تعقد الصدمة لسان هدير عادل، طالبة الفرقة الأولى آداب اجتماع عين شمس، منذ أن طالعت نتيجة امتحانات الفصل الدراسي الأول على موقع الكلية الإلكتروني، لم تصدّق "هدير" عينيها وراحت تحملق في الشاشة مرات ومرات، لتتأكد من درجاتها التي تفيد رسوبها في ثلاث مواد دفعة واحدة، مما يعني رسوبها في عامها الجامعي الأول. باتت "هدير" ليلتها مؤرقة بين أسئلة كثيرة، هل تخبر والدها وأسرتها ب"وقعتها السودة"، والتي ستعيد بالتأكيد إلى ذهن الأسرة صدمة الثانوية العامة التي يتجدد حضورها مع "سيرة الامتحانات"، بأي وجهٍ ستطلب من والدها مصروفها الذي يقتطعه من لحمه الحيّ. قررت طالبة آداب الاجتماع بحسّها المرهف تأجيل المواجهة، على الأقل حتى تذهب إلى الكلية وتستشير زميلاتها، خصوصا وقد علمت أنهن يشاركنها "مصيبتها". في الطريق من المنوفية، حيث تسكن، إلى الجامعة، وخلال المواصلات التي استقلتها الفتاة الجامعية يدور عقلها كالطاحونة،، هل تفقد حلم أن تصبح "صحفية" بعد أن عاندت مجموعها في الثانوية الذي لم يؤهلها للالتحاق بكلية الإعلام بسبب درجات بسيطة، وتحايلت على الأمر بالالتحاق بآداب اجتماع، والذي يتشعب في الفرقة الثالثة إلى آداب اجتماع إعلام، هل تستسلم بسهولة لهذا الخواطر السيئة التي تملأ رأسها وتذهب بها في طرقات الضياع والفشل. تعقد الصدمة لسان هدير، فهي لأول مرّة تذوق طعم الرسوب، والذي لم تتخيل يوما أن تتجرع مرارته، تقول لنفسها "تلت مواد.. ليه كده.. ده حتى مش عدل.. ده لو مش علشان المذاكرة والتعب والشيل والحط في المواصلات.. يبقى علشان أبويا وأمي.. علشان القومة من الفجرية وبهدلة المواصلات". لدى دخولها الحرم الجامعي استشعرت "هدير" أن صوتها بدأ يعود إليها، كان يخرج من قلبها المجروح ممزوجا بغرق كرامتها المهانة بسبب الرسوب، يتجاوب صوتها مع زملائها وزميلاتها الذين يهتفون أمام مبنى عميد الكلية، تهتف "قولى يا باشا وقولى يا بيه اللى سقطوا سقطوا ليه؟". من بين الأسباب التي التقطتها أذن "هدير" لتبرير رسوب أكثر من 66% من طلاب الفرقة الأولى لكلية آداب عين شمس، "نظام الساعات المعتمدة"، والذي ترجمته لها إحدى زميلاتها ب"نسبة الحضور والغياب". تهتف "هدير" معترضة "هما يروحوا فرنسا وكندا.. وإحنا لبسنا ساعات معتمدة". تشعر "هدير" بأنها سيغمى عليها، فتجلس على حاجز نافورة كلية الآداب، بدت كأنها تدير عملية حسابية دقيقة في رأسها: "لن تفلح درجات الرأفة في الرأفة بحالي، وماذا تفعل الدرجات الثلاث في وضعي "المنيّل بنيلة"؟. كانت تتعلق بأي حل، لكن تصريح محمد الطوخى، نائب رئيس جامعة عين شمس لشؤون التعليم والطلاب، والذي راح الطلاب يسخرون منه تارة، ويأخذه البعض الآخر بجدية تارة أخرى، يربك حساباتها، ألم يقل الرجل "لا يعقل أن تكون المظاهرات هي الحل، اللى مش عاجبه النتيجة فيه كليات كتير يروحها". تكررت جلسات "هدير" في المكان نفسه مرات عدة، مرة يقال لها إن مجلس الجامعة قرر رفع درجات الطلاب الحاصلين على نسبة نجاح 50 درجة لتصل إلى 60 درجة، على أن تعتمد تلك القاعدة مستقبلا، كما أقر فتح باب الالتماسات مجانًا للطلاب، ومرة يقال لها لا بد من إلغاء نظام الساعات المعتمدة وإصدار قرارات أخرى حيث لن تفلح معهم رفع النتيجة بواقع 10 درجات. "هدير" رضخت في النهاية للأمر الواقع، بعد تطور خطير، حيث جرى تهديدهم ضمنيا بالملاحقة الأمنية واتهامهم بالانتماء لجماعة الإخوان المسلمين، وقررت أن تبتعد عن المظاهرات المعترضة خوفا من "بعبع" قوات الأمن الإداري وأمن "فالكون".