. تعرف على التشكيل المتوقع لمباراة بايرن ميونخ ضد تشيلسي    أسباب استبعاد أورس فيشر من قائمة المرشحين لتدريب الأهلي    الداخلية تضبط شخصين سرقا أكسسوار سيارة وهربا بدراجة نارية بالإسكندرية    دفاع المجني عليه في قضية طفل المرور في محاكمته يطالب بتوقيع أقصى عقوبة على المتهمين    تأجيل أولى جلسات محاكمة ميدو بتهمة سب وقذف الحكم محمود البنا    ضبط المتهم بذبح زوجته بسبب خلافات بالعبور.. والنيابة تأمر بحبسه    صفقة "إنقاذ" تيك توك تتضح: مستثمرون أمريكيون يسيطرون على 80% من المنصة    126 متقدما لورشة إدارة المسرح والإنتاج بمهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة    صفحة وزارة الأوقاف تحيى ذكرى ميلاد رائد التلاوة الشيخ محمود خليل الحصرى    فيلم فيها إيه يعنى بطولة ماجد الكدوانى يشهد الظهور الأخير للفنان سليمان عيد    مهرجان الجونة يكشف عن برنامج مسابقة الأفلام الوثائقية الطويلة بالدورة الثامنة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 17سبتمبر2025 في المنيا    هل يجوز لى التصدق من مال زوجى دون علمه؟.. الأزهر للفتوى يجيب    نائب وزير الصحة: 20% من المواليد حمل غير مخطط ونسعى لخفض الولادات القيصرية    المنيا.. تنظيم قافلة طبية مجانية في بني مزار لعلاج 280 من المرضى غير القادرين    «سكك حديد مصر» تتعاقد مع «APD» الكندية لإعادة تأهيل 180 جرارًا    شاب يلقى مصرعه حرقًا بعد مشادة مع صديقه في الشرقية    رئيس جامعة بنها يشهد ختام فعاليات المهرجان الرياضي الثالث    مدبولي: الحكومة ماضية في نهج الإصلاح الاقتصادي الذي تتبعه    وزير الري: الاعتماد على نهر النيل لتوفير الاحتياجات المائية بنسبة 98%    أكثر من 1648 منشأ حماية من السيول تم تنفيذها.. «التنمية المحلية» تستعد لموسم الأمطار والسيول خلال عام 2025-2026    عالم أزهري يكشف لماذا تأخر دفن النبي بعد موته وماذا جرى بين الصحابة وقت ذلك    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    خلال تصوير برنامجها.. ندى بسيوني توثق لحظة رفع علم فلسطين في هولندا    فيديو - أمين الفتوى: تزييف الصور بالذكاء الاصطناعي ولو بالمزاح حرام شرعًا    "عليهم أن يكونوا رجالًا".. هاني رمزي يفتح النار على لاعبي الأهلي عقب تراجع النتائج    «عودة دي يونج».. قائمة برشلونة لمباراة نيوكاسل في دوري أبطال أوروبا    وزارة العمل: 3701 فُرصة عمل جديدة في 44 شركة خاصة ب11 محافظة    مصر تطلق قافلة "زاد العزة" ال39 محملة ب1700 طن مساعدات غذائية وإغاثية إلى غزة    بإطلالة جريئة.. هيفاء وهبي تخطف الأنظار في أحدث ظهور.. شاهد    الليلة.. أيمن وتار ضيف برنامج "فضفضت أوي" مع معتز التوني    قبل بدء الدراسة.. تعليمات هامة من التعليم لاستقبال تلاميذ رياض الأطفال بالمدارس 2025 /2026    «عبداللطيف» يبحث مع وفد مجلس الشيوخ الفرنسي تعزيز التعاون المشترك في مجالي التعليم العام والفني    تخفيضات وتذاكر مجانية.. تعرف على تسهيلات السكة الحديد لكبار السن 2025    الأكاديمية العربية تختتم فعاليات ريادة الأعمال بفرعها الجديد في مدينة العلمين    بعد سقوطها من الطابق الرابع.. بنها التعليمي يوضح حالة الطفلة وردًا على والدها    "البديل الذهبي" فلاهوفيتش يسرق الأضواء وينقذ يوفنتوس    وزارة الشباب والرياضة تستقبل بعثة ناشئات السلة بعد التتويج التاريخي ببطولة الأفروباسكت    «ليه لازم يبقى جزء من اللانش بوكس؟».. تعرفي على فوائد البروكلي للأطفال    صحة المرأة والطفل: الفحص قبل الزواج خطوة لبناء أسرة صحية وسليمة (فيديو)    عبر الفيديو بملابس خاصة.. المتهم بقتل تشارلي كيرك أمام المحكمة لأول مرة    بتر يد شاب صدمه قطار في أسوان    بهدف ذاتي.. توتنام يفتتح مشواره في دوري الأبطال بالفوز على فياريال    توقعات الأبراج حظك اليوم الأربعاء 17 سبتمبر 2025.. الأسد: كلمة منك قد تغير كل شيء    أوقاف الفيوم تنظّم ندوات حول منهج النبي صلى الله عليه وسلم في إعانة الضعفاء.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استثناءات الموازنة وتقنين فساد العسكر بمصر

في ظل مشكلات الموازنة العامة المصرية، أصدرت القاهرة بعد انقلاب يوليو/تموز 2013 مجموعة من الإجراءات والتدابير المالية التي ساعدت على انخفاض مستوى معيشة المصريين، وحرمانهم من العديد من الخدمات العامة، وتحملهم نفقات جديدة خاصة في قطاعات التعليم والصحة والنقل والغذاء.
