كنا نظن أن التجارة بالدين انتهت مع خروج جماعة الإخوان من المشهد السياسى، لكن يبدو أنها تجارة رابحة ومثمرة، ولا ترتبط بالإخوان، ولكنها لصيقة بالنصابين واللصوص والفهلوية فى كل زمان ومكان. اختفى الإخوان، وهناك الآن السلفيون، حيث يمارس بعضهم التجارة باسم الدين لتحقيق أغراض سياسية ودنيوية، لكن هناك نوعا كنا نظن أنه اختفى وهو «عدة النصب التقليدية باسم الدين». «هل يتذكر أحدكم الفنان القدير زكى رستم فى فيلم « رصيف نمرة 5» عندما ذهب الفنان القدير فريد شوقى للقبض عليه فهرب منه ودخل المسجد، ثم بدأ يقيم الصلاة، فأمسكه شوقى قائلا: قديمة، فى اشارة إلى ما فعله فى فيلم «حميدو»؟!. مع فارق القياس تماما وإذا صح ما هو منسوب إلى وزير الزراعة المقال صلاح هلال، فنحن أمام متاجرة إلى حد ما بالدين والتدين. فى أكثر من مرة حرص الوزير على الظهور وهو يرتدى الجلابية الفلاحى والعباءة. الجلباب زى مشرف لمن يرتديه ودليل على الأصالة، ولا يمكن ان نسخر منه، ووالدى وكل عائلتى لاتزال ترتديه فى الصعيد، لكن الوزير أساء إلى هذا الزى، حينما حرص طوال الوقت منذ توليه منصبه الوزارى على الذهاب به إلى المسجد، وتصدر الصفوف الأولى، والامساك بالمسبحة، والانهماك فى حالة من التقوى والورع، ثبت طبقا للتحريات الأولية انها ليست صحيحة، إذا ما صحت اتهامات النيابة. البعض لايزال يعتقد أن الذهاب إلى المسجد والإمساك بالمسبحة وتصدر الصف الأول هو شهادة براءة من أى شىء لاحق. هناك حديث يقول: «إذا رأيتم الرجل يتردد أو «يعتاد» على المساجد فاشهدوا له بالإيمان»، وهو حديث ضعيف، خصوصا ان هناك آية قرآنية رقم 14 فى سورة الحجرات تقول: (قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا، ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان فى قلوبكم). إذا العبرة بالعمل والسلوك وليس بالمظهر والشعار، ونتذكر جميعا الفنان حسن البارودى متقمصا دور رجل الدين الشهير فى فيلم «الزوجة الثانية» وهو يبرر للرجل المفترى الذى مثل دوره ببراعة الفنان القدير صلاح منصور، حينما كان يقول لشكرى سرحان طالبا منه تطليق سعاد حسنى: «يَاأَيُهَا الَذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَهَ وَأَطِيعُوا الرَسُولَ وَأُوْلِى الْأَمْرِ مِنْكُمْ». الدنيا تغيرت وتطورت، وما كان ممكنا فى الماضى لم يعد كذلك الآن، يعتقد الممثلون والمتاجرون بالدين أنهم قادرون على الاستمرار بنفس الطريقة القديمة!!. هم لا يصدقون أن الشعب لم يعد كما كان سابقا. الناس تغيرت وتستطيع أن تكتشف الصادق من الكذاب والمزيف. على سبيل المثال، صدق بعض المصريين جماعة الإخوان المسلمين لسنوات طويلة، وتعاملوا معها باعتبارها «بتاعة ربنا» ومظلومة، ومفترى عليها من قبل الحكومات المتعاقبة، لكن وبعد ان اختبر الشعب هذه الجماعة لمدة زادت على عامين انقلب عليها وطردها شر طردة. إذا كان الشعب قد فعل ذلك مع تجار الدين المحترفين، فهل سيعجز عن كشف «المتاجرين المضروبين؟!». الحرامى أو المرتشى الذى يطلب رشوة تأشيرات حج، يصعب وصفه أو توصيفه.. هل يعتقد ان الله سبحانه وتعالى سوف يقبل حجته من المال الحرام؟!.لكن هذا الامر يكشف إلى أى حد صار كل شئ مزيفا وسطحيا حتى التقرب إلى الله بالحج. ما لا يدركه كل تجار الدين سواء كان بغرض السياسة أو البيزنس هو انهم يسيئون إلى الدين وإلى رجال الدين، ويجعلون كثيرا من الشباب هذه الأيام يكفر ويلحد، ويتغرب أو يتجه إلى العنف والإرهاب وداعش.. لا سامحكم الله جميعا.