جدد الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي تمسك الجامعة بمواقفها الثابتة فى التعامل مع الازمة السورية ، موكدا انها تقوم علي الاستجابة لطموحات الشعب السوري وتطلعاته المشروعة في إقامة نظام سياسي ديمقراطي تعددي أساسه المساواة في الحقوق وسيادة القانون وعدم التمييز بين المواطنين أيا كانت انتماءاتهم الدينية أو الطائفية أو العرقية، مع المحافظة على وحدة الجمهورية العربية السورية وسيادتها وسلامة أراضيها. وأضاف العربي في كلمته مساء اليوم الأحد أمام الاجتماع غير العادي لمجلس جامعة الدول العربية على مستوي وزراء الخارجية برئاسة وزير الخارجية الليبي الدكتور محمد عبدالعزيز لبحث الأزمة السورية وترتيبات مؤتمر "جنيف2″ إن من هذه الثوابت أيضا الدعوة إلى حقن دماء السوريين، هذا الموضوع يزداد أهميته كل يوم، لأن كل يوم يمر يسقط المزيد من الضحايا والأبرياء، ومطالبة مجلس الأمن بتحمل مسئولياته طبقاً لميثاق الأممالمتحدة باتخاذ التدابير اللازمة لإقرار وقف شامل لإطلاق النار وكل أعمال العنف والقتل والتدمير ضد المدنيين السوريين مشيرا إلى أن الجامعة قررت مطالبة مجلس الأمن عدة مرات منذ أبريل2012 بإصدار قرار لوقف القتال وحقن دماء السوريين، وذلك للأسف في ضوء عدم نجاح الجهود العربية والدولية حتى الآن في تحقيق هذا الهدف. وأشار إلى أنه من بين هذه الثوابت التحرك بإقرار حل سياسي للأزمة السورية بدءامن المبادرة العربية التي أطلقها مجلس الجامعة الوزاري في شهرأغسطس 2011 مرورا بالبيان الختامي لإعلان جنيف في 30 يونيو2012، والتي شاركت جامعة الدول العربية في الإعداد والتحضير له إلى جانب مجموعة العمل الدولية التي أقرت هذا البيان الختامي، وتم الاتفاق مع الأممالمتحدة على مباشرة السعي لإيجاد حل سياسي عن طريق تعيين كوفي أنان ثم الأخضر الإبراهيمي ممثلا مشتركا للمنظمتين والذي نحرص الآن على دعم جهوده ومساعيه لتأمين انعقاد مؤتمر "جنيف 2″ في أقرب الآجال، وهو ما توافقت عليه جميع الأطراف الدولية والإقليمية المعنية على اعتباره الخيار الوحيد المتاح لحل الأزمة السورية وإنقاذ سوريا شعبا ومجتمعا ودولة ومؤسسات من المخاطر المحدقة بها، والتي نعلم جميعا تداعياتها الخطيرة على سوريا وأمنها . وقال العربي إن دور جامعة الدول العربية كان ولايزال وسوف يستمر دورا محوريا ومركزيا في التعامل مع مستجدات الأزمة السورية وصياغة خطوات الحل التفاوضي استنادا إلى البيان الختامي لاجتماع "جنيف 1″ ، والذي يضمن إطلاق عملية سياسية تفاوضية تؤدي إلى بدء مرحلة انتقالية وتشكيل هيئة حكم انتقالية ذات صلاحيات تنفيذية كاملة تتولى مهام المرحلة الانتقالية، والمجلس مطالب اليوم بتوفير كل الدعم للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية لحثه وتشجيعه على المشاركة في مؤتمر "جنيف 2″ ، وكذلك دعم موقفه التفاوضي المطالب بالغطاء العربي لمشاركته في الإطار المطلوب لرعاية وإنجاح مسار الحل السلمي للأزمة السورية عبر مؤتمر "جنيف 2″. وأوضح العربي أن الأمانة العامة لجامعة الدول العربية مازالت وسوف تستمر في بذل المساعي وتبذل أقصى ما بوسعها من جهود وإمكانات من أجل التخفيف من المعاناة القاسية التي يتعرض لها الشعب السوري داخل سوريا وخارجها جراء ما لحق به من قتل وخراب ودمار وتشريد، كما تعمل الجامعة وبالتنسيق مع المنظمات العربية والدولية المعنية على تحسين أوضاع النازحين السوريين في الدول المضيفة المجاورة، ومعروض على مجلسكم الموقر تقرير مفصل حول ما قامت به الأمانة العامة للجامعة ومنظماتها ومجالسها الوزارية في هذا الشأن. وأعرب عن ثقته بأن اجتماع اليوم سوف يتخذ القرار المناسب الداعم لمسار الحل السلمي وتحقيق الطموحات المشروعة للشعب السوري الشقيق في التغيير الديمقراطي والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية . من جانبه ، قال وزير الخارجية الليبي الدكتور محمد عبد العزيز "رئيس الدورة الحالية لمجلس الجامعة العربية "إن هذه الدورة تركز على الوضع في سوريا وما آلت إليه الأزمة السورية جراء الأوضاع الخطيرة حيث استمر النظام السوري في جعل معظم المدن والقرى السورية متساوية في التدمير والحزن والألم وهو الأمر الذي يلقي على الوزراء العرب مسئولية عدم ترك الشعب السوري وحيدا لهذا المصير. وطالب عبد العزيز بدعم الجهود الدولية لإيجاد حل سياسي يحقق تطلعات الشعب السوري في الديمقراطية والحرية ، وقال إنه ليس بخاف على أحد تأثير البعدين الإقليمي والدولي في الأزمة السورية "، مطالبا الجامعة العربية بمتابعة تطورات الأزمة السورية أولا بأول وحشد الدعم السياسي والإنساني للشعب السوري والإعداد لمؤتمر "جنيف 2″. وأكد أهمية المسار الإنساني في دعم الشعب السوري معبرا عن شكره لكافة الدول المضيفة للاجئين السوريين والدول العربية المانحة ، مشيرا إلى اللفتة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي أطلق الحملة الوطنية السعودية لجمع التبرعات لنصرة الشعب السوري وذلك خلال العام الماضي كما أشاد بمبادرة أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح باستضافة المؤتمر الدولي الثاني للمانحين الدوليين لدعم الشعب السوري في الداخل والخارج المقرر عقده في الفترة المقبلة وذلك بعد نجاح مبادرته في استضافة المؤتمر الدولي الأول العام الماضي . من ناحيته، أكد رئيس الائتلاف الوطني لقوي الثورة والمعارضة السورية أحمد الجربا في كلمته أن حرص الائتلاف علي نجاح عملية الانتقال السلمي للسلطة وانجاز مؤتمر جنيف لاهدافه يستدعي ايجاد المناخ الملائم والتزام كافة الاطراف بخطوات جدية وملموسة لمواجهة الاوضاع الانسانية المأساوية والمزرية والتي لايمكن من دون معالجتها تحقيق أي تقدم سياسي. وقال الجربا إن هذه الخطوات تتناول السماح بمرور كافة قوافل المساعدات الاغاثية للمناطق المحاصرة في كامل الاراضي السورية ،والسماح بمرور وتسهيل عمل العاملين في منظمة الصحة العالمية أو من تفوضهم في مناطق انتشار الامراض والأوبئة في سوريا والقيام بحملات التلقيح للاطفال،والافراج عن المعتقلين والمختطفين،ووقف القصف العشوائي للمدنيين باستخدام الطيران الحربي والاسلحة الصاروخية والقنابل العنقودية والبراميل المتفجرة. وأكد الجربا أن جدية المفاوضات ونجاحها يستدعى مجموعة من العوامل أهمها اعلان الامين العام للامم المتحدة والدول الراعية وكافة الاطراف المعنية التزامها الواضح بالتوصل الى تطبيق كامل لبيان "جنيف 1 "واعلان النظام قبولها بأن هدف المؤتمر هو نقل السلطة كاملة الى هيئة حكم انتقالية تتمتع بكامل السلطات والصلاحيات بما فيها السلطات الرئاسية التى ينص عليها الدستور السورى الحالى. وشدد على ضرورة اعتماد الاطراف المعنية اعلان "جنيف 1 " والذى يؤكد ان هيئة الحكم الانتقالية هى المصدر الوحيد للشرعية والقانون فى سوريا واى انتخابات يجب ان تنظم من قبلها فى اطار عملية الانتقال السياسي للسلطة . وأكد الجربا أنه ليس لبشار الاسد ولا يمكن أن يكون له أى دور فى المرحلة الانتقالية وما بعدها واستبعاد جميع مسئولى النظام المتورطين فى ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وتحويلهم للجهات القضائية لمحاكمتهم . وطالب بانسحاب القوات الاجنبية الغازية وعلى رأسها الحرس الثورى الايرانى وميليشيات حزب الله وابو الفضل العباس العراقى وغيرها من كافة الاراضى السورية ، مشددا على ضرورة أن يكون الاتفاق ملزما وواجب التنفيذ ويصدر بقرار ضامن من مجلس الامن الدولى فى اطار زمنى محدد لا يتجاوز الربع الاول من العام 2014 لتشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة السلطات والصلاحيات . وقال الجربا إن