للأسف حتى يكتشف الأطباء علاج لأمراض التخاطب السياسى العالمى والتى أدت لتفشى ذلك البكم والصمم وعدم القدرة على التمييز التى أصابت دول العالم المتحضر تجاة ممارسات دول بعينها لصالح أخرى لينقلب ميزان العدل وتسود القيم المغلوطة وتمرض الشعوب وتنتهى حضارات حقيقية لتحل محلها اشباه أنظمة تجعل من مهمة القطب الأوحد فى السيطرة على العالم أيسر وأسهل، ولأنها عملية مضمونة النتائج وحتى لا يمضى الوقت دون ملل، لابد أن تأتى كل حين بعض الأحداث أو الشخصيات من أجل إنعاش شهية الشعوب وإضفاء بعض المصداقية على ما يدور حولها من أحداث ووقائع، وهنا يظهر بطل حكايتنا ويدعى (جوليان أسانج)، استرالى الجنسية، يبلغ من العمر 44 عاما، وقد ظهر فى بؤرة الضوء لأول مرة منذ 6 سنوات معلنا نجاحه فى فك أعتى شفرات أجهزة الكمبيوتر، وأسس موقع ويكيليكس لنشر ما خفى من وثائق وصور سرية، والتى تجاوز عددها عدة آلاف لفضح قادة ودول بعينها أمام العالم، وقد دشنت هذه الحادثة لنوع جديد من الحروب يطلق عليها الآن حروب الجيل الرابع والخامس، والتى تتسبب فى خلخلة أنظمة وانهيارات اقتصادية واجتماعية واندلاع المزيد من الثورات والاحتجاجات، وهذا يفسر ما نشهده الآن على الساحة الدولية من أحداث وقلاقل. ولكى تكتمل القصة فلابد لها من نهاية والأفضل أن تكون درامية ولإضفاء قدر من المصداقية يجب جعلها قضية رأى عام، وهذا يفسر مطالبات آلاف من نشطاء التواصل الاجتماعى بالإعفاء عنه وتمكينه من مغادرة سفارة الأكوادور فى لندن، والتى سمحت له بالإقامة الدائمة، بعد صدور قرار بالقبض عليه ليس بسبب ما نشره من وثائق ولكن بسبب مذكرة توقيف أوروبية لارتكابه جريمة اغتصاب لسيدة سويدية، وقد تسببت قضية أسانج فى حدوث مجادلات سياسية وقانونية عبر شبكات التواصل الاجتماعى وبكل لغات العالم خاصة بعد أن تقدم أسانج بمذكرة طعن فى الحكم الصادر ضده أمام اللجنة القانونية التابعة للأمم المتحدة والمختصة فى التحقق من مدى التزام الدول والمنظمات والهيئات بحقوق الإنسان، والتى أصدرت حكمها منذ أيام بأن احتجاز أسانج بدون أن يرتكب جريمة عملا تعسفيا ويستوجب الإفراج عنه وتعويضه عما لحق به من أضرار نفسية وجسدية، وقد سارع أسانج بمقاضاة كل من بريطانيا والسويد للحصول على التعويض المناسب وقد رفضت كلتا الدولتين الحكم الصادر من الهيئة الدولية وأعلنتا القبض عليه فور خروجه من مخبئه، حيث إن جريمة الاغتصاب وفقا للقانون السويدى لا تنتهى مدتها القانونية حتى عام 2020. وقد طالب توماس أولسون محامى أسانج الدولتين باحترام القرارات الصادرة من الأممالمتحدة. وجدير بالذكر أن وثائق أسانج تسببت فى فضح الدبلوماسية الدولية وإشعال الصراعات الداخلية والإثنية والعرقية فى أنحاء العالم، وهكذا تحقق الحلم الأمريكى فى إعادة هيكلة دول العالم من جديد خاصة بعد أن أعيتها التدخلات العسكرية والأزمات المالية والصفقات المشبوهة، ولهذا السبب فهى لم تصدر قرارا حتى الآن بإغلاق موقع ويكليكيس الذى أعلن عن امتلاكه لملايين الوثائق المسربة والصالحة للنشر وأنه لا يسمح بنشر إلا الوثائق المحققة، وما زالت التسريبات مستمرة حتى الآن، والقرار الوحيد الذى صدر بالسجن لمدة 35 عاما كان ضد المتهمة الثانية شيلسى مانينج والتى كانت تشغل منصب مساعدة أسانج.. لاتعليق !!