ولكن الملفت للنظر أن ثمة تدابير تتخذ لا يمكن قراءتها بأي حال من الأحوال على أنها تصب في مساعدة صانع السياسة المالية، لكي يواجه عجز الموازنة، أو يحقق أبعادا إيجابية اقتصادية أو اجتماعية سواء على مستوى الأفراد أو المنشآت. ولكنها تدل على استثناءات تزيد من أزمة موازنة الدولة. ومن بين أهم هذه الجهات التي شملتها الاستثناءات: القوات المسلحة المصرية والشرطة.
ففي ظل تطبيق قانون الضريبة العامة على العقارات، صدر قرار وزير الدفاع رقم 68 لسنة 2015 بعدم تطبيق القانون على 574 منشأة عسكرية، ومنها ساحات وأندية ودور سينما ومسارح، وتتبع هذه المنشآت لنحو 28 إدارة عسكرية.
وصدر مؤخرا قرار لرئيس مجلس الوزراء باستثناء سبع جهات تابعة للجيش والشرطة من توريد نسبة 25% من فوائضها المُرحلة لصالح الموازنة العامة، على الرغم من أن هذا الإلزام أتى بموجب قانون ربط الموازنة للعام المالي 2015/2016 الصادر في مطلع يوليو/تموز الماضي.
والهيئات التي حظيت بهذا الاستثناء هي: جهاز الخدمات العامة بوزارة الدفاع، وصندوق مشروعات الأراضي بوزارة الداخلية، وصندوق تمويل المتاحف العسكرية، وجهاز مشروعات الخدمات الوطنية، وجهاز مشروعات أراضي القوات المسلحة، وصندوق إسكان أفراد القوات المسلحة، وجهاز الصناعات والخدمات البحرية.
وبالنظر إلى الاستثناءات التي تمت الإشارة إليها، سواء في قرار وزير الدفاع بإعفاء المنشآت العسكرية من الضريبة العقارية، أو قرار رئيس مجلس الوزراء باستثناء الهيئات والصناديق الخاصة بالشرطة والجيش من توريد نسبة من فوائضها للموازنة؛ فإن هذا الأمر يدل على تقنين فساد المؤسسة العسكرية.
والجديد بالذكر أن دستور 2014 الذي تم إعداده في ظل الانقلاب، نص في الفقرة الثانية بالمادة 203 المنظمة لشؤون مجلس الدفاع الوطني، على ما يلي: "يختص بالنظر في الشؤون الخاصة بوسائل تأمين البلاد، وسلامتها، ومناقشة موازنة القوات المسلحة، وتدرج رقما واحدا في الموازنة العامة للدولة"، أي أن ما يتعلق بالأوضاع المالية للقوات المسلحة يعرض كرقم واحد إجمالي على مجلس النواب دون تفاصيل.
تقنين الفساد قبل وبعد ثورة يناير
عقب ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، ارتفعت آمال المواطنين بشن حملة كبيرة لاسترداد أموال الشعب المنهوبة من لدن رجال المال والسلطة في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، ولكن رجال القانون كان لهم رأي آخر مفاده أنه في ظل المحاكمات المدنية فلن يدان أحد من رجال مبارك لأن فسادهم مقنن، فهم حصلوا على ما سرقوه بموجب قوانين وقرارات، وبالتالي سيكون من الصعب على القاضي الحكم بإدانتهم، وهو ما حصل بالفعل، ولذلك كان الثوار الحقيقيون ورجال القانون المؤيدون لهم يرون بأن الحل يكمن في المحاكمات الثورية.
وبعد الانقلاب العسكري اتبعت نفس الممارسات من تقنين إجراءات لا يمكن قراءتها إلا في إطار فساد مالي، لا يليق بدولة لديها أزمة تمويلية، ويتزايد دينها العام بمعدلات كبيرة، ويبلغ 2.6 تريليون جنيه (332 مليار دولار)، فبأي حق يتم إعفاء المنشآت العسكرية من الضريبة العقارية، وهي تضم نوادي ومسارح ودور سينما، وتقدم خدماتها للمدنيين والعسكريين.
فالإعفاء الضريبي لفائدة المنشآت العسكرية الخالصة لا غبار عليه، ولكن النوادي والمطاعم والمسارح التي تقدم خدماتها للجمهور ينبغي أن تخضع لنفس الضرائب التي تدفعها المؤسسات المدنية، وإلا -بمعايير المنافسة- فإن هذه المعاملة تعد تحيزا مضرا بالمنافسة بين المستثمرين في هذا القطاع الخدمي.
