ليس خافيا أن الانتخابات البرلمانية القادمة والتى ستكتمل بها خريطة الطريق تمثل أهم انتخابات برلمانية عرفتها مصر . بدون خوف من الوقوع فى فخ المبالغة يمكن أن نقول إن هذه الانتخابات إما أنها ستقود مصر إلى طريق السلامة أو طريق الندامة! وليس خافيا أن السبب الرئيسى فى تلك المخاوف المشروعة من نتائج الانتخابات القادمة هو حزب النور الذى يعرف الجميع أنه حزب قائم على أساس دينى وأن يمثل الجناح السياسى للسلفيين.. وأنه فى النهاية يحاول أن يصلح ما أفسده الإخوان ويجنى الثمار التى فشلوا فى الحصول عليها! ويصبح السؤال الذى سيفرض نفسه بقوة خلال الأيام القادمة: هل سينجح السلفيون فى اختطاف مصر كما اختطفها الإخوان من قبل؟!نوايا السلفيين ظهرت مبكرًا على أية حال.. وقد ظهر ذلك واضحًا من خلال قيام حزب النور بتوزيع دواء سوفالدى المعالج لفيروس «سى» على المرضى بالمجان! قيادات حزب النور تنفى أن يكون توزيع دواء سوفالدى على المرضى امتدادًا لسياسة الإخوان التى اعتمدوا عليها فى الحصول على أصوات الناخبين.. سياسة الزيت والسكر.. لكن الحقيقة أن المنطق يكذبهم فقد تزامنت عملية سحب عقار سوفالدى من الأسواق وتوزيعه بالمجان مع فتح باب الترشح لانتخابات مجلس النواب القادمة.. ومن ثم فإن ما فعله حزب النور لا يخرج عن كونه محاولة لشراء الأصوات أو بتعبير أدق.. رشوة الناخبين.. تمامًا كما استخدم الإخوان من قبل الزيت والسكر لرشوة الناخبين. المشكلة أن توزيع السوفالدى أخطر بكثير من توزيع الزيت والسكر! الخسارة الوحيدة الناجمة عن توزيع الزيت والسكر هى استيلاء الإخوان على مقاعد البرلمان.. أما توزيع السوفالدى فلا يتسبب فقط فى استيلاء السلفيين بطريقة غير مشروعة على مقاعد البرلمان وإنما يُعَرِّض حياة الناخبين المرضى للخطر. الأطباء يؤكدون أن دواء السوفالدى لابد أن يتم استخدامه تحت إشراف الأطباء المختصين هم وحدهم الذين يقررون إذا كانت حالة المريض تستدعى استخدام أدوية أخرى مساعدة أم لا.. وهم وحدهم الذين يقررون المدة اللازمة لاستخدام العقار الجديد.. أما أن يحصل المريض على الدواء ويستخدمه بدون إشراف الأطباء المتخصصين فإنه فى النهاية يؤدى إلى تمحور الفيروس فيتحول إلى خطر داهم على المرضى وعلى الصحة العامة. وهذا الكلام ليس له إلا معنى واحد.. أن قيادات حزب النور أو قيادات السلفيين لا يهمهم صحة المرضى أو الصحة العامة وإنما كل الذى يهمهم هو التلاعب بمشاعر المرضى ودغدغة آمالهم فى الشفاء.. للحصول على مقاعد البرلمان. والحقيقة أن عقار السوفالدى لا يمثل المظهر الوحيد الذى يكشف حقيقة نوايا حزب النور أو السلفيين عمومًا.. فقد انكشفت هذه النوايا من خلال استيلاء حزب النور على أحد المساجد بمحافظة كفر الشيخ وتحويل أدواره العليا إلى مراكز لتوزيع الأدوات والملابس المدرسية على المواطنين الغلابة.. الناخبين! نفس أساليب الإخوان.. هل نبالغ لو قلنا إن الإخوان والسلفيين وجهان لعملة واحدة؟!أكدت الأحداث أن السلفيين شاركوا بأعداد كبيرة فى اعتصامات رابعة والنهضة.. وقد اعترف أحد قيادات حزب النور بأن أغلب القتلى فى ميدان رابعة العدوية كان من السلفيين. فى نفس الوقت قام المتحدث باسم الجبهة السلفية بالإعلان عن مشاركة السلفيين فى فعاليات ذكرى فض اعتصام رابعة. المتحدث السلفى لم يكتف بذلك ولكنه أعلن عن ترحيبه بأى دعوة حقيقية تقف فى وجه النظام الحالى.. على حد تعبيره. ثم أنه ليس سرًا أن السلفيين يمثلون جزءًا فعالا ومؤثرًا من التحالف الذى يطلق عليه تحالف دعم الشرعية.. وهو فى حقيقته تحاف لدعم الإخوان. مرة أخرى وبدون الخوف من الوقوع فى فخ المبالغة نستطيع أن نقول إن التيار السلفى أخطر من جماعة الإخوان فهو صاحب الأفكار المتشددة والتكفيرية.. وليس سرًا أن تنظيم القاعدة وتنظيم داعش خرج من عباءة التيار السلفى! ولا يُخفى التيار السلفى أنه يسعى لحكم مصر بأى طريقة وبأى ثمن.. وهو يتصور أن البداية يجب أن تكون من البرلمان.. لكنه يواجه بما يصطدم بعقائده.. فهو مثلا يكفر الأقباط لكنه يسعى لاستقطاب بعض الأقباط للترشح على قوائمه عملا بمبدأ أن الضرورات تبيح المحظورات. وهو فى نفس الوقت يعتبر المرأة عورة لكنه لا يمانع فى ظهور صور المرشحات المنقبات إلى جانب المرشحات القبطيات على لافتات دعايته الانتخابية.. مستخدمًا نفس الحجة.. الضرورات تبيح المحظورات! وليس سرًا أن هناك خلافًا تفجر مؤخرًا بين شباب السلفيين وقيادات السلفيين بسبب موقف حزب النور من الأقباط والنساء. وليس سرًا أن قيادات السلفيين يحاولون احتواء غضب الشباب السلفى وإقناعه بأن موقف حزب النور من الأقباط والنساء لا يعبر عن حقيقة عقائده وإنما هو مجرد موقف سياسة هدفه الوصول إلى الأغلبية فى البرلمان عملا بمبدأ.. الضرورات تبيح المحظورات! وليس أدل على حقيقة نوايا حزب النور أكثر من إصرار قيادته على إنكار أنه حزب قائم على أساس دينى.. فهم مستمرون فى استخدام سياسة اللف والدوران والادعاء بأن الحزب ليس حزبًا دينيًا وإنما هو حزب قائم على مرجعية إسلامية.. هل ينجح السلفيون كما نجح الإخوان من قبل؟!أصبح الشعب المصرى أكثر وعيًا بحقيقة هذه التيارات الدينية المتشددة.. وأصبح أكثر إيمانًا بأن كل هذه التيارات الدينية ليس هدفها الدعوة وإنما الوصول إلى الحكم بأى طريقة وبأى ثمن.. ومن المؤكد أن تجربة الإخوان زادت من وعى الشعب المصرى بحقيقة هؤلاء الذين يستخدمون الدين وسيلة للحكم.. لكن يبقى الخطر موجودًا!يستطيع المصريون أن يواجهوا السلفيين كما واجهوا الإخوان.. ويستطيع المصريون أن يهزموا السلفيين كما هزموا الإخوان. المشكلة الوحيدة إذا فاز السلفيون بالبرلمان.. أن مصر ستتعطل وهى تعيد تصحيح مسارها. كفانا تأخير !