عاد فصل الربيع، الذي تتسم أجواؤه بالبهجة ويصبح الكون كلوحة زاهية الألوان، ثرية بالتفاصيل الرائعة، ومن بينها عودة الطيور المهاجرة، التي تتنقل بين القارات بحثًا عن بيئات دافئة وأماكن غنية بالغذاء. وتسعى مصر لاتخاذ إجراءات علمية مدروسة، لحماية ملايين الطيور المهاجرة سنويًا عبر المسارات الخطيرة، ومنها منطقة خليج السويس، التي يُوجد بها مزارع توليد الطاقة من الرياح عبر توربينات ضخمة، دون أن تتسبب تلك الحماية في تأثيرات سلبية على مشروعات توليد الطاقة . كتبت : راندة فتحي وتعتبر منطقة جنوب جبل الزيت، فى منطقة خليج السويس، من أكثر المناطق حساسية على المستوى البيئي، كما ذكرت وزارة البيئة فى بيان حديث، إذ تمرُّ بها أعداد هائلة من الطيور المهاجرة خلال فصلى الخريف والربيع. ويمر فى الخريف نحو 850 ألف طائر، فى حين يصل العدد فى الربيع إلى نحو مليونى طائر، ما يجعلها منطقة ذات خطورة عالية تتطلب اتخاذ تدابير وقائية ومحكمة، وكذلك إعداد دراسة استراتيجية شاملة للمنطقة، من المقرر أن تنتهى بحلول فبراير من العام المقبل. تحدى مزدوج وتمثل منطقة خليج السويس ككل تحديًا مزدوجًا؛ كما بيَّن الدكتور أسامة الجبالي، الخبير البيئى فى مجال الطيور الحوامة، باعتبارها منطقة غنية بالموارد الطبيعية، فضلا عن أنها تعد من أكثر الأماكن جذبًا للطاقة المتجددة من الرياح، وفى الوقت نفسه، تعتبر نقطة عبور حرجة للعديد من الأنواع البيئية. واستطرد: لذا، فإن تنفيذ التدابير الوقائية التى تحمى الطيور الحوامة من أى تأثيرات سلبية هو أمر بالغ الأهمية لتحقيق التوازن بين التنوع البيولوجى والتنمية المستدامة. أنواع الطيور ومن أبرز أنواع الطيور المهاجرة فى منطقة خليج السويس، والحديث لا يزال للدكتور أسامة الجبالي، طائر اللقلق الأبيض، والنحام الوردي، وبعض أنواع النسور، موضحا أن هذه الأنواع التى تمر عبر الخليج بحاجة إلى بيئات مستقرة وآمنة كى تستكمل رحلاتها بنجاح، مع تنامى نشاط توليد الكهرباء من الرياح فى هذه المنطقة، والتى بدأ يظهر تأثيرها بشكل ملحوظ على الطيور. وللتصدى للمخاطر المؤثرة على الطيور المهاجرة، أكدت وزيرة البيئة ياسمين فؤاد ضرورة تشكيل لجنة فنية لضمان أن تكون قرارات غلق توربينات توليد الرياح عند الحاجة لذلك أكثر دقة، وتستند إلى بيانات علمية موثوقة، من خلال دور وزارتها فى الإشراف على منظومة المراقبة والتفتيش البيئي. توازن مطلوب وشددت الوزيرة، على ضرورة اتخاذ عدد من الإجراءات التى تضمن تحقيق التوازن بين حماية الطيور ومشروعات الطاقة، ومنها إنشاء وحدة متخصصة بمشروعات الحفاظ على الطيور المهاجرة تحت إشراف وزارة البيئة، لمتابعة التفتيش البيئى ورصد الطيور النافقة وضمان التزام الشركات بالإجراءات البيئية، بالإضافة إلى ضرورة الانتهاء من دراسة تقييم التأثير البيئى الاستراتيجى لهجرة الطيور التى ستحدد مدى حساسية المناطق بيئياً، علاوة على دراسة إمكانية إضافة تخصص استشارى طيور مهاجرة إلى سجل قيد المستشارين البيئيين فى الوزارة، وتدريب واعتماد فرق متخصصة لمراقبة الطيور. واتخذت وزارة البيئة فى أوقات سابقة، مجموعة من الخطوات التنفيذية الهادفة إلى حماية الطيور المهاجرة، كان من أبرزها التوسع فى المحميات الطبيعية المخصصة للطيور المهاجرة، مثل محمية وادى الريان ومحمية بحيرة البردويل التى توفر بيئات مناسبة للطيور المهاجرة، علاوة على استثمار الوزارة فى تطوير وتحديث أدوات المراقبة للمسارات الجوية لهذه الطيور، باستخدام تقنيات متطورة لمتابعة تحركاتها. خطة تعاون فى إطار آخر، وضعت وزارة البيئة المصرية خطة للتعاون مع شركات توليد الكهرباء من الرياح فى خليج السويس لضمان سلامة الطيور المهاجرة، حيث تضمنت هذه الخطة إحداث تعديلات فى تصميم التوربينات لتقليل المخاطر المرتبطة بها. كما تم العمل على إدخال تقنيات رصد الطيور باستخدام كاميرات متطورة وأجهزة استشعار ذكية للمساعدة فى تحديد المسارات الأكثر تعرضًا للخطر. وفى هذا الإطار، أشار د. أسامة الجبالي، الخبير البيئي، إلى أن التحديات التى تواجه الطيور المهاجرة تتزايد نتيجة لتداخل الأنشطة البشرية مع بيئاتها الطبيعية، لافتًا إلى أنه من الأهمية بمكان أن تركز جهود وزارة البيئة على تحسين التنسيق مع الشركات المسئولة عن بناء توربينات الرياح، ووضع سياسات وقوانين تضمن حماية الطيور مع الحفاظ على استدامة مصادر الطاقة المتجددة. بيانات ميدانية ويؤكد د. أسامة أن هذا النوع من التعاون يتطلب جمع بيانات ميدانية دقيقة ودراسات مستمرة حول الأنواع المعرضة للخطر، بالإضافة إلى تبادل المعرفة والخبرات مع الدول المجاورة التى تشارك مصر فى مسارات الطيور. وتفضل الطيور المرور فى منطقة خليج السويس، كما أوضح أحمد فتحي، الخبير البيئي، لوجود تيارات هوائية تساعدها على الطيران بجانب وجود مناطق للتغذية تساعدها فى رحلة العبور إلى الشمال حيث أوروبا فى فصل الصيف، والجنوب حيث إفريقيا فى فصل الشتاء. وكشف عن أن بعض أنواع الطيور تفضِّل البقاء فى مصر لفترات متفاوتة كالفلامنجو الذى رُصد بأعداد كبيرة فى بورسعيد والفيوم.