اختتمت إسرائيل عام 2015، باستهداف 6 رجال من عناصر المقاومة الفلسطينية خارج أراضيها، الأسبوع الماضي، وللمرة الثانية تعلن مسئوليتها عن استباحة الأجواء السورية دون رادع، بعد قصفها المطار الدولى لدمشق. وزعمت «صحيفة هآرتس» إنه بعد اغتيال إسرائيل لأحد أهم عناصر المقاومة الفلسطينية بسوريا وأخطرهم على الأمن الإسرائيلي، سمير القنطار، دارت مكالمات هاتفية بين رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، للتنسيق بين البلدين للقضاء على المزيد من المجاهدين الفلسطينيين داخل حزب الله أو غيره من الجماعات الإسلامية، على أن يكون هذا التنسيق مستمرا فى المستقبل كونه الطريقة المثلى لمعالجة القضايا الإقليمية. وفور اغتيال القنطار ضربت إسرائيل جنوبلبنان، بحجة الرد على الصواريخ وقذائف الهاون التى ألقاها عليها حزب الله على مستوطنات الجليل الغربي، انتقاما من مقتل القنطار، حيث حمل جيش الاحتلال الجيش السورى المسئولية عما حدث، مؤكدا أن سوريا ستواصل التحرك ضد إسرائيل كمحاولة لإلحاق الضرر بسيادة وأمن وطنها، وقررت من هنا إسرائيل فتح ملاجئ فى نهاريا لتجنب أى مخاطر محتملة والمساهمة فى إشعار الشعب الإسرائيلى بالأمان. وعلى الجانب الآخر، جاء رد فعل حزب الله على اغتيال القنطار، متحفظا بعض الشىء بعد إعلانه تأجيل الانتقام، رغبة فى عدم فتح جبهة حرب جديدة ضد إسرائيل، ليكون رده متوازيا ومتفقا مع رد رؤساء الطائفة الدرزية التى ينتسب إليها القنطار. إلا أن بسام القنطار، شقيق سمير القنطار، توعد إسرائيل بالانتقام، مؤكدا أن ما حدث لن يمر دون عقاب، بصفته ناشطا فى الجبهة الشعبية، كما هدد مجموعة من الفلسطينيين بالانتقام، وعلى رأسهم المتحدث باسم لجان المقاومة الشعبية، أبو مجاهد، الذى أكد أن القضاء على القنطار لن يمر دون حدوث تصفية حسابات مع العدو الإسرائيلي. جاء هذا فى الوقت الذى وصفت فيه إيران عملية الاغتيال بالإرهاب المنظم التابع لدولة إسرائيل الصهيونية، وأن هذا ليس بجديد عليها، حيث إن الجرائم والوحشية صفة لا تتجزأ من صهيونيتها، داعية المجتمع الدولى والمنظمات الدولية بإدانة جماعية للعمل الإسرائيلى الإجرامي، رغم أنها سحبت قواتها من سوريا فور حادث الاغتيال بحجة وجود خسائر كبيرة تكبدها الحرس الثورى وتزايد عدد الجنود المصابين، الأمر الذى يثير غضب الرأى العام فى إيران. ووسط تلك الأجواء كثرت المزاعم الإسرائيلية التى تحاول بها إسرائيل إظهار نواياها الحسنة، فقد جاء تقرير لصحيفة «معاريف» تزعم فيه أن عددًا كبيرًا من المعارضين للرئيس السورى بشار الأسد أعلنوا اعترافهم بإسرائيل، بعد اغتيال القنطار، بسبب أنه رمز هام من قوات المشاركة فى قمعه للشعب السوري، وبالتالى تتصور إسرائيل الآن أن هجومها هذا على سوريا أو لبنان من شأنه أن يساهم فى تحسين صورتها فى الخطاب العربى بالشرق الأوسط، فالقنطار كان يعد ناشطا سوريا مقربا من الجبهة الجنوبية للجيش السورى الحر. كما زعمت صحيفة هآرتس فى تقريرها التى نشرت فيه مقابلة قديمة لها مع القنطار، عام 1995 أثناء أسره فى سجون الاحتلال، أنه اعترف بدولة إسرائيل قائلا: «يجب علينا أن نقبل بإسرائيل كأمر واقع، وقرار تنفيذ عمليات انتحارية ضد المدنيين الإسرائيليين كان خطأ»، واصفا كيف تغيرت المحرقة النازية ضد اليهود نظرته للاحتلال. وعلى الصعيد الفلسطيني، يقول القيادى الفتحاوي، دكتور أيمن الرقب، إن إسرائيل خططت منذ سنوات لإغراقنا فى الدم، وتركتنا نقتل بعضنا البعض، فداعش على تخومها، ورغم ذلك لم تحرك ساكنا أو تستنفر جيشها، اختتمته باغتيالها للأسير المُحرر سمير القنطار لبنانى الجنسية ودرزى الطائفة والمقيم فى سوريا. وأشار إلى أنه كان متوقعا الرد الباهت من قبل حزب الله اللبنانى أو المقاومة الوطنية الدرزية المقيمة بسوريا، وبالتأكيد لم يكن هناك ردا من قبل النظام السورى على هذه العملية، لأن النظام لا يستطيع فتح جبهة مع دولة الاحتلال، ولم تجر العادة أن يقوم النظام السورى بالرد على هجمات دولة الاحتلال على الأراضى السورية من قبل. وأضاف الرقب، أن ما حدث من قبل دولة الاحتلال والرد من الجنوباللبنانى لن يُصعد لحرب، فالطرفان غير مستعدين لذلك، والأمر كما أعتقد أنه انتهى، وإسرائيل تستغل جيدا المتغيرات فى المنطقة العربية وتكيفها لصالحها، وقد عززت الخلافات الداخلية فى الدول العربية لتحقق أهدافها بكل سهولة. وصرح القيادى الفتحاوى، جهاد الجرازين، بأن الاغتيالات التى تقوم بها دولة الاحتلال فى بعض الدول العربية التى توجد بها أحداث خاصة مثل سورياولبنان تأتى فى سياق السياسة الإسرائيلية المتبعة منذ زمن، ألا وهى توجيه الضربات الاستباقية لأى خطر قد يحدث أو يهدد مصالح دولة، بجانب أن لديها استراتيجية عسكرية تتمثل فى نقل المعركة خارج أراضيها حتى لا تؤثر على الجبهة الداخلية. وأكد الجرازين أن عمليات الاغتيال التى تمارسها دولة الاحتلال فى سورياولبنان تأتى فى سياق استغلال الظروف التى تمر بها كلا البلدين مستغلة فوبيا الإرهاب التى اجتاحت العالم محاولة التخلص من كل الأشخاص الذين يشكلون هاجسا لدولة الاحتلال كما تدعى هى بالاضافة إلى توجيه رسالة إلى الكافة بأن هذه الدولة لا تزال تحافظ على قوة الردع والضربة الاستباقية والتفوق العسكرى والأمنى والاستخباراتى وبأنها قادرة للوصول إلى أى شخص يهدد أمنها حاليا أو مستقبلا.