الائتلاف الوطنى هو المسئول عن تشكيل وفد قوى الثورة والمعارضة إلى المؤتمر ويقوده بوصف الممثل الشرعى للشعب السورى، مشيرا إلى أن الائتلاف يعتبر انه لايحق لاى دولة تنكر حقوق الشعب السورى السيادية فى تقرير مصيره بنفسه فى اطار دولة ديمقراطية مدنية تعددية ان تشارك فى مؤتمر جنيف ، لافتا الى أنه لا يمكن لايران أن تكون عضوا فيه ما لم تؤكد اعترافها بالحقوق الاساسية للشعب السورى وبسيادة سوريا واستقلالها وان تسحب فورا قواتها الغازية من حرس ثورى وميليشيات حزب الله وكافة الميليشيات الطائفية التابعة لها ووقف دعمها العسكرى والامنى لنظام بشار الاسد . وأضاف أنه لا يمكن لايران ان تكون ضالعة فى القتل وشريكة فى السلام فى آن واحد ،مؤكدا التزام الائتلاف بالعمل الجدى من اجل التوصل الى حل سياسي يضمن حقوق الشعب السورى ويلبي مطالب ثورته العادلة وينقل سوريا الى عهد جددي من الديمقراطية والقانون والمساواة والغاء كل اشكال التمييز بين المواطنين . بدوره، أكد وزير الخارجية القطري خالد بن محمد العطية " رئيس اللجنة الوزارية العربية المعنية بالوضع في سوريا " على موقف بلاده تجاه الازمة السورية والمبني على ثوابت تتمثل في الوقف الفوري لكافة اعمال القتل والعنف ضد االمدنيين وتحقيق ارادة الشعب السوري في انتقال السلطة ودعم كافة الجهود العربية والدولية التي تحقق هذه الارادة . وقال العطية إنه في ضوء ذلك اذا كنا نرحب بعقد المؤتمر الدولي "جنيف2″ للتوصل الى حل سياسي لانهاء هذه الازمة .. إلا أنه ينبغي أن يكون هناك موقف عربي قوي وموحد بشأن عملية التفاوض في هذا المؤتمر ، منبها إلى ضرورة ألا يكون عقد "جنيف2 "فرصة اخرى للتسويف والمماطلة التي دأب عليها النظام السوري منذ بداية هذه الازمة. وأضاف العطية "إنه يتعين تحقيق ارادة الشعب السوري للتوصل الى تسوية سياسية عاجلة تحقق للسوريين تطلعاتهم لمشروعة عبر انشاء سلطة انتقالية تنقل اليها كافة الصلاحيات بما فيها العسكرية وجميع الاجهزة الأمنية لوضع حد نهائي لهذه الأزمة ، مشيرا إلى أنه لا يمكن أن يتحقق ذلك مع استمرار عمليات القتل والعنف التي ترتكبها قوات النظام ، وبقاء اللاجئين والنازحين خارج وداخل سوريا يواجهون الموت كل يوم بل وكل لحظة". ودعا العطية، الجامعة العربية إلى القيام بالتزاماتها القانونية والاخلاقية تجاه الشعب السوري وفقا لاحكام الفصل الثامن من ميثاق الاممالمتحدة عبر توفير ضمانات من المنظمة الدولية ،ولا سيما الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن ، مشددا على ضرورة أن يتزامن مع بدء المفاوضات وقف فوري لاطلاق النار من قبل اي طرف ، وانشاء مناطق امنة تسمح بعودة اللاجئين والنازحين السوريين الى داخل الاراضي السورية وكذلك ضمان استمرار تقديم المساعدات الاغاثية والانسانية الى كافة المناطق والمدن السورية المنكوبة . وعبر العطية عن تقديره للجهود التي بذلتها الجامعة العربية منذ بدء الأزمة قبل اكثر من عامين ونصف إلا أنه قال : ان الشعب السوري لايزال ينتظر من امته العربية أكثر من ذلك لتحقيق تطلعاته المشروعة" ، منبها إلى أنه لم يعد مقبولا التباطؤ في الحفاظ على مستقبل الشعب السوري وتحقيق تطلعاته المشروعة ، مؤكدا انه حان الوقت لتسريع عملية الانتقال السياسي في سوريا لوقف وانهاء العنف واراقة الدماء والحفاظ على وحدة سوريا ارضا وشعبا وسيادة . ووصف المأساة والكارثة الانسانية التي يعيشها الشعب السوري بأنها من اكبر المآسي الانسانية في تاريخ البشرية ، وقال : لقد بلغ الوضع في سوريا اليوم مراحل لا تحتمل مشيرا في هذا الصدد الى ان عدد الشهداء على يد النظام تجاوز 130 ألف شهيد وقرابة 150 ألف مفقود ، علاوة على تهجير ونزوح ما يزيد على 6 ملايين من السكان عن قراهم ومدنهم وتشريدهم داخل البلاد ولجوء اكثر من مليوني مواطن الى خارج سوريا.