لا يزال ال «بلاك فرايداى» أو «الجمعة السوداء» كما يسميها الأمريكيون، تثبت منذ ظهورها منذ عشرات السنين أن تخفيض الأسعار يعنى مبيعات ومكاسب ضخمة ليكون الانفراجة السنوية الكبرى للتجار والمستهلكين، محطمة الكساد التجارى وغلاء الأسعار، على الرغم من احتجاج العديد من النقابات العمالية بالولاياتالمتحدة والتهديد بالإضراب عن العمل فى هذا اليوم، نظرا لظروف العمل القاسية خلاله، وما يتعرضون له من ضغوط كبيرة بسبب أعداد الجماهير الضخمة والهائجة، إلا أن الخصومات التى تقدمها المتاجر والتى تصل ل90% لم تمنع الجماهير الغفيرة من الهجوم على المتاجر والمحال ومن قبلها الأسواق الإلكترونية خلال الجمعة السوداء التى وافقت هذا العام 27 نوفمبر الماضى، واستمرت عروضها إلى ما يعرف ب «سايبر مانداى» أو «الاثنين الافتراضى» موافقا 30 نوفمبر، بواقع 4 أيام من الانخفاض الحاد للأسعار. والجمعة السوداء والمعروف عالميا ب «البلاك فرايداى» بميعاده السنوى فى آخر جمعة من شهر نوفمبر، فى اليوم التالى لعيد الشكر، مفتتحا موسم الشتاء التسويقى وموازيا لبدء شراء هدايا عيد الميلاد، تعود قصة اعتياده السنوى لعام 1869 إثر الأزمة المالية التى تعرضت لها الولاياتالمتحدةالأمريكية آنذاك مما سبب خسائر وكسادا تجاريا دفع التجار لتلك الفكرة التى خففت حدة الخسائر بتقديم تخفيضات كبيرة تمثل للمستهلكين فرصة كبيرة، ومن ثم انتقلت الجمعة السوداء إلى الدول الأخرى. واختلفت تفسيرات سبب تسميته بهذا الاسم ما بين اعتياد التجار كتابة خسائرهم فى هذا اليوم فى الدفاتر بالحبر الأسود نظرًا لخفضهم الأسعار عن معدلات المكسب وهامش الربح، وبين رأى آخر يفيد بأن شرطة ولاية فيلادلفيا كانت وراء تسمية هذا اليوم بالجمعة السوداء عام 1960 بسبب التكدس المرورى وانتشار المشاجرات والزحام الشديد فى هذا اليوم. ويبدأ هذا اليوم من ليلة الخميس استعدادا للتوجه فجرا للمتاجر حيث يصطف الناس ويتجمهرون أمامها وقبل أن تفتح أبوابها لاقتناص أكبر عدد من الفرص الشرائية وتحقيق السبق فى الحصول عليها قبل الآخرين وقبل نفاد العروض التى تستمر حتى نفاد المخزون لدى التجار، وهو ما يصاحبه العديد من المفارقات ما بين التزاحم المرورى والقفز والهرولة لالتقاط المنتجات، وحتى المئات من أشكال الشغب والشجار والمعارك والتعدى بالضرب، وهو ما قد يصل فى النهاية للاستعانة بالشرطة. أشهر مشاجرات هذا العام ما سجلته كاميرات المتاجر وظهر فى أحداها رجلان يتبادلان الضربات فى أحد المطاعم فى مركز سانت ماثيوس التجارى وسط الزحام فيما تدخلت الشرطة واستطاعت فض الشجار. وحصدت الولاياتالمتحدة ما يزيد على 12 مليار دولار خلال جمعة هذا العام، ليكون لها النصيب الأكبر من المبيعات الدولية، أما المملكة المتحدة التى لم تعرف الجمعة السوداء إلا منذ خمس سنوات فقط فوصلت مبيعاتها من خلال الانترنت فقط إلى ما يزيد على 1 مليار جنيه استرلينى، بحسب صحيفة الجارديان، بزيادة بنسبة 36% عن العام الماضى، وأعلن موقع التسوق الأشهر عالميا «أمازون» عن بيع 7.4 مليون منتج خلال هذا اليوم بزيادة 5.5 مليون قطعة عن العام الماضى، فى حين وصلت المبيعات الإجمالية للمملكة المتحدة خلال فترة الأربعة أيام، من الجمعة السوداء وحتى الاثنين الافتراضى، ل 3.5 مليار جنيه استرلينى، بخلاف فرنسا التى ذكرت صحيفة «لو فيجارو» ما يفيد بزيادة مبيعاتها عبر الانترنت 25% خلال هذا اليوم عن العام الماضى. ويشير بعض المتخصصين، إلى أن إقبال الجماهير على السلع ذات العروض المغرية يصل لاقتناء العديد من المنتجات التى قد لا يحتاجونها فعليا، ولكنه أمر بلا شك يعود بالنفع الكبير على الكثير من دول العالم واقتصادها الذى يتأثر وينتعش.