تشرفت.. وأسعدنى الحظ بأن أكون من بين المدعوين لحضور احتفال رجال الشرطة بعيدهم ال 72 هذا العام فى حضور الرئيس عبد الفتاح السيسي.. خلال الحفل شاهدت ضمن فقراته عملا فنيا بعنوان «فدا مصر».. هذا الأوبريت الغنائى أشار إلى مسألة مهمة جدا، وربما تنتهى إلى خلاصة فى غاية الدقة، يلزم التركيز عليها والتنبيه بها من وقت إلى آخر، وهى مسألة التضحية من أجل الوطن. وإن كانت التضحة والفداء وحب الوطن مشاعر وقيما كلها فى الجينات المصرية منذ أن عرفت الإنسانية نشاطًا بشريًا على الأرض، فالحديث فى هذا الأوبريت لم يكن فقط عن التضحية فى مواجهة العدو، إنما التضحية فى مواجهة أى خطر من الممكن أو المحتمل أن يتعرض له الوطن. ومعارك الإسماعيلية التى تلت الموقف البطولى لرجال الشرطة فى مواجهة القوات الإنجليزية المدججة بالسلاح الثقيل فى مبنى محافظة الإسماعيلية يوم 25 يناير 1952، تجسد هذه القيم والصفات المتأصلة فى الشخصية المصرية وجينات البطولة والفدا التى يولد بها كل مصري، وتؤكد أن المصرى من أى طبقة وفى أى موقع على استعداد كامل لأن يقدم روحه فدا مصر.. وأن هذاالاستعداد موصول ومستمر من جيل إلى جيل فى الماضى والآن وفى المستقبل. والتأكيد على مسألة الفدا والتضحية ينسحب على أمور ومواقف كثيرة ليست فقط فى مواجهة الاحتلال مثلما سبق الحديث وإنما فى مواجهة أى خطر. وقد تعرض الوطن وما يزال لمخاطر كثيرة يخطط لها ويفعلها أهل الشر، فهم ما يزالون يراهنون ويتمنون أن ينالوا من تماسكنا ووحدتنا وتلاحمنا ليستطيعوا تنفيذ مخططاتهم كاملة، لذلك هم لا يتركون فرصة أو مناسبة من أجل ذلك، ولا يتوقفون عن نشر الشائعات والأكاذيب والتشويه لكل إنجاز أو جهد إيجابى ليصل المواطن إلى حالة من الإحباط بعدها تنهار مقاومته ويسقط فتخلو لهم ساحة الوطن يشعلون فيها ما شاءوا من حرائق. لذلك استلهامنا من جملة وعنوان الأوبريت «فدا مصر» بأنه يجب علينا جميع أن نكون مثل أجدادنا ومن سبقونا فدا مصر فعلا، وأن نكون على استعداد كامل لأن نضحى ونتحمل أى تحديات وصعوبات وظروف صعبة قد يمر بها الوطن، حتى يظل فى أيدينا وألا يضيع منا، وحتى نظل على أرضه ننعم بخيراته وأمنه وأمانه. لا شك أن الظرف صعب جدا وفى غاية الدقة والقسوة ولكنه ليس أصعب من مشهد نرى فيه زوال الوطن أو سقوطه وتكالب الذئاب والذباب عليه من كل حدب وصوب.. نعم هناك الكثير منهم ينتظر هذا السقوط ويتمناه ويتوهم سيناريوهات لما بعد السقوط، وهذا هو الخراب بعينه، وأقرب ما يكون إلى قعر جهنم. إشارة الرئيس السيسي فى حديثه بالاحتفالية إلى صعوبة الأوضاع فيها مصارحة ومكاشفة، وشكره وتحيته للشعب الصامد فيه دعوة إلى أهمية دور المواطن فى الحفاظ على الوطن إن لم يكن هو الدور الأهم على الإطلاق. لقد اختارت مصر قبل 10 سنوات اختيارًا صعبًا وقررت أن تضحى من أجل أن تقدم لنفسها والعالم كله دولة جديدة قوية وهذا الاختيار له ثمن يدفعه هذا الجيل من المصريين وهو صابر وراضى، لأنه يعلم أن الأمر فى مجمله «فدا مصر» وفى أوله وآخره من أجل أبنائنا الآن ومن سيأتون من الأجيال القادمة.. نحن كمصريين اخترنا وقررنا أن نصمد ولن نعطى أحدًا فرصة للشماتة فينا أو النيل من وطننا، وهذا عهد ووعد.. فكلنا «فدا مصر». حفظ الله الجيش.. حفظ الله الوطن