كتاب مفتوح يفوح مسكا، يمشي على قدمين، دروسه المستفادة تفجّر ثورة وتبعث نورا فى عقل وقلب قارئها، الغزاوي سيبقى منارة تضيء حرية وعزة لأحرار العالم، وإذا سقط شهيدا فدماؤه تُسطّر معاني للكرامة وللنخوة، الكاميرا ترصد شابا غزاويا يجلس وسط الأنقاض، يبتهل إلى الله طالبا النصر أو الموت واقفا على أرضها، ويعلمنا أن نجعل من الهم جسرا يعبر عليه، والفتاة الغزاوية المكلومة لقنتنا درسا ألا نستسلم إذا فقدنا اليد التي تحنو علينا. شرح لنا الشيخ الغزاوي فى كتابه أن سواعده رغم ضعفها تستطيع إعادة رفع قواعد بيته المدمر، وأنها لديها القدرة على تحويل ركام منزله إلى بناء شاهق، وتخط الأم الفلسطينية الثكلى للأمهات الأحرار أن عطاء الأمومة لا يعرف شحا ولا أنانية، وأن يكون عطاءً بلا حدود، ويتعلم آلاف الصغار من حول العالم من طفل غزة أن الحكمة ليست حكرا على كبار السن، وتعلمت الرجال من أبطال غزة أن الشريف من عاش حرا مرفوع الرأس، وفى كل يوم يقرأ ويعتبر المتابعون حول العالم من ثبات أهل غزة، وصدق قول الشاعر العربي مصطفى الغلاييني على بطولة المواطن الغزاوي. لا يرتضي الذل إن ينزل به أبدا إلا الجبان الوضيع النفس والشي دروس حية يقف أمامها الإنسان عاجزا عن كشف أغوارها، غير أنها دروس ومواقف بطولية استقوها من قدوتهم محمد صلى الله عليه وسلم، كان فردا فصار أمة، فأصبح الواحد اثنين، وآزرته أم المؤمنين خديجة وثبتت فؤاده، وبشرته أن الله لن يخزيه، وقدمت له كل غال ونفيس حتى تنتشر دعوته، ولم تمر سويعات ويؤمن معه أبي بكر، وبنفس راضية يعطي للنبي كل ماله. تتلمذ الفلسطينيون على موائد الصحابة، وكانت مرآتهم ثبات المؤمنين الأوائل خلف الرسول، ويتعلق فى أذهانهم بشرى سيد الخلق لآل ياسر بأن موعدهم الجنة، برغم أن أيدي طغاة تنزع أحشاؤهم، وإذا بآلامهم وأحزانهم تشدو بصرخات البشرى بلقاء الله، ويتلقف رجال غزة بل كل الفلسطينيين تلك الروح الإيمانية الصلبة من الأوائل والسابقين من رجال أمة محمد، ويضعونها نصب أعينهم، لتكون وسيلتهم فى تحرير المسجد الأقصى، ويعتزمون مواصلة جريان نهر روح المقاومة فى نفوس الأجيال القادمة، برغم شدة وطأة نار حرب الإبادة الصهيونية. أيقن الغزاويون بعزيمة الصحابة أنها لا تلين، بل تزيد إصرارا على كسر حصار صناديد قريش لهم، وكذلك نقلوا عن الصحابة أن لغة الاستسلام لم تكن من أحد مفردات أدبياتهم، وزاد يقين أهل غزة أنه بفضل تلك المواقف البطولية بدأت تتشكل ملامح دولة الإسلام، ويملأ قلوبهم أملا بالفتح والنصر القريب، كما كان فضل الله على رسوله والصحابة فتح مكة. وأصبح نهج الرسول وصحابته دستورا لكل رجال الأمة على مر العصور، وهو ما سجله التاريخ فى موقعة حطين، وفى معركة بلاط الشهداء التي دارت فى رمضان 114ه, وفى فتح الأندلس على يد طارق بن زياد، وفى عين جالوت فى 25 رمضان عام 658 ه، وفى حرب أكتوبر فى العاشر من رمضان، ثم يأتي صمود الغزاويين ليرسم لوحة تبهر العالم، تفجر مشاعر الغضب بداخل الملايين، وعلى أثرها تخرج المظاهرات الحاشدة من قلب عواصم كبار الداعمين، لكي تعلن رفضها لأول مرة لسياسة الصهيونية الدموية.