تتشابه المأساة الإنسانية وتتكرر.. والفاعل واحد و«معلوم».. قبل 55 عاما ارتكب الجيش الصهيوني المجرم، مذبحة مدرسة بحر البقر، فى صباح يوم 8 أبريل عام 1970، سقط خلالها19طفلًا شهيدًا وأصيب 50 آخرون بعد هجوم من طائرات العدو الإسرائيلى – الذى كان وما يزال عدوًا تاريخيًا لنا – على مدرسة إبتدائية بالشرقية، ضاربًا بكل الأعراف والمواثيق والمعاهدات الدولية والقوانين والضوابط الحاكمة، بل والموانع الإنسانية التى تحمى المدنيين فى أثناء الحروب، عرض الحائط. ولأن الإجرام فى جيناته ومن السمات المؤثرة والمميزة فى شخصيته، التى تشكلت وتكونت عبر سنوات من العنف والإجرام واللاإنسانية، لم يتوقف هذا المجرم اليهودى الصهيونى عن ارتكاب جرائمه ومجازره، على مدار تاريخه الاحتلالى الأسود، بل لم يتوقف على مدار تاريخ نشأته وحياته، فهم اليهود قتلة الأنبياء وناقضو العهود والمواثيق، لأن الإجرام فى جيناته يواصل ارتكاب مجازره ضد صاحب الجغرافيا والتاريخ ويريد أن يبيده تمامًا ويستأصل شأفته ليسيطر على كامل الأرض الفلسطينية ويواصل تحقيق حلمه المسموم وبسط نفوذه على كامل المنطقة. من مذبحة بحر البقر، إلى مجازر ومذابح غزة المستمرة، يواصل المجرم الإسرائيلى جرائمه، دون رادع أو وازع، فقد قتل وأصاب فى بحر البقر 69 طفلاً بريئًا كانوا فى فصولهم وأمامهم كراريس الرسم يرسمون أحلامهم البريئة، دون أن يخطر ببالهم أن فى هذا العالم المتوحش تركض وحوشا كتلك لا تأبه للدماء ولا تضع لها حرمة، ولا تكترس لحياة البشر ولا ترتدع، وفى غزة قتل فى كل مكان، فى الشوارع، وفوق الأرض وتحتها الشجر، وفى المدارس والمستشفيات، وفى غرف النوم وصالات الألعاب، حتى دور العبادة لم يسلم منهم مسجد ولا كنيسة، قتل أكثر من 18,592 طفلًا فلسطينيًا منذ أكتوبر 2023 حتى أغسطس 2025، وأكثر من 60,000 قتيل منذ بدء العدوان، غالبيتهم من النساء والأطفال، و320,000 طفل دون سن الخامسة مهددون بسوء تغذية حاد، وفق اليونيسف، ونحو 470,000 شخص يعيشون فى مجاعة فعلية (IPC Phase 5)، بينهم عشرات الآلاف من الأطفال، حتى مطلع أغسطس 2025، سُجلت 162 وفاة بسبب الجوع، منهم 92 طفلًا، ومنظمة الصحة العالمية تؤكد أن 16.5% من أطفال غزة تحت الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد..إيه رأيك فى البقع الحمرا.. يا ضمير العالم؟ يا عزيزي.. راسم نار.. راسم عار.. ع الصهيونية والاستعمار، والدنيا اللى عليهم، صابرة، وساكتة على فعل الأباليس.. إيه رأيك يا شعب يا عربى؟ إيه رأيك يا شعب الأحرار؟ دم الأطفال جايلك يحبى؟ يقول انتقموا من الأشرار. الجرائم والمجازر وحرب الإبادة ما تزال مستمرة.. وهذا الذى سبق سرده ليس مجرد أرقام فى سجل إجرام ذلك المجرم عتيد الاجرائم، بل يجب أن تكون بنود فى لائحة اتهام توجه إلى هذا المجرم ليحاكم عليها أمام الناس والتاريخ حتى يقف يوم الحساب العظيم حيث لا فرار من العدل المطلق والقصاص. لم يعد مشهد طفل يتوسل الحياة على طرف كسرة خبز صغيرة مبتلة بقطرات ماء تعيده من الموت، يدمى قلوب العالم فقد مات ضمير العالم يا أستاذ جاهين منذ أن ناديت عليه بعد مذبحة بحر البقر، وفيما يبدو أنه لن يعود إلى الحياة من جديد. الحرب على غزة لم تعد لتحقيق أهداف سياسية وإطلاق سراح الرهائن، كما بات واضحا للجميع، الجميع الذى كشف وجهه وخلع عنه برقع الإنسانية ووخذ ضميره وخذه اسكتته. الحرب على غزة تجاوزت كل منطق أو مبرر، وأصبحت حرب تجويع وإبادة جماعية وتصفية للقضية الفلسطينية.. فلا ننتبه ونفيق