لم يكن مفاجئا أن تفوز الرائعة «جوليان مور» بأوسكار أفضل ممثلة فى دور رئيس عن فيلم « still alice»، فقد جسدت ببراعة معاناة امرأة تصاب بمرض الزهايمر فى سن الخمسين، تتآكل ذاكرتها وذكرياتها تدريجيا رغم مساندة زوجها وابنائها، عبرت جوليان مور عن مشاعر معقدة تجمع بين الإحباط والهلع واليأس والثورة والغضب والألم، لم يفلت منها مشهد واحد، الفيلم بأكمله جيد ومؤثر، الطريقة التى رسمت بها الشخصية ساعدت جوليان كثيرا فحصدت عن هذا الدور وحده حوالى 25 جائزة، و14 ترشيحا، من أبرز جوائزها، بالإضافة إلى الأوسكار طبعا، جائزة جولدن جلوب كأفضل ممثلة فى فيلم درامى، وجائزة البافتا لأفضل دور رئيسى، وجائزة جمعية ممثلى الشاشة لأفضل ممثلة، وحصلت على جائزة ممثلة العام من هوليوود فيلم، وأفضل ممثلة من جمعية شيكاجو لنقاد الفيلم، وأفضل ممثلة ضمن جوائز اختيار النقاد، وجائزة من مهرجان بالم سبرنجز السينمائى الدولى، بالإضافة إلى ترشيح لجائزة الروح المستقلة لأفضل دور نسائى. تلعب جوليان فى الفيلم دور سيدة تدعى «أليس» تعمل كأستاذة للغويات فى الجامعة، فى عيد ميلادها الخمسين تبدو الأمور عادية، ولكنها تفتقد الكلمات أثناء محاضرة لها، ثم تتوه عن نفسها ومكانها أثناء ممارسة الجرى، بعد التحاليل والفحوصات والأشعة، يشخص أستاذ الأعصاب حالتها بأنها إصابة مبكرة نادرة بمرض الزهايمر، الذى يصيب عادة من هم فى سن الشيخوخة وليس الأشخاص فى سن الخمسين، يغير هذا الخبر حياة جوليان السعيدة مع زوجها وأولادها الثلاثة، يصبح للمأساة وجه آخر وهى تأكيد الطبيب أن أبناء «أليس»، وهم فى سن الشباب، سيرثون مرضها مستقبلا، نتابع معاناة امرأة تتحول ذاكرتها إلى اللون الأبيض، تفقد عملها حيث تتوه منها العبارات، وتعجز عن ربط الكلمات، ابنتها «ليديا» التى تعمل كممثلة مسرحية فى لوس أنجلوس تعود للإقامة مع أمها، يكتشف الاثنان بعضهما من جديد، تنضم أليس لإحدى جمعيات مرضى الزهايمر، لايتوقف تدهور الذاكرة، تنسى أحيانا ابنتها، بل وتنسى مكان الحمام فى منزلها، تنقل جوليان مور تفاصيل المعاناة بكل قسوتها، تترجم معنى أن يكون الإنسان بلا ماض أو مستقبل، وأن يعيش اللحظة فقط ثم تضيع اللحظة أيضا عندما تمر وتصبح ماضيا، يعيد الفيلم تأمل حياة الإنسان بلا ذاكرة، يجعله مثل طفل تائه يبحث عمن يدله على الطريق، المفارقة أيضا أن «أليس» التى كانت تتحكم فى اللغة والعبارات بحكم تخصصها، أصبحت تستغرق وقتا فى البحث عن كلمة واحدة، زوجها المحب ( اليك بالدوين) يساعدها ويرفع عنها الحرج، وجهاز المحمول يذكرها بكلمات مكتوبة، وليديا تدعم أمها نفسيا، عمل مؤلم ومؤثر للغاية، يذكرنا بفيلم قديم لجولى كريستى بعنوان «بعيدا عنها»، الإنسان بلا ذاكرة وماض لا يساوى شيئا.