نصف الشعب المصرى (على الأقل) يستخدم وسائل التواصل الاجتماعى، (مصدر المعلومة تقرير مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء، لعام 2023) وبالأرقام، يبلغ عدد مستخدمى "فيس بوك" حوالى 45 مليونًا تقريبًا، وأكثر منهم قليلاً مستخدمو "يوتيوب" و"الإنستجرام" 16 مليونًا، وال "سناب شات" 14 مليونًا تقريبًا، و"تويتر" أكثر من 5 ملايين (لاحظ أن الشخص الواحد يستخدم أكثر من وسيلة).. فما دلالة الأرقام السابقة؟!.. أهم دلالة هى أن أكثر من نصف المصريين يتعرضون للمواد التى تحتويها هذه التطبيقات من وسائل الإعلام الرقمي، لكن الأعداد المجردة السابقة لن تخبرك أن هذه التطبيقات التى تحمل أسماءً أخرى تصف مجالها ووظائفها مثل: "الإعلام التفاعلي، وإعلام الوسائط المتعددة، والإعلام الشبكي الحي Online Media، والإعلام السيبرانيCyber Media، والإعلام الشعبي Hyper Media، تقبل عليها كل الفئات العمرية من سن ما قبل الفطام (عامان) إلى ما شاء الله، فكل الأجيال التى على قيد الحياة الآن (بنسب مختلفة) تستخدم وسائل التواصل، وتتأثر بما تتضمنه، وتبثه، وتنشره، من محتوى، وأخطر مما سبق تلك الحقيقة التى تتغافل عنها حكوماتنا ومؤسساتنا ذات الصلة، وهى أن هذه الوسائل هى التى تتحكم فى مستخدميها بأكثر مما يتحكم مستخدموها فيها، لأننا ببساطة لا نملك هذه التكنولوجيا، وبالتالى لا نستطيع التعامل مع التقنيات التى تشغلها (الرقمنة)، والتى يمتلكها العالم المتقدم، ونستهلكها نحن، ولا جديد فى القول إن العالم المشار إليه آنفًا، يوظف هذا النوع من التكنولوجيا فى جزء كبير منها للإخضاع، والسيطرة على شعوب دول العالم الثالث الفقيرة، التى كان يستعمرها عسكريًا من قبل، وتأتى هذه الوسائل – الآن – كأحد أهم وأخطر أدوات الحروب الاستعمارية الحديثة.. وحتى ما تقدمه هذه الوسائل من أدوات ومواد التسلية والترفيه هى فى الحقيقة من أكبر مهددات الأمن القومى للدول، وإذا كانت هذه الوسائل تنشر المعلومة التى هى نواة الخبر، الذى هو مرتكز الحقيقة، التى تصل بنا إلى تشكيل الوعى، فإن المعادلة السابقة تنتهى إلى أن هذه الوسائل هىالتى تشكل – الآن – وعى غالبية المصريين، والغالبية العظمى من الشباب المستهلك الأول لهذه التكنولوجيا، التى تخدّم على الأهداف الخبيثة التى يستهدفها أصحاب هذه الوسائل بشكل مباشر وغير مباشر، ومن خلال تقديم محتوى يعمل على استغلال الغرائز، من حب النميمة، والنرجسية، والأنا، إلى الغرائز الجنسية، وغيرها، ويفعل ذلك بأكثر مما يخاطب الروح الطيبة والعقل الجميل، وكذا يفتح المجال بشدة لنشر الشائعات وتوظيفها ونحن بالطبع لسنا ببعيد، وفى وقت يمر فيه الوطن بظرف استثنائي يصعب تخيل الأسوأ منه، وما بين حروب أهلية وتهديدات عسكرية، على حدودنا فى أكثر من اتجاه، إلى ظروف عالمية ولّدت أزمات اقتصادية، نتج عنها ركود وتضخم وضغوط كبيرة على ميزانيات الدولة، وتدبير احتياجات الإنفاق، وإرهاب كامن، وإرهابيون – للأسف – يحاربون الوطن الذى يحملون جنسيته، ومروا بالزيادة السكانية التى تسبق أى معدلات للتنمية فتأكلها مثل الجراد، وصولاً إلى الحرب على القيم والأخلاق الإيجابية، لاستهداف العقيدة الدينية بالأساس، ونشر الانفلات، وأول المستفيدين مما سبق عدو تاريخى يحاربنا الآن حرب وجود وليست حرب حدود.