ونتحرك إلى ما هو أبعد من مجرد، نداء على ذيل ورقة خرقاء «أوقفوا الحرب.. نرجوكم». ما يحدث فى غزة حرب إبادة جماعية، ستظل ندبة فى جبين وقلب الإنسانية تطاردها فى أحلامها، إن كانت ما تزال تحلم، ولن ينجوا أحد كما قال الرئيس عبد الفتاح السيسي، لن ينجوا أحد من التاريخ، الذى سيتوقف كثيرًا ويحاسب ويحاكم أشخاصًا ودولا كثيرة على موقفها من الحرب على غزة، ولن يظل الضمير الإنسانى صامتًا بهذه الطريقة. ما يحدث فى غزة جريمة مكتملة الأركان، والفاعل معلوم وواضح ومفضوح، ويجب ألا يفلت من العقاب، وحتما سيكون كما يقول التراث الشعبى «ومسيره ييجى يوم تترد فيه المظالم.. أبيض على كل مظلوم.. وأسود على كل ظالم». وإن كانت الجملة الشعبية- على بساطتها – تنذر بيوم الحساب الدنيوى، فإن الأمر بالضرورة يجب ألا يمر، سهلا بسيطا، ولابد أن يستيقظ ضمير الأحرار الذى ناداهم قبل سنوات عمنا «صلاح جاهين»، ومن أشار إليهم الرئيس السيسي فى كلمته الأسبوع الماضى عندما أكدت أن ضمير العالم لن يظل صامتا. لقد كشفت اللقطات الجوية التى تم تصويرها من طائرات إلقاء المساعدات الإنسانية على غزة ، حجم الدمار والإبادة التى تعرض لها القطاع بشرًا وحجرًا، ولقد كشفت أيضا عمليات توزيع المساعدات بمعرفة- مجرمى الحرب – حجم الجرائم المنظمة الممنهجة التى تتم بفعل فاعل وعن قصد وبشكل مباشر فى أثناء التوزيع، استكمالا لسيناريو وحشى متوحش، هدفه فى النهاية القضاء كليًا على الشعب الفلسطينى خصوصًا فى القطاع . ولعل هناك بصيص أمل فى ضمائر حرة قد تساعد فى عودة الحقوق لأصحابها أو على الأقل محاسبة المجرمين أو حتى إيقافهم عن الاستمرار فى جرائمهم، فقد تحدثت صحف عالمية عن قيام أربعة أعضاء من الكونجرس هم السيناتور «بيتر ويلش» و«كريس فان هولن»، بالاضافة إلى النائبين «جواكين كاسترو» و«سارة جاكوبس»، بتحرير رسالة إلى الشركتين الأمريكيتين «يو جي سوليوشنز» و«سيف ريتش سوليوشنز» بشأن تورط موظفين تابعين لهما فى ممارسات أمنية «مميتة»، بحسب نص رسالة النواب، فى أثناء توزيع المساعدات على الفلسطينيين فى غزة. يا ضمير العالم يا عزيزي.. هذه «جرائم ممنهجة» ترتكب بحق المدنيين فى قطاع غزة، عشرات التقارير الصادرة عن منظمات الإغاثة الدولية، تؤكد من مصادرها على الأرض، أن هناك «عمليات قتل» يجرى ارتكابها فى محيط مواقع عمل «مؤسسة غزة الإنسانية» بغارات إسرائيلية من الجو، فيما وثقت أيضا أكثر من منظمة أن هناك رصاص أمريكى أطلق من الأرض تسبب فى قتل العشرات، خلال محاولاتهم الحصول على الغذاء عندما لم يكن سوى مؤسسة غزةالأمريكية وحدها هى المعنية بتوزيع الغذاء على المنكوبين من أهالي القطاع الفلسطينيين. يا ضمير العالم يا عزيزي .. هذه جرائم قتل ممنهجة ومدبرة، وتنفذ بدم بارد، فإسرائيل هى أول من طرح فكرة تولى شركات مدنية، مسئولية توزيع المساعدات فى غزة بهدف تجاوز دور الأممالمتحدة وتقويض إدارتها لشئون الفلسطينيين، وجاءت ما سمي ب «مؤسسة غزة الإنسانية»، وكلنا يعلم عدد الشهداء الذين يسقطون كل يوم وهم يحاولون الحصول على الطعام. يا ضمير العالم يا عزيزى.. هذه جرائم مدبرة وممنهجة ومستمرة، ومؤخرًا تتسرب لوسائل الإعلام معلومات عن قرار تم الموافقة علية باحتلال كامل غزة ويتوازى معها اقتحام بن غفير المجنون ورفاقه الأقصي وأدوا صلاواتهم الغريبة فى سابقة لم تحدث من قبل، الأمر الذي ينذر بمزيد من الجرائم الممنهجة تحت مظلة وشرعية وغطاء سياسي أمريكي.. يا ضمير العالميا عزيزي.. ألم يأن لك أن تستيقظ؟