كما أن استثناء المؤسسات الشرطية والعسكرية من ترحيل نسبة من فوائضها للموازنة العامة يثير الكثير من الشبهات، وبخاصة أن هناك توسعا لهذه الجهات في الحياة والنشاط الاقتصادي المدني، مثل صناديق الأراضي للجيش والشرطة، أو جهازي الخدمات العامة والوطنية للقوات المسلحة.
إن قانون ربط الموازنة العامة للعام المالي 2015/2016 لم يطالب الهيئات المذكورة بتوريد كامل فوائضها، ولكنه حدد نسبة 25% ولمرة واحدة، وذلك نظرا لما تعانيه الموازنة من مشكلات تمويلية، وتراجع الدعم والمساعدات الخليجية بشكل كبير هذا العام.
الافتقار للشفافية المالية
وثمة أمر مهم يدل على وجود شبهات فساد، وهو افتقار هذه المنشآت العسكرية للشفافية المالية، فدفعها لنسبة 25% من فوائضها كان سيكشف الحجم الحقيقي لوضعها المالي، ويساهم هذا الاستثناء للمؤسسات العسكرية والشرطية أيضا في غياب البيانات وتوفرها للمجتمع، وهو المؤشر الذي تحتل فيه مصر مرتبة متأخرة في المؤشر العالمي المعروف ب"الموازنة المفتوحة".
وحسب بيانات هذا المؤشر للعام 2015، أتت مصر في ترتيب متأخر جدا في ما يتعلق بشفافية الموازنة، إذ حصلت على 16 درجة من مئة درجة. وحصلت مصر على صفر في الرقابة على الموازنة بسبب غياب البرلمان، وبشكل عام كان تصنيف البلاد في المجموعة الأخيرة، والتي تصنف على أنها توفر معلومات نادرة أو لا توفر معلومات عن موازنتها.
وخير دليل على أن استثناء هذه الهيئات قد بُيّت بليل هو أن المادة 14 من قانون ربط الموازنة العامة بعد أن ألزمت الهيئات العامة الخدمية والاقتصادية بتحويل نسبة من فوائضها، أكدت حق رئيس الوزراء في استثناء بعض هذه الهيئات من هذا الالتزام، بعد عرض من وزير المالية. ليكون من السهل إعفاء المؤسسات العسكرية والشرطية من الوفاء بالتزامها المالي تجاه الموازنة.
إن بيت القصيد هو الهيئات الاقتصادية والاجتماعية والقومية التي يبلغ عددها نحو 52 هيئة، فضلا عن عدد من الصناديق الخاصة التي لا يعلم عددها على سبيل الحصر بمصر، وحسب ما تم في عام 1991/1992 من تعديل على قانون الموازنة العامة نص على فصل هذه الهيئات عن الموازنة، وعلى أن يكون لها موازنات خاصة، وأن تعرض كذلك على الهيئة التشريعية، وتكون العلاقة بين هذه الهيئات وموازنة الدولة هي علاقة العجز والفائض.
العلاقة بين الهيئات الاقتصادية والموازنة
إلا أن هذا التعديل كان معيبا، إذ إنه لم يعمم ذلك الإلزام في ما يتعلق بعلاقة هذه الهيئات بالموازنة من حيث العجز والفائض، فترك هذه المسألة حسب كل قانون منشئ ومنظم لعمل كل هيئة على حدة، ولذلك فهناك 14 هيئة من بين 52 تسمح قوانينها بترحيل فوائضها المالية بالكامل، من سنة مالية لأخرى، دون تحويلها للموازنة العامة.
وعلى رأس الهيئات المذكورة آنفا: الهيئة العامة للاستثمار، والتي تتمتع بموارد مالية كبيرة، بددت للأسف في مرتبات العاملين ومكافآتهم بشكل مستفز، فقد كان لهذه الهيئة رصيد مالي يناهز ثلاثة مليارات دولار، في الوقت الذي كانت فيه البلاد -وما زالت- تعاني من أزمة حادة في احتياطي النقد الأجنبي.
إن هذه الممارسات في إجمالها، وبخاصة ما يتعلق باستثناءات القضاء والقوات المسلحة والجهاز المصرفي، تجعل من الصعوبة بمكان أن يحدث أي إصلاح في الموازنة العامة المصرية، وبالتالي ستظل تعاني لوقت طويل من مشكلاتها، والتي ستتحول إلى معضلات، والذي سيدفع الثمن غاليا باستمرار هو المواطن المصري، فليس من العدل أن تسعى الحكومات لكل إجراء تستطيع من خلاله التأثير سلبيا على دخول المواطنين، في حين تقف عاجزة أمام مؤسسات يمكنها بسهولة المساهمة في الوصول لحلول ناجعة، على الأقل توقف نزيف الموازنة.
هذا المقال لا يعبر الا عن رأي كاتبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.