يتصور البعض أن الدواء هو الشيء الوحيد الذى تنتج عنه آثار جانبية قد تهدد حياة الإنسان أو على الأقل صحته.. لكن الحقيقة أن تصرفاتنا وكلماتنا وتفاعلاتنا مع الآخرين لها من الآثار الجانبية ما يفوق الأدوية الكيميائية فى كثير من الأحيان. وأنت حين تدخل إلى مكتبك أو منزلك، فإن كلماتك وتصرفاتك، بل نظراتك لمن حولك ستترك آثارها الجانبية عليهم، وتشكل فى مخيلتهم إلى حد كبير كيف كان مزاجك بالخارج، وكيف سيمضى اليوم معهم ومعك! وهناك أشخاص لديهم قدرة هائلة على أن يرفعوا معدل ضغط الدم لدى الآخرين من أول كلمة ينطقون بها، وهناك من يتسبب بكلماته أو تصرفاته فى إصابة شخص بأزمة قلبية أو بهبوط فى الدورة الدموية، وقد يكون من بين هؤلاء أقرب الأقربين، فالأبناء يمكنهم فعل هذا بآبائهم، والآباء قد يسببون هذا للأبناء بأساليبهم الخاطئة. الأغرب أن الإنسان قد يتخذ من القرارات ما يترك آثارا جانبية على حياته، ومع ذلك ينكر أنه كان المسئول عن إيذاء نفسه، فهو لا يحب الاعتراف بذنبه أو بخطئه.. وإذا حدث ووجه لنفسه اللوم على تصرف ما، فإنه سرعان ما يوجد المبررات التى تريحه من هذا العناء، محاولاً إلصاق التهمة بالظروف، أو إرجاعها إلى الآخرين الذين لا يفهمونه، ولا يتجاوبون مع تفكيره بالشكل المطلوب.. حتى يبرئ نفسه أمام ذاته وأمام الآخرين! على المستوى العام.. ستجد أن القرار الذي يصدره أى مسئول لابد أن يحمل قدرا غير قليل من الآثار الجانبية على المستهدفين بقراره، فهناك دائما منتفعون ومتضررون من أى قرار، حتى ولو كان المتضرر الوحيد هو صاحب القرار الذي اضطر لاتخاذه من أجل إراحة الآخرين. وكما هو الحال مع الدواء.. ربما يحتاج الإنسان إلى تناول بعض المسكنات لتسكين الآثار الجانبية لتصرفات الآخرين، وإذا اشتد الألم لدرجة غير محتملة، فقد يلزمه – وبلغة أهل الطب – جراحة عاجلة لاستئصال الجزء المصاب، والذي لم يعد ممكنا تحمل آثاره الجانبية. بدرجة أو بأخرى.. تمضي علاقاتنا اليومية بهذه الطريقة.. ما يستلزم الانتباه إلى ما يصدر عنا من كلمات وتصرفات، وما تنطوى عليه سلوكياتنا مع الآخرين، لأن مفعولها سيتراكم لا محالة، وتوابعها سترهق الأعصاب ولو بعد حين، وعندها قد لا يكون للعلاج بديل سوى التوقف عنه نهائيًا!