مصير جامبيا هو بين يدى الله.. وابتداء من اليوم فإن جامبيا دولة مسلمة.. وسنكون دولة مسلمة تحترم حقوق المواطنين.. هذه التصريحات أبرزتها الصحف والمواقع العالمية لرئيس جامبيا «يحيى جامع» الأسبوع الماضى، حيث أعلن الرئيس أن بلاده دولة إسلامية، على الرغم من أن هذا القرار لا يغير كثيرًا من وضع هذه الدولة الفقيرة، حيث يشكل المسلمون 90% من السكان، فى البلد الذى يبلغ عدد سكانه نحو مليون و960 ألف شخص، مما يثير التساؤل حول سبب إعلان الرئيس لهذا القرار فى الوقت الحالى. جامع قال فى تصريحات تعليقًا على هذا القرار، إنها خطوة تهدف إلى تخليص جامبيا بشكل أكبر من ماضيها الاستعمارى، وأضاف: «تماشيًا مع الهوية والقيم الدينية للبلاد أعلن جامبيا دولة إسلامية، نظرًا لأن المسلمين يمثلون أغلبية فى البلد، فلن تستطيع جامبيا مواصلة الإرث الاستعمارى»، واستطرد فى تصريحاته المثيرة للجدل «اقبلوا بدين الله دينًا لكم، كنمط لحياتكم غير قابل للنقاش.. واسمحوا لى أن أقول بكل وضوح إن هذا لا يعنى أنه لا يجب على المسيحيين أن يمارسوا شعائرهم الدينية.. سيحُترم المسيحيون كما يجب، والاحتفال بعيد الميلاد سيبقى كما هو عليه». وبعيدًا عن تصريحات الرئيس، لا يبدو هذا القرار مفاجئًا لمتابعى هذه الدولة الفقيرة التى يحكمها جامع بعد انقلاب عسكرى قام به منذ أكثر من 20 عامًا، حيث تحولت لأكثر الدول الأفريقية بؤسًا وشقاء، بسبب سياسته التى تقوم على القمع، مما جعل جامبيا تحتل المركز 165 من بين 187 دولة فى مؤسسة الأممالمتحدة للتنمية. وطبقًا لتقرير حديث لمنظمة «هيومان رايتس ووتش»، فإن حكومة جامبيا ترتكب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان ضد المعارضين السياسيين، مما يدعم مناخ الخوف والقمع، وطبقًا للتقرير، تنفذ القوات الأمنية عمليات القتل غير القانونية، والاعتقالات التعسفية، كما يختفى الناس قسرًا، مما تسبب فى فرار المئات من هذا البلد الصغير، الذى اشتهر دوليا كوجهة للسياحة. وقد تسببت سياسة الرئيس القمعية فى تدهور علاقته بالغرب فى السنوات الأخيرة، وقد ووُجهَت انتقادات دولية لهذا البلد بعدما أعدم سجناء عام 2012، إلا أن الرئيس الجامبى اتهم الولاياتالمتحدة وبريطانيا بالتحريض على محاولات انقلاب ودعم المعارضة، وفى عام 2014 علق الاتحاد الأوروبى بشكل مؤقت أموال المساعدات لجامبيا، بسبب ما وصفته أوروبا بسوء سجلها فى مجال حقوق الإنسان. ولفرض سيطرته بشكل كامل على البلاد، يجمع الرئيس الجامبى بين عدد من الصلاحيات، فهو القائد الأعلى للقوات المسلحة، ووزير الدفاع، ووزير الزراعة، كما يتمتع بصلاحيات تشريعية وأمنية واسعة، ولا يقتصر الأمر على ذلك فقط، إذ يدعى أيضًا قدرته على شفاء الأمراض، فطبقًا لما ذكرته «بى بى سى»، فقد أعلن فى 2007 توصله لعلاج بالأعشاب لمرض الإيدز! كما يؤمن الرئيس - الذى يظهر دائمًا مرتديًا زيًا أبيض فضفاضًا، ويحمل فى كل جولاته عصا خشبية غليظة - بالدجل والسحر، فكما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية فى أحد تقاريرها، نقلًا عن منظمة العفو الدولية، فإن عشرات وربما مئات من الجامبيين اختُطفوا من قراهم، وأُخذوا إلى مواقع سرية، وتم إجبارهم على تناول خليط كريه الرائحة جعلهم يصابون بالهلوسة، وبحسب الصحيفة، كان الهدف طرد السحرة الذين كانوا يؤذون البلاد – بحسب اعتقاد الرئيس الجامبى. وعودة إلى قراره الأخير بإعلان بلاده دولة إسلامية، ذكرت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية أن قرار الرئيس «يحيى جامع» باعتبار بلاده دولة إسلامية، يتناقض مع دستور البلاد الذى ينص على أن جامبيا دولة علمانية، ونقلت الصحيفة عن أحد معارضى الرئيس الذى ينتمى لحزب المصالحة الوطنية قوله إن الدستور ينص على أن جامبيا دولة علمانية، ولا يمكن تغيير ذلك قبل إجراء استفتاء شعبى.