تتغير من جديد إحداثيات المسرح السياسى الدولى مع قرب انتهاء المدة الرئاسية للرئيس الأمريكى باراك أوباما، والتى لا تتجاوز بضعة أشهر ليتأكد من جديد فشل الإدارة الأمريكية الحالية فى الوفاء بعهودها التى قطعتها أمام الناخب الأمريكى، بل وقد يتجاوز هذا الإخفاق لحد قد يهدد الوجود الأمريكى نفسه على الساحة الدولية، لاسيما مع تزايد العداء الشعبوى لها، والذى بات واضحا مع تزايد حدة الأزمات الاقتصادية المتوالية وفشل التوجهات السياسية وجمود الرؤى، ليحصد (وحيد القرن) بنفسه محصلة حساباته الفاشلة وتجاهله المتعمد للإرادات الشعوبية وتقاعسه عن مكافحة الإرهاب الدولى رغم تظاهره بمحاربته لدرجة أفقدته للعديد من مؤيديه من الدول الغربية، والتى باتت تعانى من تسونامى المهاجرين وأصبحت تحتاج لحل سريع وجذرى، وهذا يفسر التخبط والصمت أحيانا الذى جاء على لسان رؤساء تلك الدول خاصة بعد التدخل العسكرى الروسى الأخير فى سوريا والذى وصفه العديد من الخبراء بأنه أسهم فى تصعيد الدور الروسى فى منطقة الشرق الأوسط وذلك على حساب الوجود الأمريكى، وهو ما اعتبره البعض دليلا على قرب تهاوى وحيد القرن وسقوطه، كما وصفه البعض الآخر بأنه بروسترايكا أمريكية مشابهة لتلك التى سنها ميخائيل جورباتشوف آخر رئيس للاتحاد السوفيتى وتسببت فى انهيار وتحلل الاتحاد السوفيتى السابق وانفراد الولاياتالمتحدة بقيادة العالم، وكأن التاريخ يعيد نفسه ولكن بأسماء أخرى، وتعلق مجلة (ذا ويك) الأمريكية على التدخل الروسى فى سوريا بأنه يؤكد رغبة روسيا فى تهديد المصالح الجيوستراتيجية الأمريكية فى الشرق الأوسط وأنها لعبة ذكية من الرئيس الروسى بوتين استغل فيها أخطاء الرئيس أوباما وتردده حتى لو حاول البعض تبرير هذا التراجع الأمريكى بأنه مراوغة سياسية تهدف لإسقاط روسيا فى المستنقع السورى، كما اتهمت مجلة الشروق التونسية فى إحدى مقالاتها الافتتاحية السياسة الأمريكية بأنها تسببت فى تدمير العراق وليبيا وأغرقت سوريا فى الفوضى وأن الرئيس الروسى استغل تجاهل أوباما لتلك الحقائق ووقوعه فى سلسلة من الأخطاء أدت لتخلى حلفائه الأوربيين عنه وتعلق أنظارهم بالمنافس الروسى الذى أعلن عن تكفله بمحاربة الإرهاب، وتجاوزت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية حد النقد لتوجيه اللوم للرئيس الأمريكى واصفة إياه بأنه أصبح كالدمية فى يد الرئيس الروسى يحركها كيف يشاء، ضاربا عرض الحائط بالمصالح الأمريكية حتى لو تظاهر الرئيس أوباما بالنقد للتدخل الروسى فى أوكرانياوسوريا أثناء حضوره مؤخرًا لاجتماعات الأممالمتحدة لتكون محاولة أخيرة تهدف لكسب الرأى العام الدولى وتحسين صورته أمام المجتمع العالمى.. ولكن هناك فرق كبير بين الأقوال والأفعال!